النفس لا تميل إلى ما ألفت… وتطلب غير ما عرفت… ويتخايل لها فى الجديد نوع مراد… فإذا لم تجد مرادها صدفت إلى جديد آخر.


هكذا مع إطلاق هاتف جديد كل عام، وتفوق مواصفاته مواصفات الجهاز الذي سبقه. عندها تشرئب الأعناق، وتتقلب القلوب وتشتاق، إلى امتلاك هذا الجديد. ويبدأ البحث والاطلاع، وتنظر الى الهاتف القديم ولسان الحال يقول متى يحل الجديد مكانك🤔؟ ومن هنا تبدأ الآهات والشكاوى من الهاتف القديم، إنه ثقيل، يهنج، النظام كله مشاكل، اخاف ان افقد صبري واخبطه في الحائط 😡، الهاتف يعلق، وتبدأ الحجج والتبريرات وكلها مقدمات للتخلص من الهاتف المسكين، وهو الذي تحملك حتى حين. ثم تقرر أن تبيعه في أقرب لحظة! هذا ان حالف هاتفك الحظ. وان لم يحالفه فإنه سيواجه مصيرا سيئا حتما. إما أن يقع منك على الأرض ويتحطم، أو لا توليه الاهتمام والعناية ومن الممكن تتركه يسرق أو حتى يضيع منك.

هذا باختصار ما يدور في أنفسنا إذا تم اصدار جهاز جديد. وستعجب ان قلت لك أنه قامت دراسة على ذلك الموضوع، فليس الموضوع من باب فضل القول وسرد الكلام. فالموضوع كله متعلق بالنفس وله دراسة تجريبية في قسم علم النفس في كبريات الجامعات العالمية.


وفقا لدراسة من جامعة ميتشيغان الأمريكية، أن هذه مسألة نفسية بل من صميم علم النفس، حيث تحاول نفسك أن تبرر شراء جهاز جديد أكثر تطورا من ذي قبل، وليت الأمر يقتصر على ذلك فقط، أي أنك تريد ترقية جهازك القديم فقط، فهذا لا شيء فيه ولا عجب انما العجب أن تحاول النفس تبرير شراء الجهاز الجديد على حساب الجهاز القديم.

وجاءت هذه الدراسة تحت عنوان “لا تكن مهملا مع ذلك” – أي الجهاز القديم- فإن توافر تحديثات لمنتج معين يزيد من السلوك غير السوي نحو حب الامتلاك” تم نشره في أكتوبر 2017 في مجلة أبحاث التسوق.

يقول الأستاذ المساعد في علم النفس Josh Ackerman عندما نفقد أو نحطم هاتفا، نطلب من شركات التأمين أن تقوم بتغطية ذلك التلف بطريقة أو بأخرى، وندفع لخدمات مثل AppleCare لتغطية تلك الأضرار، وفي أثناء ذلك -أي وقت الضمان- نجد الحوادث قليلة وربما تنتهي فترة الضمان ولا تذهب إليه الضمان اصلا. وأثناء هذه الدراسة، اكتشفنا شيئا غريبا أنه عندما تطلق آبل أو سامسونج جهازا جديدا فان حوادث الكسر وضياع الهاتف تزداد!

ويقول Josh Ackerman ” وكان تفسيرنا لذلك، أنه عندما أراد الناس أن يقوموا بترقية أجهزتهم كانوا لا يهتمون بأجهزتهم التي معهم بل يهملوها معظم الوقت، وإنهم يتسببون في حدوث ضرر لهذه الأجهزة أو فقدانها بكل سهولة مع ما في ذلك من الخسارة المالية” وهذا يعد من اللاوعي.

ويقول أيضا ” ان كثيرا من الناس لديهم رغبة قوية جدا لتقديم تبريرات للحصول على المنتج الجديد حتى ولو كانوا يملكون اجهزة جيدة وتعمل بكفاءة، وهذا يبدوا واضحا جدا عندما يصدر هاتف جديد وخاصة عندما يكون جذابا وبإمكانيات رائعة، عندها يبحثون عن الحيل ويحاولون إقناع أنفسهم بالحصول على الجهاز الجديد.

ثم يبدأون بالحديث إلى أنفسهم “أنا مللت من هذا الهاتف لم يعد يعمل معي كما في السابق. عندها لا يهتمون بهواتفهم ويتركونها في السيارة أو حتى يسقطوها على الأرض فتتكسر أو تتضرر ، عندها يجدون السبب المقنع لشراء واحد جديد.

والعجيب إذا قمت بسؤال الناس هل أنتم عرضة لهذا النوع من الحالة النفسية؟ أنكروا ذلك بملء فيهم، وإذا سألناهم عن رأيهم فيمن يفعل مثل هذه الأفعال، قالوا ان ذلك النوع من الناس مجنون وانا لا افعل ذلك البته.


إذا ينبغي علينا أن ننظر إلى أنفسنا وبصدق هل وقعنا في مثل هذه الأمور من قبل؟ اذا كانت الاجابة بنعم فهذا جيد ربما نشعر أننا لم نتصرف كما ينبغي تجاه هواتفنا أو اجهزتنا القديمة وهذا بالطبع له أثره السيء على النفس. فماذا لو غيرنا هذه المبررات الى مبررات أفضل؟ ما رأيك لو تبرعت بها؟ أو حتى على الأقل بعتها واتجرت فيها. هذا بالتأكيد سيكون له أثره الطيب على النفس وسترضى عن نفسك كثيرا🤨.

الآن أخبرنا هل تعتقد أن هذه الدراسة صحيحة بالنسبة لك، أم سوف تنكر كما ينكر أغلب الناس؟

مقالات ذات صلة