السوق يضغط على أبل ويجبرها أن تقدم أجهزة معينة. فأصدرت أكثر من آي باد وكذلك زادت من حجم الآي فون بالرغم من رفضها المسبق لذلك. ومن أجل الانتصار في سباق “نحافة” الأجهزة قدمت تصميم “غريب” للآي فون 6 وشقيقه الأكبر. فهل حقاً فقدت أبل القاعدة التي أسست عليها وهى عدم اللهث وراء رغبات السوق؟

هل فقدت أبل القاعدة التي أسست عليها؟

في أحد لقاءات ستيف جوبز ذكر أن هناك فكرتين لعمل الشركات، الأولى هى تلبية رغبات المستخدم، إذا أراد أكثر من حجم ولون وإضافة ميزة ما وتحسين معين فإن الشركة تلبي رغباته، ويعيب هذا النوع أن المستخدم يتغير ذوقه باستمرار وستكون الشركة مطالبة بالتغيير دائماً. الأسلوب الثاني هو أسلوب أبل وأسلوبه وهو “صناعة” الرغبة لدى المستخدم. سيقدمون له شيء لا يعرفه ثم يجعلونه يتعلق به، كما يسعون لإضافة ما يهمه حقاً. وهذا بالطبع لا يعني أن النوع الأول من الشركات لا يبتكر والثاني لا يلبي أي رغبات للمستخدم، لكن يقصد بهذا أن النوع الأولى تأتي رغبات المستخدم فوق ابتكارته والثاني يأتي دعم ابتكاره الشخصي فوق رغبة المستخدم.

الآن ماذا يحدث؟ أبل تلهث وراء رغبات المستخدم؟! فهل تحولت أبل إلى شركة من الطراز الأول وليس الثاني؟ أم أنها درست بعناية هذه التنقلات وقدمتها بأسلوبها الخاص؟


تصميم الآي فون 6

iphone6

تصميم الجهاز يقع عليه عبئ تحمل ما يعرف بـ “الانطباع الأول”. لذا فعندما ستغير أبل مظهر الآي فون فهناك خطورة كبيرة. هذا الجهاز يمثل 60% من دخل الشركة وأي صدمة وتصميم غير مألوف سيجعل المستخدم ينفر منه وتنتهي الشركة. لذا فإن تصميم الآي فون 6 لم يأتي فجأة. بل اختبرته أبل جيداً مسبقاً وتحديداً منذ 2012 عندما طرحت الآي بود 5 والذي يعد نسخة مصغره من الآي فون الجديد. وبالفعل حقق شعبية واسعة. تقبل الجمهور على امتعاض فكرة الكاميرا البارزة والتصميم بدون حواف بارزة. وبعد أكثر من عامين جاء الآي فون. لم يعجب البعض لكن “العقل الباطن” لديهم لم ينفر منه فهو مألوف لديه في الآي بود. ولا نقصد هنا أن الآي فون 6 تم تصميمه قبل الآي بود لكن المقصود أن أبل اختبرت هذه الفلسفة التصميمة من قبل ووجدت قبول من المستخدم.

الأمر نفسه تكرر مع الآي باد ميني و Air الذين جاءا بتصميم هجين بين الآي بود 5 وكذلك الآي فون 5 فأثارا إعجاب مقتنيهم أيضاً.

تأكدت أبل من تصميم الآي فون 6 قبل عامين من صدوره وذلك على الآي بود 5


حجم الآي فون

iPhone 6 Plus

في البداية عارضت أبل حجم الهواتف الكبيرة ثم أصبح لدينا جهازين 4.7 و 5.5 بوصة. ومن أجل المحافظة على أن سلاسة استخدام الآي فون هى الأساس فإنها أضافت ميزة السحب للعودة في iOS 7 قبل عام كامل من تكبير حجم الهاتف من أجل أن يعتاد المستخدم عليه. وبعدها طرحت الجهازين وأضافت مزايا مثل اللمس المزدوج لتخفيض أيقونات الشاشة من أجل جعل استخدام الآي فون 5.5 بوصة بيد واحدة هو الأسهل في فئته. أي أن أبل قبل أكثر من عام ونصف وربما يقارب العامين من طرح الآي فون 6 كانت تخطط وتدرس كيف تجعل مقبولاً لمستخدميها. وبالفعل حقق الجهازين مبيعات غير مسبوقة وباعت أبل منهم خلال الأيام الأولى ما يبيعه منافسوها من أجهزتهم في شهور.

على مدى عام غيرت أبل أسلوب تعامل مستخدميها مع iOS قبل تكبير حجمه


مزايا iOS الجديدة

Android iOS

في مقال سابق تحدثنا عن “نسخ” أبل لبعض مزايا جوجل والعكس -راجع هذا الرابط-. لكن لماذا هذه المزايا تحديداً التي نقلتها أبل؟ الأندرويد وأجهزته بها عشرات المزايا التي لا تتوفر في iOS فلماذا تختار أبل 4-5 منها سنوياً فقط؟ لماذا لا تنسخهم جميعاً؟ الإجابة هى أن الفلسفة التي بنيت عليها الشركة كما شرحنا في أعلى يمكن أن تدعم ميزة جديدة تجريبية من ابتكار الشركة، لكنها لن تدعم ابتكارات الغير لذا عندما تقرر نقل ميزة من الغير يجب أن تكون هذه الميزة حقاً ناجحة ولا تحتاج دعم أو تحمل نقد عدم فاعليتها مثلما حدث مع الخرائط. فتحمل النقد يكون مع مزايا الشركة ويكفي المزايا المنقولة أنها تجلب نقد “النقل”. ومن هنا فإن أبل تراقب مزايا الشركات الأخرى. ف

مثلاً قبل أكثر من عامين أضافت سامسونج بعض المزايا مثل التحكم في الفيديو والجهاز بحركة العين وميزة تقسيم الشاشة. بعد أشهر طويلة ثبت أن الميزة الأولى هى “إعلامية فقط” لكن الثانية مفيدة -لن نتحدث عن أداءها الفعلي وقتها- فرأينا شركات أخرى تنقلها وأصبحت ميزة مطلوبة في عالم الأجهزة اللوحية. لذا قررت أبل نقلها وتجاهلت الأولى التي ماتت بالفعل.

تراقب أبل مزايا الآخرين وتنتظر حتى تنضج بعضهم وتخرج من طور الدعايا الخادعة، وهنا تنقلها أبل


الشائعات

ipad-pro-concept

تعد هذه من أشهر وسائل اختبار الجمهور. فإذا أردت أن تقدم منتج فاختبر رد فعل الجمهور. أحد الباحثين الإعلاميين تحدث قبل عام أنه يشك فعلياً أن أبل هى من وراء شائعة “ساعة أبل” التي ظهرت في 2012. الأمر نفسه تكرر مع الآي فون حيث أطلقت أبل شائعات تكبير حجمه قبل عام كامل من حدوثه وساعد تيم كوك فيها عندما ذكر تصريح “أبل لا تعارض تغيير حجم الشاشة لكنها تعارض التغيير العشوائي”. الآن أبل تفعل المثل معنا. يكتشف محللو الأكواد أسطر برمجية تتحدث عن مواصفات الآي فون القادم. وأخرى عن آي باد كبير الحجم. وكأن أبل تدرس الجمهور هل يعجبه هذا أم لا وبعدها تطلق الجهاز أو تنهي المشروع كما أخبرتنا الشائعات عن فكرة “التلفاز” الحقيقي.


الخلاصة

نعلم أن البعض كالعادة سيهاجمنا لأننا نمدح أبل ولن نهتم بالرد عليهم لأن عشرات المقالات النقدية الشركة كانت كفيلة بالرد “لو كانوا يقرأون؛ لو كانوا…” لكن أردنا في هذا المقال توضيح فكرة وهى أنك لكي تنجح لابد أن يكون لديك تخطيط طويل المدى. حتى رغبات عملاءك لا تتسرع في تلبيتها فقد تكون وقتية فقط وتزول بعد مدة قصيرة. هذه هى القاعدة التي أسست عليها.

ما رأيك في تخطيط أبل لمنتجاتها قبل صدورها؟ وهل ترى أنها ضلت القاعدة التي أسست عليها وبدأت في العمل عشوائياً؟

مقالات ذات صلة