أعلنت جوجل منذ فترة عن أداة تطوير جديدة لمنصة تطبيقاتها على نظام الموبايل الخاص بها الأندرويد باسم App Inventor أو مخترع التطبيقات وهي أداة تسمح لأي شخص لديه المبادئ الاساسية او حتى المبتدئ في التطوير من الذين لا يجيدون عملية كتابة الاكواد البرمجية بانشاء تطبيقات موبايل بكل سهولة بواسطة عملية السحب والافلات لعناصر التطبيق الجاهزة ثم تخصيصها بما يتناسب مع مواصفات التطبيق ضمن عملية مرئية بحتة Visual

موقع أردوريد قام بشرح وافي وموضوعي لهذه الأداة الجديدة

من المعلوم ان عملية تطوير التطبيقات لأي منصة كانت سواء للموبايل او للحاسوب او غيرها قد تطورت بشكل كبير في هدف منها لتسريع عملية التطوير مع الابقاء على نفس المخرجات ولذلك ظهرت العديد من اساليب البرمجة وظهرت لنا العدد البرمجية SDK وبيئات التطوير المتكاملة IDE وظهرت لنا داخلهما الكثير من الأدوات التي تساعد المبرمج والمصمم على انهاء عملهم باسرع وقت ممكن وباقل تكلفة ممكنة معتمدة على ميزة اخرى وهي التنقيح الالي للأخطاء والاكمال التلقائي للاكواد واستخدام المكتبات البرمجية الجاهزة.

وشاهدنا بالفعل امثلة على هذه في مجالات عديدة وابرزها Visual Studio من مايكروسوفت، و Xcode من أبل، وننظام المصدر المفتوح Eclipse وفي مجال تقصي الاعمال BI شاهدنا نظام Cognos من اي بي ام IBM حيث بالامكان انشاء تقارير متقدمة جدا باقل جهد او بلا كتابة اكواد.

الا ان كل الاساليب السابقة لا بد فيها من التدخل البرمجي الجراحي-ان صح التعبير- اي لا غنى فيها عن عملية التكويد والبرمجة مما يشق على غير المتخصصين.

لذا اتت جوجل بهذه الاداة الجديدة الخاصة بنظام الموبايل الاندرويد في سعيها لكسب المزيد في حربها التنافسية في هذه السوق المهم والحيوي مع ابل وغيرها ولكسب المزيد من المطورين وللقفز اكثر في مجال متجر البرامج الذي تتفوق فيه ابل بالكمية وبالنوعية وبالاقتصاد النوعي السوقي الذي خلقه متجر البرامج في الاي فون وبما كسبه المطورون منه.

الا ان هذه الأداة هي سيف ذو حدين غالبا اذ انها في الغالب تخرج لنا كمية على حساب الجودة (كما ذكر ذلك العديد من الاخوة) ان لم يتم تقنينها بشكل مناسب واعطائها المزيد من القدرات العالية. ولاشك ان خبراء البرمجة التقليدية لن تعجبهم هذه الخطوة والتي سيرون فيها حطا من برامجهم ومساواتها مع برامج ذات قدرات محدودة! لكنها حتما اداة مهمة جدا للطلاب تساعد على اطلاق خيالهم في هذا المجال المهم وزيادة ابداعهم حول تطبيقات الهواتف الذكية وتمثل مدخلا مهما لهم للتطوير المتقدم بواسطة التكويد التقليدي.

كانت ابل قد سبقت زمنها كثيرا عندما طرحت في عام ١٩٨٧م وقبل ظهور شبكة الويب وقدراتها التفاعلية تطبيقا يمكّن اي كان من انشاء برامجه الخاصة وبدون الحاجة لعملية التكويد، هذا البرنامج الشهير هو هايبر كارد HyperCard والذي تمكن في وقتها الجميع من انشاء تطبيقات قيمة جدا بل وحتى العاب وبحسب ماكتبه الاخ المدون سردال قديما عن هذا التطبيق:

كانت أبل تضع برنامجاً رائعاً مع حواسيبها اسمه [هايبر كارد]، هذا البرنامج يمكن الناس الذين لا يملكون أي خبرة في البرمجة من إنشاء قواعد بيانات وبرامج تفاعلية، وللأسف البرنامج عانى من القرارات المتعثرة التي أدت به إلى أن يتوقف ولم تعد أبل تنتجه أو تسوقه وبالتأكيد لا تطوره، وحتى اليوم لا يوجد أي برنامج مماثل، هناك محاولات كثيرة لإنشاء برامج شبيهة لكنها لم تكتسب شهرة هايبر كارد.

هناك لعبة شهيرة أنشأت باستخدام هايبر كارد وهي ميست، لعبة ثلاثية الأبعاد تفاعلية، عليك أن تكتشف العديد من الأسرار والحيل لكي تنهي اللعبة، وهي بالمناسبة إحدى أفضل الألعاب لدي، البعض قام بإنشاء قصص تفاعلية باستخدام هايبر كارد، والبعض استخدمه لإنشاء موسوعة علمية مصغرة، كان الناس يستخدمونها لإنشاء تطبيقات مختلفة ويتبادلونها عبر شبكات BBS وفي الأقراص المرنة للمجلات. (انتهى الاقتباس).

القدرات الذي كان يملكها هذا البرنامج (والذي كان يعمل على الماك فقط) كبيرة جدا رغم ان زمنه كان ممكن ان يستوعب اقل منها بكثير، وكما رأينا بالاعلى كيف انه كان بالامكان تصميم وبرمجة لعبة ثلاثية الابعاد عبره! حيث كان يملك قدرات تضم قواعد البيانات والرسوميات وتخصيص واجهات الاستخدام بكل سهولة وايضا كان يمتلك لغة برمجة سهلة تدعى هايبر توك HyperTalk تشبه الباسكال! (لاحظ انه لم يستغني هذا البرنامج عن عملية التكويد) للأسف توقف التطوير والاهتمام بهذا البرنامج من قبل ابل وكانت اخر نسخة مستقرة من هذا البرنامج في عام ١٩٩٨م وسحب من الاسواق في عام ٢٠٠٤ بل ان ستيف جوبز صرح قبل شهور في مؤتمر All things digital بان الهايبر كارد قد انتهت في وقتها ليس لانها ضعيفة او قليلة الانتشار في تدليله على قرب نهاية الفلاش في الصراع الشهير بينها وبين ادوبي! (رغم ان مجرد ذكره للهايبر كارد قد يدلل على عدم نسيانه لها)

اطلاق app inventor من جوجل دفع المحللين والصحفيين التقنيين الى اعادة طرح السؤال القديم الجديد: هل ستعيد أبل مشروع الهايبر كارد الى الواجهة ردا على اداة جوجل الجديد وفي حلقة جديدة من الصراع بينهما في مجال الهواتف الذكية خصوصا مع ملاحقة شديدة من الاندرويد للاي فون وطرح مايكروسوفت استراتيجية جديدة للويندوز فون ٧ يقول البعض انها قد تطيح بالعملاقين ابل وجوجل!

حيث كتبت Business Insider حول هذا الموضوع تتسائل عن رد ابل المرتقب على جوجل وهل سيكون بهايبر كارد جديد على شاكلة التطبيق الجديد في الاي فون اي موفي iMovie والذي يمكنك من انشاء وتحرير الافلام بكل سهولة ولكن هذه المرة للتطبيقات؟

وهل ستقوم ابل باعطاء الاشخاص العاديين من عديمي الخبرة في البرمجة والتكويد الفرصة لبناء تطبيقات معينة بطريقة سهلة كما قدمتها جوجل ام ستبقي الامر في اطار المطورين المحترفين حفاظا على جودة البرامج (عدد التطبيقات المخصصة للاي فون حاليا في املتجر يتجاوز ٢٥٠ الف وفي متجر الاندرويد سيصل قريبا لمائة الف) فاذا تمسكت ابل بعدم الرد باداة مماثلة فان هذا يثبت نظريتنا ويرسخها اكثر حول ان الاي فون يركز الان على الانتشار الرأسي بينما اداة مخترع التطبيقات من جوجل الجديدة هذه تثبت ان الاندرويد يسعى للانتشار الافقي اكثر.

ويرى التحليل ان انشاء ابل لاداة مثل هذه قد يخل بجودة التطبيقات التي يتميز بها متجر ابل للبرامج في الكثير منه لكنها خطوة مهمة قد تشجع- كما ذكرنا من قبل- مستخدمي مثل هذه الادوات على الولاء اكثر للشركة التي تنتجها وعلى الدخول بشكل اعمق في البرمجة لهذه التطبيقات وتعلم لغتها.(ولا ننسى ان تقديمها لصغر السن وطلاب المدارس سيدفعهم غالبا الى الاكمال في التطوير على منصة الشركة المقدمة لها)

وربما تقسم ابل الموضوع فتوجه المبتدئين لبناء تطبيقات اي فون بواسطة HTML 5 اعتمادا على قدراتها العالية وابقاء المحترفين في خانة التكويد والبرمجة حفاظا على معادلة الجودة لتطبيقاتها.

باعتقادنا ان ابل ربما تعيد احياء الهايبر كارد لكن بطريقة غير مباشرة عبر تطوير اكبر للعدة البرمجية الحالية وبيئة التطوير XCode وتضمينها مميزات جديدة لتسهيل البرمجة للتطبيقات المختلفة وامتلاك ميزات الهايبركارد واكثر منها ايضا.

لكن يبقى هذا النوع من الادوات محدودا في تاثيره للاسباب التالية: (ان لم تتطور قدراته وتتشابه مع قدرات الهايبر كارد في زمنه وبتطور اكبر منه ايضا)

  1.  استهدافه لفئة وشريحة معينة ( الطلاب والمبتدئين )
  2.  قصورها عن بناء التطبيقات المتقدمة والالعاب وهي سوق مهم جدا في متجر البرامج.
  3.  تطور العدد البرمجية الاصلية SDK بشكل يضعف فعالية هذه الادوات.

الا ان اهمية هذه الادوات المرئية هي في كونها عامل تسويق وجذب ومدخل للبرمجة والتطوير للمنصة المستهدفة (اندرويد او iOS) وتمثل مرحلة اولى لا غنى فيها عن الانتقال لمرحلة البرمجة والتطوير الكتابية.

مقالات ذات صلة