في عصرنا الحالي تعتبر الخصوصية المطلقة أمراً يصعب العثور عليه في ظل قوة خوادم الشركات (السيرفرات) والذي أدى بشكل أساسي إلى تطوير تقنيات وخدمات تعتمد على قوة هذه الخوادم، إضافة لعدة غايات أخرى سيتم ذكرها، ولكن لاستغلال هذه القوة يجب رفع بيانات المستخدم إلى هذه الخوادم لكي يتم معالجتها وهذا يعني أيضاً أن الشركة لديها اطلاع على بيانات المستخدم، فما الفرق بين خصوصية أنظمة أبل وجوجل في 2016؟

الخصوصية بين أبل وجوجل وأنظمتهم

فكرة آبل عن معالجة البيانات

Differential privacy-01

تم نقد آبل كثيراً لبطء تطوير خدماتها السحابية أوقاتاً كثيرة -مع أنها من أول المتبنين للخدمة- وأيضاً تزامن بطئ أبل الشديد مع سرعة المنافسين -ونخص جوجل- في تطوير خدماتها السحابية وإضافة مختلف المميزات، ولكن ربما كان للتحرك البطيء من أبل ميزة وهى الخصوصية حيث يتم دراسة طرق لزيادة الإمكانيات مع بقاء الخصوصية عالية قدر الإمكان وعدم استنزاف الكثير من البيانات من المستخدم. مع iOS 10 قامت أبل بإضافة خدمات مثل التعرف على الوجوه والأشياء ولكن تعتمد أبل بشكل رئيسي على قوة أجهزتها و “ذكاء سيري” حيث تقوم بجميع العمليات والخوارزميات المطلوبة على الجهاز محلياً دون أن يتم رفع الصور إلى خوادم أبل. أيضاً حين قررت أبل جمع بيانات جعلتها محدودة وبموافقة المستخدم من خلال منظومة Differential Privacy والتي يمكنك قراءة مقالنا عنها هنا. إضافة لذلك فإن أغلب تقنياتها التي تعتمد نقل البيانات تستخدم تقنية تشفير End-to-End والتي تقوم بالتشفير وكذلك فك تشفير البيانات على الأجهزة محلياً وبعيداً عن خوادم أبل.


فكرة جوجل عن معالجة البيانات

Google-HQ

جوجل لا تتحكم في أجهزتها مثل أبل. يمكنك أن تجد أجهزة أندرويد بمواصفات خيالية وأخرى بمواصفات متواضعة لذلك يصعب عليها القيام بنفس الأمر “العمليات على الجهاز” ومن هنا قررت جوجل أن تعتمد على ما تبني به إمبراطوريتها هو الخوادم سواء من محرك البحث أو خدمات أندرويد إلى آخره.. لذا تستغل جوجل هذه الخوادم في تحسين الخدمات الخاصة بها مثل الصور وجوجل درايف، وهنا مربط الفرس حيث أن جوجل لكي تقدم لك أي ميزة من تعرف على الوجوه أو أي شيء تقوم برفع بياناتك كاملة إلى الخوادم الخاصة بها وهناك يتم معالجة كل شيء وإعادة إرسال النتائج لجهازك. سمح هذا بخدمات رائعة ولكنها تنتهك خصوصية المستخدم وتجعلها في يد جوجل. أضرب مثالاً خاصية “Now on tap” التي تدمج جوجل ناو في كل نقطة من أندرويد. فمثلاً تتلقى بريداً إلكترونياً حول بعض الأفلام فتضغط مطولاً على زر “Home” فتظهر لك بطاقات تحتوى معلومات تفصيلية عن كل من الأفلام. تناقش مع زوجتك على أفكار للعشاء في الرسائل فيظهر لك مطاعم تقدم الأطباق التي تذكرها في المحادثة وأماكنها. مذهل ولكن مخيف ها؟


لماذا الاختلاف في الخصوصية؟

Privacy

لماذا لا تؤمن كل الشركات نفس المستوى من الخصوصية؟ ولماذا تقوم شركات مثل جوجل بالحصول على بيانات المستخدم؟ ليس فقط لاستغلال قوة الخوادم. ألم تلحظ أن الكثير من خدمات جوجل مجاني؟ من المستحيل أن الخدمة مجانية بالمطلق. الواقع هو أن جوجل تبني دخل الخدمات المجانية على الإعلانات، فتقوم بتجميع بيانات المستخدم بشكل مخصص لكل مستخدم (profiling) لكي تقوم بوضع إعلانات تجذب كل المستخدين -الأمر الذي افتخرت أبل بأنها لا تفعله للحفاظ على خصوصية المستخدم وتلميحاً يضم هجوماً خفياً على منافسها- أما أبل فهي تتحصل على جزء كبير من دخلها من خلال بيع الأجهزة بأسعار عالية -من الأكيد أنك لاحظت هذا إن كنت تقرأ من الآي-فون😃- وتحصل على الدخل من خلال متجر البرامج وباقي الخدمات التي لا تحتاج تحصيل بيانات المستخدم. هذا يمكنها من الاستثمار في خانة الخصوصية بشكل أكبر. لكن بالطبع هذا لا يعني أن البيانات غير هامة لأبل لكنها ليست بنفس أهميتها لشركة جوجل.


ما الفرق في أهداف تحصيل البيانات؟

Spying

باختصار فأبل لا تريد بياناتك لأنها لا تستفيد منها مادياً. كل البيانات التي قد تجمعها أبل وهي قليلة -مقارنة بجوجل وليس قلة مطلقة- هدفها هو تطوير الذكاء الخاص بسيري لكي تقوم بخدمة كل مستخدم فردياً بشكل أفضل. جوجل تحتاج بياناتك لأن خدماتها المدعومة بالإعلانات تقوم بشكل كبير على تجميع بياناتك وتحليلها بشكل فردي لكل مستخدم ثم إعادة استخدامها للإعلان أو تعديل الخدمات فتكسب جوجل من بيانات المستخدمين مادياً.


خصوصية النظام ضد الاختراق الخارجي؟

Android N -2

مؤخراً كانت قد أعلنت جوجل على أنها تقوم الآن بعزل تطبيقاتها في “SandBox” كما تفعل أبل. والبداية كانت مع عزل الأذون حيث كانت تطبيقات آندرويد سابقاً تجبرك على قبول كل الأذونات دفعة واحدة عند تنزيل التطبيق ولكن الآن -أندرويد 6.0 وأحدث- يتم طلب كل إذن على حدى عند استخدام الميزة التي تحتاجة فثلاً يطلب الوصول إلى الصور عند الحاجة فقط، وقامت أبل في توقيت مشابه بفتح العديد من تطبيقاتها للمطورين فظن الناس أن النظامين قد أصبحا متماثلين ولكن الفرق هو أن نظام جوجل ببساطة ما زال مفتوحاً للتعديل في النظام نفسه. أما نظام أبل فلازال كل جزء فيه يعمل بشكل مستقل ولكن تستطيع التطبيقات الخاصة بالمطورين الوصول لتطبيقات أبل من خلال وسيط في النظام تسميه أبل “الإضافات” والتي تعزل البرنامجين أمنياً عن بعضهما ولكن يتم التواصل بينهما لتقديم الميزة المطلوبة.


الخلاصة

كل شركة لها فلسفة خاصة في التعامل مع خصوصية المستخدم وتدور تحديثات الخصوصية حول هذه الفلسفة، فجوجل مهما زادت من حماية نظامها ستستمر أضعف في الخصوصية نسبياً لأنها تحتاج البيانات، أما أبل فلسفتها هي زيادة الخصوصية وتحصيل المال بطرق أخرى، وفي النهاية يختار كل مستخدم الشركة التي يذهب لها حسب الميزات التي يريدها وأيضاً قدر التضحيات التي يمكنه دفعها.

ما رأيك في الخصوصية وتعامل كل من أبل وجوجل مع بيانات المستخدم؟ شاركنا برأيك

مقالات ذات صلة