هناك رابط غريب يربطنا مع أجهزتنا فإذا صادف يوم ونسينا الهاتف في المنزل فإننا نشعر أننا انقطعنا عن العالم وذلك لأن الآي فون يضم أرقام الهواتف والصور الشخصية والفيديو والبريد الإلكتروني والرسائل ومسجل به أشهر المواقع التي نزورها وكلمات المرور الخاصة بهم وجدول المواعيد ومنبه للتذكير بالمناسبات المختلفة ويحتوي على عشرات التطبيقات التي تسهل حياتنا وغير ذلك من الأمور الهامة التي نستخدم أجهزتها بها. لذلك اي خلل يحدث في جهازك ويجعلك تقوم بإعادة تهيئته ومسح كل بياناته يعد مشكلة كبيرة لكن هذه المشكلة الاخيرة اصبحت محلولة حتى بدون نسخة إحتياطية من بياناتك فغالباً بعد تنزيلك لأي تطبيق يستخدم تقنية السحابة يعترف التطبيق على جهازك فوراً ويرد لك بياناتك، لكن كيف يتعرف التطبيق على جهازك برغم انك مسحت كل شيئ فيه؟ يتم هذا عن طريق رقم مميز خاص بجهازك تخزنه الشركات في خوادمها يسمى UDID؟ فما هو هذا ال UDID ولماذا قررت شركة أبل حذف أي تطبيق يحاول الوصول إلى هذا الرقم الذى يمكن رؤيته في الآي تونز عند الضغط مرة واحدة على الرقم التسلسلي للجهاز؟

ما هو ال UDID؟

الاختصار UDID يعبر عن كلمة Unique Device Identifier ويمكن تعريفة على أنه رقم تعريف مميز للأجهزة، حيث أن كل جهاز آي فون أو آي باد أو آي بود تاتش يملك رقم UDID مميز لا يتكرر أبداً وعن طريق هذا الرقم تستطيع البرامج والتطبيقات معرفة استخدامك للجهاز لأن هذا الرقم لا يتكرر ويميز جهازك مثل رقم السريال بالضبط وهناك بعض الخدمات تحتاج إلى تمييز جهازك عن باقى الأجهزة فمثلاً شرحنا الموقع الذي يمكنك من الحصول على أكواد مجانية لأشهر التطبيقات عن طريق تحميل برامج مجانية رعاه، وكان يشترط هذا الموقع أن تفتح التطبيق لمدة ثلاثين ثانية على الأقل لتحصل على النقاط ، فكيف يعلم هذا الموقع أنك قمت بفتح التطبيق لمدة 30 ثانية؟ الإجابة هى بواسطة بعض التعريفات المميزة في جهازك والتي لا تتكرر فإنه يتعرف على استخدامك ويعرف أي التطبيقات تستخدمها وهل قمت بفتح هذا التطبيق أم لا وهناك عشرات التطبيقات تستطيع الوصول إلى ال UDID الخاص بك بدون إذن مسبق وتسجلها وتستفاد منها وأبل تسمح لهم بذلك، لكن هذا أصبح من الماضي وقررت ابل حذف أي تطبيق يصل إلى UDID فما الذي دفع أبل إلى ذلك؟ إنه تطبيق Path.

هذا التطبيق لم يعد متاح في المتجر. :-(

كانت مفاجئة عند اكتشاف أن تطبيق Path يقوم برفع قائمة الأسماء الموجودة في الآي فون ويقوم بتخزينها في سيرفرات خاصة بالشركة بدون إذن مسبق من المستخدم. نعم لم يتم رصد أي اسائة استخدام لهذه البيانات، ورغم أن هذا الأمر ليس بالخطير فعلياً لأن هناك عدد كبير من التطبيقات التى تصل إلى قائمة الأرقام بهاتفك لكن هذا الأمر دفع المتخصصين يقومون بدراسة ما هى البيانات الشخصية الأخرى التي يمكن للتطبيقات للتطبيقات الوصول إليها بدون أخذ موافقة المستخدم، وهنا تم اكتشاف خطورة ال UDID لكن ما هى خطورة ال UDID فعلياً؟ وماذا تفعل الشركات بمعرفة هذا الرقم؟

أنت السلعة

هناك قاعدة في مجال الخصوصية تقول “إذا لم تدفع ثمن السلعة، ستكون أنت السلعة” الشركات تسعى للوصول إلى رقم ال UDID الخاص بك ثم تجمع هذه الأرقام وتقوم ببيعها لشركات الإعلانات والتي تقوم بدورها بتحليل استخدامك ومعرفة ما هى التطبيقات التى تفضلها وما هو شكل استخدامك لجهازك ومن هذه التحليلات توقع ما هى الإعلانات التي تناسب احتياجاتك والأكثر فرصة أن تضغط عليها. وهذه الطريقة يطبقها موقع التواصل الاجتماعي الأشهر عالميا “الفيس بوك” للحصول على الأرباح حيث يجمع معلومات شخصية عنك وعن استخدامك له وما هى الألعاب التي تفضلها والإعلانات التي تضغط عليها ثم يظهر لك تطبيقات وإعلانات تجذبك ويحصل في المقابل على ملايين الدولارات باستغلال معلوماتك الشخصية.

ما هى خطورة ال UDID ؟

ولأن ال UDID هو مجرد رقم بالشركات لا تستطيع معرفة أسمك او اي شيئ انت بالنسبة لهم مجرد رقم وهذا أكيد يحافظ على خصوصيتك لحد ما ولذلك قد يقول قائل “لا يهم فليعلموا ما هى التطبيقات التى استخدمها فهذا الأمر ليس سراً خطيراً أخاف عليه” لكن الأمر أبعد من هذا فمثلاً تطبيق معين كان يستخدم ال UDID الخاص بك ويقوم بربطه بحسابك في تويتر أو أي موقع آخر وتخزين التنبيهات الخاصة بك فإذا قمت بحذف التطبيق ثم اعادة تحميلة مرة أخرى فلن يسألك ما هو حسابك لأنه سيعلم تلقائياً من رقم UDID وسيضبط لك الإعدادات كما كانت. أمر رائع أليس كذلك؟ لا ليس رائع عزيزي القارئ فتخيل أنك قمت بشراء آي فون جديد وحذفت جميع التطبيقات وعمل “فورمات” للجهاز ثم جاء المشترى وقام بتحميل تطبيق سبق لك استخدامه من قبل مثلاً هل تعلم ماذا سيحدث؟ نعم كما تخيلت سيقوم التطبيق بقراءة رقم UDID الخاص بالجهاز ( والذى لا يتغير أبداً حتى بعد الفورمات) ويطابق هذا الرقم بسجلاته وربما يظهر لك بعض بياناتك الشخصية. هنا سأكرر السؤال السابق وهو هل هذا الأمر رائع؟ هل تتخيل أن تقوم ببيع هاتفك ويقوم شخص آخر بتحميل الواتس أب والفيس بوك وتويتر وغيرهم فيفتح لهم حساباتك الشخصية هل ستكون سعيد وقتها؟ بالطبع لا… لكن لا تشعر بالرعب هذا الأمر أصبح من الماضي وقام الكونغرس الأمريكي بإجبار أبل على زيادة الخصوصية وقامت أبل بإبلاغ المبرمجين أن عليهم استخدام رقم مميز آخر وهو CFUUID وأن أي تطبيق سيصل إلى ال UDID سيتم إيقافه.

ما هو ال CFUUID وهل هو أفضل أم لا؟

بدون الخوض كثيراً في تفاصيل تقنية فإن رقم CFUUID يعتبر أقل في الخطورة فإذا قمت بعمل فورمات لجهازك لا يظل يحتفظ بالبيانات السابقة حيث أنه مرتبط بشكل أساسي بنظام التشغيل وليس الهاتف نفسه لكن يجعل هناك مشكلة وهى أنه سينتقل مع نظام التشغيل فمثلاً قمت بعمل نسخة أحتياطية من الآي فون الخاصة بك وقمت بشراء آي باد جديد وقمت باستراجاع النظام من هذه النسخة الاحتياطية على الآي باد سوف ينتقل رقم CFUUID للجهاز الجديد وهذا يعني أن الجهازين سيحملان نفس الرقم وبالنسبة للتطبيقات هم جهاز واحد فقط وهى تمثل مشكلة بالنسبة للمبرمجين وأيضاً شركات الإعلانات، وهذا يعني أن رقم CFUUID لا يعتبر بديل جيد لل UDID ولن يقوم بنفس الوظائف الهامة لأنه من الممكن أن يتكرر عكس ال UDID الذي هو مستقل بالنسبة لكل جهاز.

المبرمجين يواصلون العمل للوصول إلى حل لهذا الأمر وكذلك شركات الإعلانات، لكن لا تظن أن جميع بياناتك أصبحت في أمان تام الآن لكنها مجرد محاولات لحماية خصوصيتك في عالم التقنية الذى جعل الحفاظ على البيانات الشخصية أمر صعب للغاية

مرة اخرى: الخصوصية والأنترنت لا يجتمعان ابداً، لذلك دائماً اعلم ان عليك الحذر في استخدام التطبيقات والأجهزة مهما بدت آمنة بالنسبة لك، فلا تنشر صور أو فيديو او اي شيئ تشعر انه يضر بخصوصيتك

المصدر | cultofmac

مقالات ذات صلة