عرضنا في مقال سابق تاريخ تطور تكنولوجيا الهواتف الذكية منذ بدايتها الى يومنا هذا، وتبين لنا أنه على مر السنين أن الهواتف الذكية حصلت على تطويرات وتحديثات هامة، وفي الحقيقة، كانت هذه التحديثات عبارة عن تحسينات عامة، ونراها ثابتة في كل نماذج الهواتف الذكية، حيث تقدم إحدى الشركات هذه التحديثات أولا ثم تتبعها باقي الشركات. وتمثلت هذه التحسينات إما في زيادة سرعة المعالج أو تحسينات في الكاميرات أو في الشاشات، أو في التصاميم، أو تحسين أداء البطاريات، وغير ذلك. وهذا في الواقع كان يمكن التنبؤ به مستقبلا قبل خروج الجهاز.

وأصبح سوق الهواتف الذكية في حاجة ماسة الى قفزة ثورية مثل ما حدث في عام 2007 عندما قدمت شركة أبل الآي-فون الأول.


وتبذل شركات الهواتف جهدا كبيرا للعمل على اعادة تعريف الهاتف الذكي مرة أخرى. فمثلا نجد شركة أبل تحاول أن تقوم بقفزة ثورية ثانية، فقدمت هذا العام آي-فون X (عشرة)، هذا الهاتف الذي اعتبره البعض لافتا للنظر من حيث تصميمه الجديد وإمكانياته الرائعة، فقد أدخلت عليه عدة تحسينات مثل تحسين المعالج، والشحن اللاسلكي، والكاميرات المتقدمة والتي لاقت استحسان الكثيرين، وجاء الهاتف بخاصية جديدة كليا عما قدم قبل ذلك وهي خاصية Face ID أو بصمة الوجه والتي جاءت بديلا عن بصمة الإصبع لفتح قفل الجهاز. وللاطلاع أكثر عن هذه الخاصية يمكنك قراءة هذا المقال:

آبل ابتكرت بصمة الوجه وليس صورة الوجه، فلا تقارنها بأي تقنية أخرى واعرف الفرق

والاهم من ذلك، وجود تنبؤات وأقاويل تفيد بأن الهواتف الذكية على وشك نهضة ثانية خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث تعمل عدد من الشركات الناشئة على عدد من المميزات الثورية الجديدة للهواتف الذكية.


وفي الأسطر القادمة سنلقي الضوء على بعض هذه التقنيات الحديثة التي تلوح في الأفق ويؤسس لها حاليا في مختبرات الأبحاث وليست ضربا من الخيال العلمي والتي منها:

تقنية شاشات هولوجرام ثلاثية الأبعاد

بالرغم من تسابق الشركات على تقديم شاشات عالية الدقة والجودة، وتخطيط بعضهم لإنتاج شاشات مرنة قابلة للطي، إلا أن هذا كله يندرج تحت مسمى شاشة مسطحة ثنائية الأبعاد، على الرغم من أن هذا المجال بدأ يتغير في قطاعات أخرى غير الهواتف فنجد الان شاشات تلفاز بتقنية عرض 3D، وكذلك بداية انتشار تقنية الواقع الافتراضي، والواقع المعزز.

وبالنظر الى الهواتف التي تعمل باللمس فان الأمر مختلف، فقد قامت بعض الشركات مثل شركة أمازون بمحاولات لدمج تقنية عرض 3D في هاتفها “Fire” حيث قدمت في الهاتف 4 كاميرات تقوم على متابعة حركة الرأس عند النظر الى الشاشة فيما يعرف بالمنظور الديناميكي حيث تقوم كل كاميرا بمراقبة حقل بزاوية 120 درجة، وتعمل هذه الميزة في عرض الفيديو والصور او الخرائط عند تحريك الهاتف وتغير زاوية النظر اليه وعلى هذا الاساس تتغير اتجاهات العرض على الشاشة.

ولكن ما لبث أن فشل هذا الهاتف وذلك بسبب تحقيق المبيعات المرجوة، وأدى ذلك الى خسارة الشركة أكثر من 170 مليون دولار، حيث جاء الهاتف بسعر مرتفع مقارنة بهواتف أخرى من هذه الفئة، مما ادى الى عزوف الناس عن شراءه.

وفي الوقت نفسه فشلت جهود أخرى عكف عليها كثير من المطورين للتوصل الى دمج تأثيرات 3D الى شاشة تعمل باللمس بطريقة سهلة.

ومع ذلك لم يحبط البعض من محاولات تقديم مفهوم الهاتف ثلاثي الأبعاد، حيث تبذل الشركات المصنعة للهواتف جهدا كبيرا لتقديم هواتف ذات شاشات تدعم تقنية هولوجرام ثلاثية الأبعاد وجعلها حقيقة واقعة.

في العام الماضي قام علماء في مختبر الاعلام الانساني في جامعة الملكة في المملكة المتحدة بعرض تقنية عرض شاشات هولوجرام 3D والتي تسمى “Holoflex”، وظهر النموذج بشاشة مرنة تسمح للمستخدم بالتلاعب بالأشياء عن طريق الانحناءات والالتواءات للجهاز.

وفي الآونة الأخيرة، أعلنت الشركة المصنعة للكاميرات الرقمية RED أنها تخطط لإنتاج هاتف بتقنية عرض هولوجرام 3D يبدأ بسعر 1200 دولار، وكذلك هناك شركات ناشئة مثل “Ostendo Technologies” جنبا الى جنب مع شركات لها تاريخ طويل مثل HP لديهم مشاريع لإنتاج شاشات الهولوجرام فى خطة مستقبلية قريبة جدا.


تقنية الشاشات المرنة

ذكرنا في مقال سابق تاريخ تطور تكنولوجيا الشاشات المرنة ويمكنك الاطلاع عليه من هذا الرابط:

تاريخ الشاشات المرنة القابلة للانحناء

تحاول الشركات جاهدة في انتاج شاشات مرنة للهواتف منذ زمن بعيد ولكن متى تصل هذه الهواتف الى يد المستخدمين؟ تفيد التقارير بأن شركات كبرى مثل سامسونج وأبل وميكروسوفت وجوجل ولينوفو تستعد لإطلاق هواتف ذات شاشات مرنة، ومن المتوقع ألا تظهر مثل هذه الهواتف قبل عامين من الآن، إذ أنه ما زالت هناك الكثير من العراقيل، اذ لا بد من دمج مكونات اخرى مثل مكونات الهاتف الصلبة الداخلية والخارجية وكذلك البطارية في هذه التكنولوجيا.


تقنية نظام تحديد المواقع الجديد GPS 2.0

أصبح نظام تحديد المواقع ميزة أساسية في الهواتف الذكية حيث يعتمد عليه كثير من الناس في تحديد وجهاتهم والتنقل بسهولة في كل أنحاء العالم. اذ بدون نظام تحديد المواقع في الهاتف سيقع الكثيرون في صعوبات. وأيضا لن تكون هناك حافلات نقل الركاب لدى شركة Uber “وهي شركة نقل أمريكية متعددة الجنسيات على شبكة الإنترنت. وتوفر هذه الشركة من خلال تطبيق Uber وسيلة مواصلات في خلال دقائق معدودة. نقرة زر واحدة من خلال التطبيق الخاص بالشركة على الهواتف لتصلك سيارة لدى سائقها كل المعلومات عن المكان التي تريد أن تتوجه إليه من خلال نظام تحديد المواقع GPS.

وكذلك لن يكون هناك وجود للعبة Pokémon Go حيث ان اعتمادها الكلي على نظام تحديد المواقع GPS.

ومن المعروف أن أي تقنية قدمت لا بد وأن تحصل على تحديثات كبيرة، فقد أعلن مصنعو الرقائق الالكترونية الخاصة بنظام تحديد المواقع GPS أنه تم تطويرها كثيرا والتي تسمح للأقمار الصناعية بتحديد موقع الجهاز في نطاق قدم واحدة ” نصف متر تقريبا” !!!

وتستفيد تقنية GPS 2.0 الجديدة والمطورة من إشارات الأقمار الصناعية التي توفر المزيد من البيانات من خلال ترددات منفصلة للهاتف لتحديد موقع المستخدم بشكل أفضل، ويوجد الآن 30 قمرا صناعيا يعملون بهذه التقنية الجديدة.

وجدير بالذكر أن نظام GPS 2.0 مستخدم الآن بواسطة شركات إنتاج النفط والغاز، ولكن لم يتم نشر هذه التقنية في الأسواق الاستهلاكية حتى الآن. كما أن أنظمة تحديد المواقع GPS الحالية يمكنها فقط تحديد مكان صاحب الهاتف في نطاق 15 قدما أي 14 متر تقريبا.

وأفاد المصنعون أن شريحة GPS 2.0 الجديدة تساعد على تحسين عمر البطارية حيث ان الشريحة تستخدم اقل من نصف كمية الطاقة المستخدمة من قبل الشريحة السابقة.

وتخطط شركة Broadcom لإنتاج شريحة GPS 2.0 للهواتف النقالة في وقت مبكر من عام 2018، وتخطط بعض الشركات الحالية مثل أبل وسامسونج لدمج هذه التقنية في هواتفهم ولكن من غير المرجح أن تقدم هذه التقنية في وقت قريب، حيث أن غالبية مصنعي الهواتف الذكية يستخدمون رقائق GPS المقدمة من شركة كوالكم.


تقنية الشحن اللاسلكي” العالم بلا أسلاك”

من الناحية التقنية فان الشاحن اللاسلكي للهواتف النقالة متاح الان على نطاق واسع، وتتألف أجهزة الشاحن اللاسلكي عموما من مستقبل مدمج بقاعدة شحن منفصلة تنقل الطاقة إلى الهاتف، اذ لابد أن يوضع الهاتف على هذه القاعدة لتتم عملة الشحن.

ومع ذلك فإن ما نراه اليوم يعتبر مجرد مقدمة لما ستكون عليه هذه التكنولوجيا في المستقبل القريب.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية قدمت عدد من الشركات الناشئة أنظمة شحن لاسلكي تستطيع أن تشحن الهاتف من على بعد عدة أقدام.

واحدة من أوائل الجهود التي تعمل على هذه التكنولوجيا جاء من شركة WiTricity والتي تستخدم عملية تسمى الاقتران الاستقرائي الرنان والتي تمكن مصدر الطاقة من توليد حقل مغناطيسي بعيد المدى، وعندما يقترب هذا المجال المغناطيسي من جهاز استقبال الهاتف ينتج تيار يشحن الهاتف، ويستطيع شحن الاجهزة على بعد 7 أقدام ” 2 متر تقريبا “.

وقدم منافسا يدعى Energous شاحن لا سلكي Wattup في عام 2015 في معرض الالكترونيات الاستهلاكية يستطيع الشحن على بعد 15 قدم” 4.5 متر تقريبا”. بينما نظام تشغيل آخر يدعى Ossia يشحن أبعد من ذلك!!

وتعمل الشركات على تطوير مجموعة من الهوائيات لنقل اشارات طاقة متعددة في شكل موجات راديو إلى جهاز استقبال على بعد 30 قدما ” 10.5 متر تقريبا”!!!


الآن وبعد أن استعرضنا بعض التقنيات التي ربما لو توفرت قريبا في الهواتف الذكية ستكون ثورة تكنولوجية كبيرة ولا شك. ونأمل ألا ننتظر طويلا. وبرأيك هل هناك تقنيات حقيقية وليست خيالية يؤسس لها حاليا لم نذكرها في المقال من الممكن أن تطبق مستقبلا في الهواتف الذكية؟ أخبرنا برأيك واقتراحاتك لما ينبغي أن يكون عليه مستقبل الهواتف

المصدر:

thoughtco

مقالات ذات صلة