عقدت سامسونج بالأمس مؤتمراً صحفياً للكشف عن نتائج عامها المالي بالإضافة للكشف عن النتائج النهائية لتحقيقات البطارية الذي نتج عنها طبقاً لسامسونج تغييرات جذرية في الشركة وذلك لأن الخطأ تبين أنه حقاً منها لذا بدأت سلسلة إجراءات صارمة لمنع تكراره. بعد المؤتمر بدأت البعض يتحدث عن شجاعة سامسونج واعترافها بالخطأ بالإضافة للسخرية من أبل العنيدة التي لا تعترف أبداً بأخطاءها. فلماذا لا تعترف أبل بأخطائها مثل سامسونج؟

مشكلة سامسونج غريبة للغاية ومثار تعجب من الملايين. فمن لا يعرف سامسونج فهى شركة عريقة للغاية وتعمل في شتى المجالات وليس فقط فعائدات الشركة تساوي 17% من عائدات دولة كوريا الجنوبية بالكامل. وهى الشركة رقم 1 في مجال الإلكترونيات ورقم 2 في صناعة السفن ولديها الشركتين رقم 13 و 36 في مجال البناء والشركة رقم 14 عالمياً في مجال التأمينات و 15 عالمياً في مجال الدعايا. وهذه بعض شركات سامسونج فقط. ونستطيع أن نقول بثقة أنه لا يوجد دولة بل ربما قرية لا يوجد لسامسونج منتج أو وجود فيها. وحتى الآي فون كان في بداية جهازي “سامسونجي” لضمه معالج وذاكرة وسعة تخزينية وبطارية وأحياناً شاشة سامسونج بالإضافة لبعض الشرائح التقنية الأخرى.

فكيف حدثت هذه الكارثة التقنية والخطأ البشع من شركة بهذا الحجم وفي أهم وأغلى أجهزتها على الإطلاق؟ سامسونج تطلق كل أسبوع هاتف جديد على الأقل بل أنها قدمت حتى الآن أجهزة تعمل بنظام الأندرويد أكثر من ضعف عدد أيام السنة (موقع Gsmarena مسجل به 373 جهاز جالاكسي).

بالرغم من هذه الخبرات الضخمة ومئات الملايين بل مليارات الهواتف المباعة تجد خطأ تقني فادح يحدث في أحدث الأجهزة ويسبب كارثة. الأمر كان صدمة لكن الصدمة الأكبر كانت من إدارة الشركة للأزمة نفسها، ففي البداية أنكرت ثم أعلنت التحقيق ثم ذكرت أنها فئة محدودة وأعلنت استبدالها، وجاءت الكارثة وهى إنفجار الأجهزة المستبدلة. هل تصدق أن سامسونج قامت بأخذ هاتف به مشكلة بطارية من عملاء وسلمتهم هاتف آخر به نفس المشكلة ولم تسلمه هكذا بل أوضحت أنه تم فحصه.

حدوث إخفاق من الشركات شيء تقليدي، فمن لا يفعل شيئاً لن يخطئ أبداً وبالفعل الصراع بين الشركات جعل هذه المشاكل تتكرر كما ذكرنا في مقالنا السابق وهاجمنا فيه أبل وجوجل وسامسونج -راجع هذا الرابط-. لكن المشكلة مع سامسونج تخطت الخطأ ووصلت للإهمال والاستهتار بكل ما تحمله الكلمة. فلم يتم فحص الأجهزة قبل صدورها ثم لم يتم فحص الأجهزة التي تم إرسالها كبديل بل وتم تهديد بعض العملاء الذين سخروا من مشكلتها. لذا فكان لزاماً على الشركة الاعتراف بالكارثة والعمل على حلها. لكن ماذا عن أبل؟

بالرغم من علمنا المسبق أن هناك هجوم سيكون علينا بسبب هذا الأمر واستعجاب لماذا ندافع عن أبل -بالرغم من أننا نهاجمها كثيراً ويعلم هذا المتابع الجيد لنا- لكن لنكن منصفين. هل حقاً أبل لم تعترف بوجود أي مشكلة؟ إذا راجعت مقالات أخبار على الهامش العام الماضي ستجد العديد من الأخبار تقول أن أبل اكتشفت مشكلة في كابلات USB C لبعض الأجهزة، ومرة أخرى هناك مشكلة في بعض إصدارات الآي فون وثالثة في شواحن ورابعة وخامسة. لذا لنكن منصفين فإن أبل تعترف بوجود الخلل الواضح في العتاد وتقدم حل فوري له. لكن هذا ليس ما يضايقك من أبل ويجعلك تريدها أن تعتذر؛ أليس كذلك!

الذي يضايقنا حالياً من أبل أن النظام لم يعد مستقراً كما كان في السابق، بدأنا نرى تطبيقات تنهار، أحياناً عمر البطارية يقل مع التحديثات وكذلك يتأخر طرح بعض المنتجات مثل AirPods. لكن هل هذا يستحق اعتذار رسمي! تخيل أن كل الشركات قررت أن تعتذر عند انهيار تطبيقات أو مشاكل في نظامها. ستقدم أبل اعتذار أسبوعي أو شهري لكن شركات الأندرويد ستقدم اعتذار كل دقيقة  :-) فهذه المشاكل السخيفة التي تضايقنا عندما نراها من أبل أمر لا يلتفت إليه لدى الآخرين بسبب كثرة تكراره فالبشر يلاحظون الأمور الغريبة فقط. لكن النقطة الأهم هى كيف يتم مساواة إنهيار تطبيق بجهاز يشتعل فيه النيران وينفجر وربما يسبب خطورة على حياتك؟ هل من الإنصاف مساواة المشكلتين؟ هل حياتك = سرعة نفاذ البطارية؟!

فما فعلته سامسونج أمر طبيعي للغاية فهى عرضت حياة مستخدميها للخطر. حياة إنسان واحد أهم من كل أجهزة العالم لذا فاعتراف سامسونج بالخطأ أمر منطقي بل وتأخر للغاية. لذا كان طبيعياً أن تقرر الشركة أعنف وأشد إجراءات الفحص في تاريخها عبر تخصيص 700 شخص لفحص 200 ألف جهاز و 30 ألف بطارية حتى وصلوا إلى منبع الخلل

ثم أعلنوا أن أي أجهزة قادمة سوف يتم فحصها عبر 8 مراحل وهى:

  • فحص السقوط والصدمات.
  • فحص بصري خارجي.
  • فحص بآشعة X للأجهزة الداخلية.
  • فحص شحن وإعادة الشحن.
  • فحص في ظروف بيئة مختلفة وقاسية (حرارة ومياه).
  • فحص الفك (أي لا يحدث انفجار إذا تم فك الجهاز مثلاً)
  • اختبار OCV وهو أحد اختبارات الشحن.
  • اختبار الاستخدام المعجل ويقصد به كثافة استخدام تفوق المعدل الطبيعي بحيث تظهر المشاكل سريعاً.

وعدت سامسونج عملاءها أن الأجهزة القادمة سوف تتعرض لاختبارات تفقو المعدلات الطبيعية لضمان عدم حدوث هذه الكوارث. هذا الالتزام رائع من الشركة لكنه خطر للغاية ففي حال تكرار أي مشكلة قريبة من هذا النوع ربما سيكون نهاية الشركة. لذا قررت سامسونج بشكل مفاجئ أنها هاتف S8 سوف يتأخر في الكشف عنه حتى يتم التأكد من جودته وهذا يعني أن هناك أمور كثيرة تجري داخل الشركة أو ربما اكتشف خلل ما بعد تطبيق القواعد السابقة.

شاهد فيديو سامسونج الرسمي بعنوان “الالتزام بالجودة”:

ما رأيك في مشكلة سامسونج؟ وهل ترى أن أبل أيضاً لابد أن تعتذر؟ وعن أي الأمور تحديداً تريد اعتذارها؟

مقالات ذات صلة