تتجلى قدرة الله عز وجل لمن أراد أن يعتبر. 175 كيلو في الساعة هى سرعة الإعصار «ساندي» الذي ضرب الساحل الشرقي الأمريكي قبل أيام، وقد قلع ودمر السيارات والبيوت وتسبب في خسائر مادية قدرت بأكثر من 52 مليار دولار وقتل 185 شخصاً رغم الإجلاء القسري للسكان قبل الإعصار، إن الكوارث قد تكون عقاباً، هذا صحيح، وقد تكون رحمة، فمن يدري؟ وهذا لا يمنع أن نستعد لمواجهة مثل تلك الأزمات والكوارث، واستعداد الولايات المتحدة لهذه الأزمة جاء على عدة مستويات ولكننا نتساءل هنا كيف استعدت التكنولوجيا لمواجهة الاعصار وما مدى نجاحها؟


ما قبل الإعصار:

بمجرد أن تم رصد الإعصار بدأت الاستعدادات على كل المستويات فالحكومة بدأت في مراقبة الاعصار بواسطة الأقمار الصناعية وتحليل قوته وتزايدها والخطوات التي يجب إتخاذها مع كل درجة، والصحافة بدأت تدرس كيفية نشر المراسلين والتواصل معهم وقت الاعصار في حالة إنقطاع الكهرباء وغيرها من العقبات وأيضاً تزويدهم بأحدث الكاميرات والهواتف الذكية لسرعة التواصل معهم، كما بدأ الإعلام في تقديم تقارير لمساعدة المواطنين على متابعة الإعصار حيث قدمت “ABC NEWS” تقرير به نصائح حول الاستعداد للإعصار جاء ضمنه عدة تطبيقات على متجر أبل ومتجر جوجل بلاي وجاءت هذه التطبيقات كلها لمشاهدة صوراً حيه من الاعصار أو متابعة خط سيره لكن على كل الأحوال تلك التطبيقات التي تنقل صور وفيديوهات ومسار الإعصار لم تحقق الغرض منها. فبعد انقطاع الكهرباء واستهلاك البطارية تصبح هذه الأجهزة تقريباً بلا قيمة.


أثناء وبعد الإعصار:

بعد وصول الإعصار كان شريط حالة الهاتف في الآي فون وغيره من الهاتف يُظهر في مكان وجود علامة الـ 3G  أو الـ 4G كلمة “جارى البحث –Searching” وتلك الكلمة تصف حالة واحدة من أكبر المدن في العالم نيويورك في الأيام التي تلت الإعصار، حينها بحث سكان نيويورك عن وسائل أكثر بدائية وأقل تكلفة لسد احتياجاتهم دون أجهزتهم.

اعتماد المواطنين على التكنولوجيا الحديثة يتضاعف بمرور الوقت حتى أصبح غيابها لسبب أو لآخر يسبب اضطراب في حياتهم اليومية بغض النظر عن الآثار الأخرى للإعصار، فافتقدوا الأجهزة التي كانت في الأصل للإتصال وأصبحت وسيلتهم تقريباً لكل شيء هى الأساليب القديمة فلكي تعلم الأخبار فإنك تشتري الجريدة الورقية، وللوصول إلى أي مكان فإنك تسأل المارة ولا يوجد كهرباء لشحن الهواتف واستخدام الـ GPS. متابعة أعمال، إيجاد أماكن، ترفيه وتسليه وغيرها من أمور الحياة ظهر لهم وسائل بديلة بدائية. فكما ذكرنا فإن الصحف المطبوعة أصبحت هي الوسيلة الوحيدة للإطلاع على الأخبار، وبعد أن كانت مهملة لأعوام شهدت أماكن عرضها تكدس وإزدحام، كما عاد الملايين إلى استخدام الهواتف الأرضية مثل الكبائن الموجودة في الشوارع وبعض من استخدموها كانوا منقطعين عنها لأعوام طويلة، وأصبح كل دور الأجهزة الذكية -حتى وإن كانت مشحونة البطارية- هي أن تخرج منها أرقام من تود أن تطمئنهم عليك فإنخفض استخدام الهواتف ذات الـ 700$ لتصبح مجرد مفكرة ورقية، الكثير من الصحف عرضت صوراً لسكان نيويورك واقفين في طابور منتظرين دورهم لأداء مكالمة تليفونية. وعادت المدينة التي كانت من أكثر مدن العالم اعتماداً على التقنية عشر سنوات أو أكثر إلى الخلف.


فيم نجحت الأجهزة الذكية أثناء الإعصار؟

الأداء كان بشكل عام ضعيف وخذل الكثير من المستخدمين لكن هناك بعض اللمحات المضيئة في أداء الآي فون مثل خدمات العثور على الهاتف والأصدقاء، نجحت في تحديد أماكن الكثير من المتضررين خاصة وأن تلك التطبيقات يمكنها العمل في ظروف سيئة جداً وتحديد المكان ممكن من أقل اشارة للشبكة، كما أنه إذا تعثر الإتصال وانقطعت الشبكة تماماً فإنه يظهر لك آخر موقع تم تحديده له. كما أن امكانية التصوير والرفع مباشرة على الإنترنت سجلت كل لحظات الإعصار بحيث يمكن توثيقه كما هو ومن ثم دراسته وآثاره، وقد سجل تطبيق مثل “إنستجرام –Instagram” كثافة مذهلة في الصور حيث وصل الرقم إلى 10 صور يتم رفعها في الثانية الواحدة في وقت الذروة، وسجل أكثر من 244,000 صورة تم رفعها تحت “الهاش تاج ساندى”؛ وأكثر من 167,000 صورة أخرى للاعصار تحت “هاش تاج” أخرى، وعلى مستوى آخر تصدرت صورة ملتقطة من خلال آي فون ومعدله باستخدام تطبيق شهير وهو Hipstamatic المتخصص في تعديل الصور على الآي فون والآي باد لتصبح هى صورة غلاف مجلة تايم الأمريكية أحد أهم وأشهر المجلات في العالم.

الخلاصة:

التكنولوجيا هامة للجميع ولابد أن نستخدمها لكي نطور من أداءنا اليومي وتحسين قدرتنا على التواصل بالآخرين، لكن يجب علينا ألا تكون التقنية هى كل حياتنا، فهناك من يعتمد على برامج الملاحة تماماً وبدونها يضل الطريق، وغيرهم من تكون المواقع الاجتماعية هى طريقته الوحيدة للتواصل مع أصدقاءه ومعرفة أخبارهم، غيرها من الاستخدامات الشهيرة للتقنية، ولا نقول أن علينا التخلي عن التكنولوجيا والعودة عشرات الأعوام إلى الخلف، لكننا نقصد أن نقلل من اعتمادنا عليها لأنها قد تفشل في أقل اختبار، ففي حالة العاصفة والإعصار أو حتى إنهيار في شبكة الكهرباء فإن كل أجهزتنا لن تعمل ووقتها سنصبح لا حول لنا ولا قوة.

هل تظن أن التكنولوجيا قادرة على التطور ومواجهة الكوارث والأعاصير يوماً ما؟ أما أن على الإنسان أن يرشد قليلاً اعتماداً عليها؟

 المصدر: huffingtonpost

مقالات ذات صلة