عام 2014 سيكون من أكثر الأعوام الحاسمة في تاريخ أبل، فلأول مرة نرى أبل تعقد أكثر من مقابلة مع كبار المستثمرين من أجل طمأنتهم على مستقبل الشركة. وفقد كان لسان حال تيم كوك يقول أن مبيعات الآي فون والآي باد في ازدياد وكذلك الماك، أرباح متجر البرامج والآي تيونز في ارتفاع مستمر، السيولة تزداد، كل شيء إيجابي فلماذا تخافون؟ الحقيقة فإن المستثمرين الآن وبالرغم من عائدات الشركة لكن قلقهم هو هل تلعب أبل الآن بفلسفة “ستيف جوبز” أم “مايكل ديل”؟

مستقبل

قبل أن نتحدث عن المقصود بفلسفة جوبز وديل فيجب أن نوضح ما العقبات الحقيقية التي تواجهه أبل؟ ونقصد بكلمة “حقيقية” أن هناك عقبات يتوهم الشخص العادي أنها تواجهه أبل، فتجد من يقول أن الأندرويد الأكثر انتشاراً إذا فشلت أبل!!! مبيعات سامسونج من الأجهزة الذكية أكثر من ضعف مبيعات أبل، وغيرها من الأمور، الحقيقة أن هذه الأمور هى “عقبات زائفة وخادعة”. فأبل لم تكن أبداً الشركة التي تنافس “بالعدد”، فأجهزة أبل هى الأغلى دائماً وبالتالي فهى تستهدف فئة محددة وليس جميع المستخدمين، وحتى رئيس مجلس إدارة جوجل “إيريك شميث” عندما أراد ضرب مثل بالانتقال إلى نظام وعدم العودة فقال “إذا انتقلت إلى الماك لن تعود مرة أخرى إلى الويندوز” وهذا بالرغم أن “الماك” الذي يضرب به المثل لا يشكل 10% من الحواسب في العالم.
حسناً فما هى التحديات التي تواجهه أبل حقاً؟


نظام iOS

يمثل نظام iOS بعائدات الآي فون والآي باد والآي بود تاتش ومتجر البرامج ما يساوي تقريباً 80% من عائدات أبل. وسر تفوق iOS وأجهزته على الأندرويد يعود إلى 4 نقاط وهم “الأمان، التحديثات، الأداء، التطبيقات وعائدتها”. لكن هذه النقاط الثلاث تتعرض حالياً لتهديد خطير من الأندرويد كالتالي:

الأمان: لا مجال للمقارنة بين iOS والأندرويد بالتفوق لأبل بسهولة، لكن هل لاحظت ما ذكر في التقرير الذي نشرناه في أخبار على الهامش؟ نعم هذا التقرير الذي قال أن 97% من الأجهزة التي تعرضت للإصابة ببرمجيات خبيثة هى أندرويد، وأن السعودية المركز الأول في الأجهزة المصابة (راجع هذا الرابط)، التقرير احتوى على مفاجأة حيث قال أن متجر جوجل يشكل 0.1% من مصادر الإصابات. المتجر أصبح آمن بشكل كبير. وفي تحديث الكيت كات أضافت جوجل بعض الأمور التي تشبه مضاد فيروسات في النظام -تشبه- وذلك لتقليل الإصابة وتحسين الأمان… تقدم رائع لجوجل-.

التطبيقات وعائدتها: قبل عامين كان متجر أبل يحصل على عائدات 400% بالمقارنة بمتجر جوجل، الآن النسبة أصبحت 200%، هذا الأمر له عشرات العوامل التي ذكرناها تفصيلياً في مقال سابق تجده في هذا الرابط.

التحديثات: إذهب إلى أي متجر واشتري آي فون جديد وستجده بأحدث نسخة من iOS، لا يهم نوع الجهاز الذي ستشتريه سواء 5s/5c/5 أو حتى 4s و 4 الذي صدر في 2010. اشتري جهاز وستجد أحدث نظام أما الأندرويد فتجد سوني وسامسونج ووو يعلنون عن هاتف جديد اليوم مثلاً وهو يعمل بنظام أندرويد الذي صدر في 2011-2012 مثلاً… لكن يبدو أن هذا الأمر سينتهي قريباً، ففي ورقة داخلية مسربة للمواقع كشفت أن جوجل تعمل حالياً على نظام لإجبار الشركات على أن تكون هواتف الحديثة تعمل بأحدث نظام تشغيل وخاصة أن نسخة “كيت كات” تعمل بكفاءة على الأجهزة المتوسطة. إن تحقق هذا الأمر فسيكون نقطة قوية للأندرويد، نعم التقرير لم يتحدث عن الترقية لكن على الأقل سوف تحدث على أحدث نسخة عن الشراء.

الأداء: بدأت جوجل في النسخة الأخيرة “كيت كات” في التركيز على أمر واحد وهو “الأداء الأداء الأداء” فسابقاً كان أحدث نظام يحتاج إلى جهاز ذو مواصفات مرتفعة ليعمل عليه، لكن جوجل ركزت على تحسين الأداء فطبقاً لها فـ “كيت كات” يعمل بشكل جيد على الأجهزة ذات 512 ميجا ذاكرة أي ذات السعر 200$ وأقل. بعد أشهر سوف تكشف عن الأندرويد الأحدث والذي أيضاً سيركز على الأداء.

هناك عشرات العوامل الأخرى التي توضح أن جوجل تقلل الفارق بين نظامها ونظام أبل فهل هى مستعدة.


تحديات أخرى:

الساعة: ساعة أبل المتوقع الكشف عنها تواجهه من قبل صدورها العديد من المنافسين الشرسين من مختلف الشركات.

السحابة: مايكروسوفت وجوجل يعملان بشكل مستمر على تطوير خدماتهم السحابية، في الوقت الذي تنقص خدمات أبل السحابية عشرات الأمور، حتى أنها لا تدعم العربية في الكتابة.

المحاكم: تواجهه أبل عشرات القضايا في العديد من الدول (سوف نفرد لها مقال لاحق) لكن أبل تواجهه مشكلة مع القضاء عالمياً.


ستيف جوبز أم مايكل ديل؟

مايكل ديل

في عالم الأعمال هناك العديد من أساليب العمل والتسويق والتطوير ويمكن أن نرمز لأشهرهما بفلسفات جوبز وديل:

مايكل ديل: أسس “ديل” شركته على أمر هام وهو أن يقدم للسوق ما يحتاجه، تريد حواسب بمواصفات خارقة؟ ملونة، أحجام متنوعة؟ التعديل على جهازك قبل الشراء؟ تحمل ظروف التشغيل؟ ما تريده سوف تجده لدى شركتي. الفلسفة رائعة لكنها مرهقة في أبحاث السوق والتغير طبقاً لتغير ذوق المستخدم وتغيرات السوق.

ستيف جوبز: قال جوبز أن فلسفته قائمة ليس على الهرولة خلف السوق مثل الآخرين “ديل وسامسونج وغيرهم” فهو لن يعطي المستخدم ما يحتاجه. بل سيخلق هو هذه الحاجة، سوف يقدم لك منتج فتكتشف أنك كنت في حاجة له لكن لم تعلم ذلك. فلسفة تحميك من تقلب مزاج المستخدم، لكنها تجبرك أن تكون دائماً مبدعاً.

*ملاحظة: كلا الفلسفتين ناجحتين ويحققان أرباح، وقال جوبز في مرة أن أبل وديل هما فقط من يربحان من هذا السوق.


الخيار الصعب:

تفكير

الآن أبل أمام خيار صعب وهو ما هى فلسفة عمل الشركة؟ الشركات والسوق يريد آي باد صغير؟ حسناً ها هو، هل يريد السوق أحجام للآي فون؟ حسناً الشائعات شبة تؤكد أن الآي فون سيزيد حجمه، ماذا عن ساعة أبل؟ ستدير الإشعارات “النوتيفيكيشن”، تتواصل مع سيري! تقيس الضغط ودرجة حرارة جسمك. رائعة هذه الساعة ولكن!!! هل هذا هو ما يميز أبل؟ تقدم منتج أفضل من المنافسين؟ أبل لم يميزها أنها تقدم أفضل لكن بأنها كانت “تنقل” السوق، عندما كانت الشركات تقدم تطبيقات على موقعها جاءت أبل بمتجر برامجها الذي “نقل” السوق لمفهوم متجر البرامج. عندما كانت الهواتف منتشرة لم تأتي أبل بهاتف تقليدي بل بآي فون “نقل” سوق الهواتف، الأمر نفسه في التابلت والآي باد. إذا قدمت أبل ساعة أكثر جمالاً من ساعات المنافسين، وأكثر دقة فهذا لن يحدث نقلة في السوق، فهذا يعد أسلوب “ديل” وليس “جوبز”. وأبل منذ نشأتها تقدم “نقلات” للسوق وليس منتجات أفضل من السوق.


كلمة أخيرة

أعلم أنك ربما تعلق على المقال بسؤال وهو “ماذا تريد أن تفعل أبل؟” الإجابة هى “لا أعلم” فأنا لست أبل، الشركة لديها آلاف الموظفين وتنفق 3% من دخلها في R&D أي مليارات الدولات تنفق على الأبحاث. إذا عليها أن تقدم شيئاً لا يعلمه أحد، فالكثير علم أن أبل سوف تقدم هاتف لكن لم يتخيل أحد “الآي-فون”، الأمر نفسه في الآي باد. هذا ما تفعله أبل دائماً وحتى قديماً عندما اخترعت “ماوس” الكومبيوتر، لا نعلم ماذا تقدمه لكي تنقل السوق، هل مفهوم ساعة جديد؟ تلفاز، سيارة. لا نعلم لكن يجب أن نرى إبداع جديد في أي مجال مهما كان، إبداع يستحق أن نقول عليه أن أبل تقدم نقلة جديدة للأسواق.

*لا تزال أبل تقدم إبداعات في أجهزة الماك بمختلف أنواعها وآخرهم Mac Pro الجديد.

هذا المقال هو قراءة لمستقبل أبل، وقديماً نشرنا مقال عن “درس من التاريخ لأبل” وأيضاً مقال “احذرى يا أبل أن تركني إلي إنجازاتك ” وتحقق ما حذرنا منه في المقالين ، وهذه المرة نقول تحذير جديد “لا تهرولي خلف السوق يا أبل

هل توافقنا الرأي أن على أبل عدم الهرولة خلف السوق بل تقدم “نقلة” جديدة؟ أم يجب أن تقدم كل ما يطلبه المستخدم مهما كان؟ شاركنا رأيك في مستقبل أبل

مقالات ذات صلة