في 19 سبتمبر الماضي حقق سعر سهم أبل 702 دولار لتصل قيمة الشركة إلى 645 مليار دولار، وبوصول الآي فون 5 إلى الأسواق والآي ماك الجديد ثم الآي باد ميني والآي باد 4، بدأت أسهم أبل في الانهيار السريع حتى وصلت أمس إلى 417$ وهو يعني خسارة الشركة أكثر من ربع ترليون دولار في 7 أشهر وهو رقم يفوق أكبر ميزانية عربية -السعودية-. فلماذا تنهار القيمة السوقية لأبل رغم إنتاجها أجهزة جديدة؟ وهل ستواصل بلا توقف؟

سواء اتفقت مع أبل أو اختلفت لكنك تعترف أن أبل تختلف عن أي شركة في مجال التقنية لذا تتأثر قيمة الشركة بعدة عوامل غير المبيعات والأرباح ومن هذه العوامل:


مستقبل غامض:

هناك مدارس في البيع للشركات التقنية، مدرسة السوق وهى التي تتبعها “ديل” في الحواسب وشركتي “سامسونج ونوكيا” في الهواتف، هذه المدرسة تقول أن تدرس السوق ثم توفر له احتياجاته. هاتف صغير، كبير، نحيف، سميك، مرتفع السعر، منخفض، ضد الماء والأتربة، الخ الخ… أي أن ما يطلبه المستخدم مهما كان يجده. أما شركة أبل فتتبع فلسفة خاصة بستيف جوبز وهى ألا تهتم بتقلبات مزاج العميل في الأسواق وتعمل على ابتكار منتج جديد وتعرضه في السوق وتجعل المستخدم يقول “كيف كنت أعيش قبل هذا المنتج؟”؛ وهذا ما فعلته مع الآي فون والآي باد وغيرها من المنتجات، لكن مرت 3 سنوات الآن على آخر ابتكار للشركة “الآي باد” وتقوم حالياً بتطوير الأجهزة وهناك فارق بين الابتكار والتطوير، لذا فالمستثمر يشعر أن أبل فقدت نقطة تفوقها وتميزها عن الشركات الآخرى، فحتى إن انتجت أبل الساعة الذكية فكل الشركات الآخرى الآن تعمل على ساعات ذكية وربما ينتجونها قبل أبل، وهو الأمر الذي جعل أبل -في نظر المستثمر- أصبحت كباقي الشركات وهنا لن تستطيع منافستهم.

تفوق أبل مرتبط بالابتكار وليس تطوير المنتجات، إذا قدمت ابتكاراً جديداً ستجد قيمة الشركة تعود سريعاً

تخبط المنتجات:

يعرف عن أبل أنها شركة تقدم منتجات دقيقة فائقة الجودة، ولا يخرج المنتج حتى تتأكد من جودته؛ لكن العام الماضي فوجئنا بنظام iOS 6 الضعيف، والخرائط الفاشلة، وجدنا أشخاصاً كثر يشتكون من حصولهم على آي-فون به عيوب صناعة، تأخر الآي ماك الجديد في الوصول إلى الأسواق حتى اعترف تيم كوك أنه كان يجب تأخير الإعلان عنه، تحديثات للنظام بها عيوب واضحة تجبر أبل على إصدار تحديث سريع كما حدث مع 6.1.1 للآي فون 4S، كما أن الشركة تقدم تحديثات “وهمية” أي لا تجد أي شيء جديد في التحديث. هذه الأمور تشير بوضوح أن لدى أبل مشكلة في الإدارة داخلية وتخبط واضح وفقدان عامل الدقة الشهير، وهذا الأمر ليس سراً فقد أجرت أبل عدة تعديلات في قيادات الشركة، ومؤخراً تدور الشائعات أن تيم كوك المدير التنفيذي لأبل قد يتم فصله قريباً لتدهور الشركة.

ولاء عميل أبل لها يأتي من عدم شكواه من أعطال وعيوب في الجهاز، زيادة الشكاوى تعني فقدان أبل للولاء واحتمالية فقدان العميل.

نمو ضعيف في الأسواق

قبل أشهر أظهرت دراسة احصائية أن أبل تبيع 6% من الهواتف في العالم لكنها تحصل على نسبة 77% من الأرباح نظراً لهامش الربح الضخم في أجهزة أبل، والإحصائيات الحديثة أظهرت انتشار ضخم للهواتف الذكية ونمو كبير في حصص الشركات المنافسة، فبمقارنة الربع الأول من العام الحالي بالعام الماضي يظهر أن سامسونج زادت حصتها في سوق الهواتف الذكية 4.2% أما أبل فالزيادة 0.2% وهو يشير أن سوق الهواتف ينمو لكن حصة أبل تظل ثابته بدون زيادة وهو مؤشر سلبي للمستثمرين وخاصة لأن الآي فون يمثل 53% من دخل شركة أبل. ويذكر أن أبل أعلنت الأسبوع الماضي عن تراجع في الأرباح لأول مرة منذ 10 أعوام.

إذا لم تتقدم إلى الأمام فهذا يعني أنك تعود إلى الخلف، فعدم النمو يعني الإنكماش

الشركة الأسوء في إدارة الأموال

كما ذكرنا في الفقرة السابقة أن أبل لديها هامش ربح ضخم وتعتبر أفضل شركة في العالم في جذب الأموال، لكنها الأسوء في استثمارها؛ فطبقاً لأبل فهامش الربح انخفض حالياً ليصل إلى 37%، لكن أبل تضع 145 مليار دولار في البنوك غير مستغلة في الاستثمارات – إنجلترا تمتلك احتياطي 103 مليار دولار وأمريكا 146 مليار- وربما تحصل أبل على فائدة بنكية 1-2% على هذه الأموال لكنها لا تقارن بأرباحها في الاستثمار. وفي عالم الأعمال وهي دورة رأس المال هامة جداً وترك المال بدون استثمار فشل. أبل تعلم كيف تجلب المال لكن لا تعرف ماذا تفعل به بعدها! لا هي تفعل مثل مايكروسوفت التي تستحوذ على شركات عملاقة مثل سكايب مقابل 8.5 مليار دولار، وتخطط لإقراض “ديل” 2 مليار دولار، ولا جوجل التي تستحوذ كل شهر تقريباً على شركة ناشئة، ولا تفعل مثل سامسونج التي تفتح عشرات المصانع بالأموال التي تحصل عليها. أبل تحصل على المال وتضعه في البنك مثل العاجز عن الاستثمار وهذه كارثة في عالم الأعمال.

أبل قد انتبهت لهذا وقررت البدء في مشروع توزيع الأموال على المستثمرين وشراء الأسهم بقيمة 100 مليار دولار حتى 2015

صحوة أبل

ربما تشعر صديقي القارئ محب أبل أنها النهاية أو تغضب منها لما ذكرناه، لكن ليس هذا ما نقصده؛ فأبل ليست بالشركة الصغيرة، لكننا نحاول تحليل البيانات لتوقع المستقبل، كما فعلنا منذ عام في مقال “احذرى يا أبل أن تركني إلي إنجازاتك” وأيضاً مقال “نوكيا: درس من التاريخ لشركة أبل“، إدارة أبل تعلم المشكلة أفضل منا وتسعى لحلها، فأوقفت إصدار أي أجهزة جديدة أو تحديثات للقديمة حتى تحل مشكلة التخبط وربما تجمع المزايا لتقدم مفاجأة كبرى، كما أن السيولة الضخمة لدى أبل ربما تكون مفيدة في عمليات استحواذ ضخمة، فيكفي أن تعلم أن صافي أرباح أبل في شهرين يكفي لشراء شركة بلاك بيري (صافي الربح فقط وليس المبيعات)، فربما تفجر أبل مفاجأة تجعلنا جميعاً نعيد الحسابات مرة أخرى.

أخبرنا رأيك، هل ما تمر به أبل هو كبوة جواد؟ أم أنها أصبحت أسداً عجوزاً بلا أنياب؟

مقالات ذات صلة