مؤتمر خاطف لأبل جرى أمس الجمعة.. مؤتمر صدقت فيه القليل من توقعات المحللين وسقطت أكثرها.. مؤتمر وضحت فيه أبل الكثير من الأمور بعد صمت طويل..بررته بقوة..

مؤتمر استطاعات فيه ابل وستيف جوبز من قطع جهيزة كل صحفي واعلامي وساخر عندما استطاع ستيف وبكل مهارة جرح وتعديل الكثير من المواقف منه ومن شركته ومن قضية هوائي الاي فون،،

لابد من ملاحظة ان التركيز في الاسابيع الماضية على مشاكل الاي فون ٤ وخصوصا مشكلة الهوائي سببه امران:

١- الاول ان الاي فون منتج قيم جدا ومشهور وفي المرتبة الاولى بين الهواتف الذكية في العالم كما تشهد بذلك الحقائق والأرقام والدراسات وبانتشاره الكبير حول العالم، وبما قدمه من مفاهيم جديدة كليا في عالم الهاتف المحمول لذلك فان الاضواء مسلطة عليه باستمرار سلبا او ايجابا وكما يقال “غلطة الشاطر بعشرة” فان اي مشكلة ولو كانت بسيطة تظهر فيه ستصدم الجميع وستستغل بسوء نية او حسنها.

٢- ان هنالك بالفعل من ينتظر اي هفوة بسيطة من الاي فون لكي يشن ضد ابل والاي فون حملة اعلامية كبرى ومؤثرة في الرأي العام لازاحته عن عرش الصدارة في هذا المجال وتحقيق مكاسب لشركات اخرى وقد راينا -كما ذكرنا سابقا على تويتر- مثل هذه الحرب التي شنت على مايكروسوفت قديما بعد ان تصدرت اسواق التطبيقات وانظمة التشغيل وهذه سنة الحياة (طبيعة بشرية كما عبر ستيف عن ذلك في المؤتمر) فلكل ناجح هنالك اعداء متربصون به ولا شك ان نجاح أبل المبهر ومنتجاتها المتفوقة ،تولد الكثير والكثير من الاعداء كما تكسب الكثير من الانصار. لكن يبدو ان هذا لم ينجح مع ابل -كما لم ينجح مع مايكروسوفت التي وللمفارقة رفعت ضدها قضايا “قانونية” كما ترفع ضد ابل الان- حيث باعت ابل ثلاثة ملايين اي فون 4 في ثلاثة اسابيع فقط وهو رقم هائل جدا.

دعونا نضع بعض الحقائق بعد ذلك كما وضحتها ابل:

١- كل جوالات العالم بها نقاط ضعف وسلبيات بما فيها الاي فون وهذا امر واضح جدا ولا توجد شركة او منتج كامل.. الكمال لله وحده ولعل الجانبين غفلا عن هذا كثيرا عمدا او بدون عمد.. اي جانب مجبي ابل الذي يتوقعون منها دائما شيئا مبهرا كاملا لانقص فيه، وكذلك كارهي ابل المتعصبين الذين لا يفرقون شيئا عن الجانب الاول اذ انهم الوجه الاخر من العملة والذين كانوا في الايام الماضية عبارة مهرجين في سيرك لا هم لهم سوى اطلاق النكات والسخرية والعروض البهلوانية الساخرة من ابل والاي فون.. كلا الطرفين خاب ظنه.

٢- كل الهواتف الذكية الحالية تعاني من مشكلة هوائي عند مسكها بطريقة معينة كما تم توضيح ذلك بالصور والارقام والفيديوهات في المؤتمر والاي فون ليس الوحيد في ذلك بل انه حتى الجيل السابق من الاي قون ثري جي اس عانى من هذه المشكلة الفرق ان هذا العام هو عام التهاب معركة العقول والقلوب في الهواتف الذكية وهو موسم الصيد في الماء العكر ايضا!

البلاك بيري والاتش تي سي وسامسونج اومنيه وغيرهم يعانون من مشكلة حينما تغطي بيدك منطقة الهوائي فيهم فما هي المشكلة ان ابعد الشخص يده عن منطقة الهوائي او وضع “بمبر” يعزل ذلك! هذا غير ان نسبة الاجهزة التي ظهرت فيها هذه المشكلة صغيرة جا جدا بالنسبة لما تم بيعه.

طبعا مجرد تغطية المكان براحة اليد وضعف او انقطاع الارسال يعبر عن وجود مشكلة فعلا كان الاولى تجاوزها لكنها تغفر لانها محدودة اولا ولانه يمكن تجاوزها من قبل المستخدم ثانيا بما قدمته ابل من اقتراحات بالامس ولان هنالك الكثر من الميزات المتفوقة لهذا الهاتف تجعل تلك المشكلة سيئة في بحر حسناته

ثلاثة ملايين جهاز بيعت! كم نسبة الشكاوى من مشكلة الهوائى؟ بالارقام هي 0.55% كما اوضحت بيانات ابل الرسمية. وواحد من مائة مكالمة فقط او اقل من شبكة الاتصالات اي تي اند تي هي من فشلت في اتصالها وهي نسبة جدا ممتازة وتوضح لنا التهويل المقصود وغير المقصود الذي شن ضد نجاح ابل.(الاخ يزيد من موقع عالم ابل قام لوحده باختبار تسعة اجهزة من الاي فون 4 وقام بحجب منطقة الهوائي ولم تضعف الاشارة)

هنالك بالفعل ملايين ممن ابتاعوا الاي فون 4 ويشعرون بالسعادة معه ولم يتاثروا بتلك الصحافة الالكترونية والتقليدية وحفلات السيرك والمهرجين والنكت السمجة التي انتشرت الاسابيع الماضية حول الاي فون وابل!

٣- رغم ذلك ورغم النسبة القليلة جدا من المستخدمين الذين عانوا من مشكلة الهوائي فان ابل يهمها كل مستخدم فقامت بالفعل ببحث المشكلة واستطلاعها وارسلت مهندسين الى بيوت المستخدمين للاستكشاف اكثر وتقديم النصائح ومن اجل كل تلك الفئة القليلة جدا تم تقديم هدية “بمبر” او غطاء للاي فون عازل لكل مشتر للاي فون ومن دفع قيمته سيتم ارجاع نقودها له (وتذكرون اننا اوضحنا سابقا ان الطلب اصلا على البمبر كان عاليا منذ اطلاق الاي فون واليوم تات ابل لتؤكد كلامنا وتقول ان اكثر من ٨٠٪ ممن اشترى الاي فون 4 قد ابتاع معه “بمبر” بالفعل)

الاكثر من ذلك ان ابل لن تغصبك في النهاية على منتجها فان لم يعجبك هنالك سياسة سهلة لارجاع الاي فون واستلام نقودك ان لم ترض، فماذا يريد البعض اكثر من ذلك!!

الحقيقة شعرت وانا اتابع الحدث واستمع لاحقا الى الفيديو المسجل للمؤتمر والذي صدر بسرعة فائقة على الشبكة ان ابل قدمت لنا  وللجميع دروسا مبهرة في فن ارضاء العميل وخدمة مابعد البيع، دروسا في الشفافية والتعويض واعلاء شأن المستخدم، دروسا في العمل الصامت والابتعاد عن الردود والشحناء والجدال العقيم مع المنافسين واعداء النجاح بل العمل والعمل فقط.

٤- مع ذلك كانت نسبة الارجاع حتى الان قليلة كما تشير ارقام ابل التي اوضحت انها كانت 1.7% وكانت حتى افضل من الاي فون السابق ثري جي اس والتي بلغت 6% مما يؤكد ان الاي فون 4 هو بالفعل افضل منتج لابل في تاريخها.

٥- ابل تركت الباب مفتوحا على مصراعيه للمستقبل فهم مازالوا يدرسون الوضع ويقيمون المشكلة وشعرتُ ان ابل وستيف جويز الحقيقة يحملون هما كبيرا تجاهها على الرغم من انها ليست بتلك الخطيرة ولا المنتشرة ولم تكن محاولة ذكر امثلة للهواتف التي تعاني من مشاكل مماثلة للتخفيف من مشكلة الاي فون بل ان كلمات ستيف حول عملهم طوال ٢٢ يوم على هذه المشكلة وصدمتهم من تقرير المستهلكين ومما حدث وانزعاجهم وابتعادهم عن بيوتهم حتى انهم ينامون في مقر الشركة تدل على انهم مستنفرون فعلا وفي اجتماعات مفتوحة لمسح اثار تلك المشكلة السلبية لذلك كان تحديد تاريخ ٣٠ سبتمبر القادم موعدا اقصى لاعطاء اغطية مجانية ثم تقييم الوضع من جديد كان فاتحا لباب توقعات المحللين ان ابل ربما تطرح تصميم جديد للاي فون في اكتوبر القادم قد يحل محل الحالي!

٦- ستيف جوبز لم يترك الفرصة دون توجيه اتهامات للصحافة التي تكذب عليه وللذين يخترعون ايميلات على لسانه وهو اوضح انه ايميله معروف ويهتم جدا للرد على الزبائن والعملاء الا انه نصح الجميع بعدم تصديق كل مايقال والذي اكثره زيف لذا وجه سهام نقده بشدة للنيويورك تايمز ولبلوومبيرغ على الكذب عليه وعلى ابل.

٧- الشفافية حضرت مرة اخرى ايضا (بعد شفافية الاعتراف بمشكلة الهوائي ببعض الاجهزة) من خلال الاعتراف بمشكلة لدى البعض في مايسمى proximity sensor وهو الجزء المسؤول عن تحسس حالة الشاشة اثناء المكالمة من عدمها وان تحديثا برمجيا سيصدر الاسبوع القادم لحل هذه المشكلة.

٨- ابل افتتحت تزامنا مع الحدث صفحة خاصة على موقعها بقضية الهوائي يحتوي على معلومات شاملة حول هذه القضية وتاثيرها ومقارنتها بالاجهزة الاخرى وبعض التفاصيل المتعلقة خصوصا بتلك الغرفة التي تحدث عنها ستيف جوبز والخاصة باختبار الاتصال والارسال الخاص بالاي فون والتي تجاوزت فيمتها مائة مليون دولار ويعمل فيها ١٨ مهندسا.

٩- مما ذكر ايضا ان الاي فون الابيض سيتم اطلاقه رسميا نهاية الشهر الحالي كما ان الاي فون في ذلك الوقت سيطلق في ١٧ دولة اضافية ليس من بينها دولة عربية. يذكر ان ابل قامت فورا بوضع تسجيل لهذا المؤتمر على موقعها هنا.

يبقى ماحدث باعتقادنا هو درس هام لأبل اظن انها ستستفيد منه بقوة في المستقبل لكن لن يؤثر غالبا على مكانة الاي فون في مجال الهواتف الذكية وتصدره لها، كما ان ما حدث هو درس هام للمستخدمين وللصحفيين والاعلام وللشركات المنافسة الشامت منها والغاضب. ولا شك بان ضريبة الاضواء والشهرة عالية جدا وتكلف الكثير، لكن من يتصدى لها ويتغلب عليها ويستمر بتقديم منتجات متميزة سيبقى رابحا على طول الخط.

مقالات ذات صلة