اليوم.. وكل يوم يزداد، يزداد معه يقيني وتنمو على تعاقب الأيام ثقتي بهذا الكيان الذي غير مجرى التاريخ ووضح مسار التكنولوجيا حتى صارت الحياة بلا Apple ضرباً من العصور الحجرية. نعم (أبل) فعلى الرغم من تظافر المنافسين إلا أنها الوحيدة التي استطاعت أن تأسر القلوب وتقضم منها -كما قضمت التفاحة- مكاناً لا يعمره إلا أبل.

صناعة الإتقان

دعونا نغادر محيط الهواتف المحمولة قليلاً ونخوض غمار أجهزة الحاسوب المحمول منها وغير المحمول هل رأيتم شيئاً يضاهي عبقرية “ماك بوك” ؟! ذلك الجهاز الذي منذ اقتنيته في عام 2007 عرفت معنى العبقرية وأقصى ما خلّدته العقول البشرية، وبحكم انتقالي من عالم “الويندوز” الذي تفرد ردحاً من الزمن على حواسيب الشرق الأوسط عموماً، أخذت زمناً ليس بالقليل لتعتاد حواسي على تضاريس “ماكنتوش” وبيئتها الخصبة، وربما كان التأخر ناشئاً عن التشتت والضياع الذي كان من سمات البيئة السابقة ذات الأيقونات المتناثرة في الأماكن المتباعدة !

apple-macbook-pro-open

وما إن دَرَجَت أناملي على لوحته التي امتازت بإضاءة ناعمة تجعل الكتابة أمراً سلساً ومريحاً إلى آخر ستار من الليل، واعتادت عيناي على خريطة الجهاز التي رسمت للبساطة معنى جديداً وشكلاً فريداً يجعل قبر ستيف جوبز راسخاً في نقوش التاريخ الخالدة، حتى راح “ماك بوك” يفاجئني بالمزيد وكلما اقتنع عقلي منه واكتفت مخيلتي من إبداعاته كلما قال لي بلسان حاله: لم تر شيئاً بعد! وكيف يتحمل عقلك المقيد الذي كان حبيس الاحتكار وقد كمموا عينيه عن جمال الابتكار وروعة الاتقان.

نعم، صدقت يا جهازي العزيز، هذا هو اللائق بالعقول البشرية اليوم، هذا غراس الأجداد من العلم والتأمل، من بعدك عرفت معنى التحكم على الحقيقة، ومن يحرك أنامله دقيقةً على لوحة التحكم (الماوس) سيتأكد جازماً مما أقول، وعلمتني أيضاً أهمية الأمان، وقيمة الوقت، ومزيّة الاختصار، وسرعة المعلومة، وبراعة الترتيب، وجودة النظام، والكثير مما استطاع مع تعاقب الأيام أن يزيل ما ترسب في ذهني من شوائب الأنظمة التجارية الأخرى.

macbook_pro_display_butterfly

ماذا أقول والأسرار التي بيننا تحار منها العقول، هل أقول لهم بأنك قادرٌ على إصلاح نفسك بنفسك ! تلك الليلة حينما انسكب على لوحة مفاتيحك قدحٌ كبير من الماء حتى أنني فصلت بطاريتك جازعاً ورميتك في الخزانة يائساً من شفائك خائفاً من أن أقف على حقيقة وفاتك وإعلان نهاية حياتك ولما انتابتني الشجاعة ورجعت إليك بعد أيام وفتحتك انفتحت علي صورة التفاحة فانشرح صدري لها ليقيني بأن هذه الشاشة لا تأتي من فراغ وأنها إذا انقدحت أولى شراراتها فتأكد بأنه لا يفصلك عن الدخول إلى عالم “ماكنتوش” إلا خمس ثوانٍ فقط ! وهذا ما حصل إلا أنني افتقدت بعضاً من المزايا الذكية وخصوصاً على لوحة التحكم “الماوس” ولكنني حمدت الله على سلامتك مهما كانت النتائج بعد ذلك. ويمر شهر على استخدامك وكان شهراً عصيباً وطويلاً على كلينا لكثرة العمل ثم جاءت اللحظة السعيدة وجاء اليوم الذي غير اعتقادي وإيماني بهذه الشركة التي تعلم حقيقة ما تقوم به ،حيث بدأت بعض الخصائص المشلولة بالحركة والشفاء وكأنها تنفض بقايا البلل من سطحها وتستجمع قواها لتعود للعمل بصورة تامة بعد أيام أخرى ويعود “الماك بوك” كما كان في يانع شبابه !

أتذكر بعد شرائي للجهاز بمدة قصيرة كنت منغمساً على كتابة أحد الملفات حتى نسيت انخفاض الطاقة للدرجة التي لم يملك معها الجهاز بُداً من الإغلاق التامّ وكنت معتاداً في الأنظمة السابقة على أن ما حصل كارثة بكل المقاييس فانقطاع الجهاز فجأة دون حفظ مسبق للملفات علامة رئيسية على فقدانها واضمحلالها ولكنني لما وصلت الجهاز بالطاقة وفتح في غضون خمسةً من الثواني التي كنت أستمتع بعدها فتحاً وإغلاقا قابلني الجهاز العظيم على آخر عهدي به بل وآخر سطر كتبته ،هو هو لم يتغير فيه شيء!! وكان هذا من عجائب صنعه مقارنة بذلك الوقت. وغير ذلك الكثير من الأسرار التي جمعت بيننا حتى هذه الساعة التي قررت فيها تسطير هذه الذكريات لتكون شاهدة على علاقتنا الحميمة.

هذه الساعة التي ألبستُك فيها حُلةً جديدة تستحقها جاءت كما كنت أتوقعه من شركتك العظيمة آبل ملائمة لك رغم تباعد السنين في تصميم جديد وتفصيل فريد يدعى “مافريكس” وكأنك تتجدد معي بتجدد الحياة وكأنك تمتلك في جوفك شيئاً من عالم الأرواح، على مر السنين كنت حارساً وفياً تنعمت معك بعالم بلا أمراض ولا أي منافذ للفيروسات التي تسوّس الأجهزة الأخرى ، ورغم حرارة شمس الخليج العربي إلا أنك لم تُبد فرقاً في الأداء على أنني كنت أستشعر ذلك من زفراتك الحارة في محاولة لتبريد “اللوحة الأم” التي تعلو بشدة في بعض الأوقات وكأنها حريصة على أن لا يظهر منها تقصير ينعكس على من يحتضن الجهاز في وقت الظهيرة متصفحاً للإنترنت أو يعمل على أحد البرامج الضخمة.

Windows7_Laptop

وبعد سنوات جاء يوم شعرت فيه بالحاجة لنظام “ويندوز” خصوصاً في مجال كتابة البحوث باللغة العربية والاستفادة من قوالب “الوورد أوفيس” البحثية فركنت جهازي العريق في الخزانة واشتريت أحد الأجهزة بمواصفات ضخمة ويتقدم على جهازي “الماك بوك” بست سنوات فتوقعت تغييرات جذرية ومميزات حصرية وإطلالة مشرقة من خلال نظام “ويندوز7” وياللخيبة التي بعثت في نفسي كوامن الإحباط حتى صرت أندب جهازي في كل شيء في ضعف الجودة ودقة الشاشة الركيكة، وكثرة الأعطال، والتردد على مراكز الصيانة، والركض خلف البرامج المضادة للفيروسات بمبالغ سنوية ثابتة والأعظم من كل ذلك أن مشاهدة أفلام الفديو على كامل الشاشة لا تقارن بشاشة “الماك بوك” القديم بحال من الأحوال فالمربعات المتقطعة وقلة الوضوح تصيبك بصدمة حضارية شديدة الأثر على النفس.

هل النجاح في مستلزمات المنزل من مغاسل ومطابخ يخوّل صاحبه التوغل في عالم الفن التكونولجي الدقيق ؟! سؤال بحاجة إلى تأمل …

أما اليوم فها أنا أعود إلى جهازي المفعم بروح “مافريكس” تماماً كما فتحته أول مره بلونه الفضي اللامع وأزراره السوداء المضيئة وشاشته التي تزيد النظر جمالاً وتملؤ الفؤاد انشراحا ً. أعود إليه على ما عهدته من صفاته وخصاله بكل أناقته التي فرضتها روحه قبل شكله بنظامه الباهر قبل تصميمه الفاخر! سبع سنوات من الاستخدام الدائم والعمل الدائب ولم يخذلني يوماً واحداً أو يذهب بي إلى أي مركز للصيانة بل ولم أقم يوماً بإعادة ضبط المصنع حتى مع تنصيب نظام “مافريكس” !

فإن لم تكن “آبل” اسماً مرادفاً للتكنولوجيا الحقيقية فمن يكون ؟

هنا أقف احتراماً لصرحك الذي سكن القلوب وأخضع العقول فحق لاسمك أن يتيه حول العالم بعائلته التكنولوجية المتصدرة دائماً. فمنذ ولادة “الآي بود” والعالم يلهث وراءك ويتسابق صفاً على أعتابك، ويتناقل أخبار كل ولادة جديدةٍ تضيف إلى عالم السرعة والتطور بطلاً جديداً يثير النفوس والعقول ويجعل من الحياة التي تتعقد كل يوم وتزداد تفاصيلها كل ساعة، حياةً أكثر سهولة و سيطرة وأسرع مواكبة …

مشاركة من الصديق : محمد المبارك

مقالات ذات صلة