أرسلت لنا زوجة (م.م) رسالة غاضبة وأخبرت أنها تكره الآي-فون وتكره مخترعه وتتمنى أن  تختفي جميع الأجهزة الذكية والمحمولة من على وجه الأرض. وتتذكر حياتها قبل هذا الاختراع المشئوم كم كانت الحياة سعيدة وجميلة. فزوجها كان يتحدث معها بالساعات او كانو يجلسون سوياً امام التلفاز لمتابعة نشرة الأخبار أو لمتابعة برنامجهم المفضل، وكانو يتحدثون حوله ويتناقشون، كان أكثر اهتمامه بها وكان ينتظر وقت رجوعه من العمل ليحضر معها الغداء ومن ثم يجلسون سوياً لشرب الشاي الساخن وينظر لها ويخبرها كم هي جميلة. كان جو البيت دافئ مليئ بالاهتمام والحب. اما الآن فقد تغير كل شيئ.

 زوجة تكره الآي-فون

تغير كل شيئ والسبب هذا الاختراع الغبي عليه من الله ما يستحق، وحتى تبين لنا لماذا تكره الآي-فون كل هذا الكره، تركتنا لنتأمل هذه العبارة

“زوجي ينظر الى شاشة هاتفه أكثر مما ينظر لي”

بل ليس ذلك فحسب وإنما ينظر إلى شاشة هاتفه أكثر من أي شيئ في العالم. وتخبرنا أنه ما زاد الطِّينَ بِلة ليس متابعة الفيس بوك ولا تويتر ولا متابعة البريد، بل لعبة مثل كاندي كرش التي ابتلينا بها، هذه اللعبة التي تعدت مراحلها الخمسمائة مرحلة، فتقول “أدمنها زوجي وليس الأمر مجرد إدمان، بل شعرت أنها ورثته الزل. نعم وأقسم انني لا امزح، فقد يتوسل لي زوجي ليس لنخرج سوياً، أو لأعد له طبقه المفضل، أو أكوي ملابسه، بل لكي أعطيه تذكرة لينتقل للمرحلة التالية أو لكي أرسل له قلب ليلعب أكثر.”

 أليس هذا جنون، والله إنه ابتلاء العصر الحديث

أنا كزوجة تعلم حقوق زوجي ما كنت لأشتكي ابداً بل أصبر وأدعو الله أن يهدي زوجي، لكن الأمر تعدى أن يكون أمراً خاصاً بي وحدي أو حالة شاذة. فبعد أن اشتكت لي عدة زوجات مثل ذلك تماماً بل وفي بعض الاحيان قد يدمر هذا الاختراع حياة أسرة وأطفال.

هل تعتقد أني أبالغ؟ ربما تظن ذلك! لكن أخبرني أنت بالله عليك ألم تنزل يومياً للتناول الغذاء في أحد المطاعم ونظرت على الطاولة التي بجانبك فوجدت كل فرد في الأسرة ينظر إلى شاشة هاتفه؟ ألم تنزل إلى النادي ووجدت الأطفال لا يلعبون بالكرة أو يركضون خلف بعضهم وإنما يجلسون على طاولات يلعبون بهواتفهم أو الأجهزة اللوحية، ووجدت أسرهم لا يستمتعون بمناظر الطبيعة بل ينظرون على هواتفهم المحمولة. ألم تقف في إشارة مرور ونظرت الى السيارة التي بجانبك فوجدت كل من فيها بما فيهم السائق ينظر الى هاتفه متجاهلين كل من حولهم. اليس هذا صحيح؟ ألا تصادف هذا كل يوم؟

 بحق الله، أي سحر هذا… لقد سلبتنا التقنية عقولنا، لقد سلبتنا سعادتنا. فهل من مغيث؟


تعليق مدير المدونة:

الحقيقة، الأمر خطير فليست أول من يشتكي سواء كان زوج أو زوجة، أو أم أو أب، فهذه الظاهرة الاجتماعية منتشرة تأكل في مجتمعنا. ونحن كمتخصصين نعلم أنها مجرد البداية، فـ مع تطوير الأجهزة أكثر وظهور نوعيات جديدة مثل الأجهزة القابلة للإرتداء كالنظارات والساعات سنصبح كالزومبي وربما نمشي مثلهم مسلوبين العقل والإرادة تتحكم فينا شركات كبرى وتعلم عنا كل شيئ وتفرض علينا حياتنا وكيف نعيشها لتخدم مصالحهم، وربما الأجيال القادمة سيكون حالهم أتعس منا فلن يكونو أسراً من الأساس وسيكتفون بمجتمعاتهم الوهمية وعالمهم الإفتراضي.

 ربما يتعجب القراء أن من يكتب هذه السطور لهم دور كبير في عالم التقنية والأجهزة الذكية، بل هم من يشجعون أحياناً على مواكبة العلم والتعلم واستخدام التقنية فيما يفيد، لكن عزيزي لا تتعجب فمنذ البداية ونحن نخبرك أن الإسراف مرض خطير، وأن تعاطي التقنية كل ساعة من ساعات حياتنا هو إسراف ولذلك نحن مع كل شخص يشعر بخطورة هذا الأمر، وبدورنا نرجو من وسائل الإعلام أن تبنه لخطورة هذا الأمر، نرجو من الحكومات أن تقوم بعمل حملات توعية، نرجو أن يكون هناك مراكز لمعالجة إدمان الأجهزة التقنية. نرجو أن يكون هناك دعوات لأيام بدون تقنية وهواتف. أيام نتذكر فيها كم كانت الحياة ممتعة بعيداً عن الشاشات الصغيرة.

هل تشعر بهذا الخطر فعلاً؟ تحدث مع من حولك في هذا الأمر وقم بتوعية أصدقائك وأسرتك. تحدث مع وسائل الإعلام مع من يمثلونك في الحكومة، يجب عدم تجاهل هذا، وإلا سنندم في يوم لا ينفع فيه الندم.

اللهم أني قد بلغت اللهم فأشهد

مقالات ذات صلة