يمر البشر بأربعة مراحل عمرية في حياتهم. مرحلة الطفولة ثم مرحلة المراهقة وعنفوان الشباب يليها مرحلة النضج والقوة والاستقرار وفي النهاية تأتي مرحلة الشيخوخة والهرم والضعف مرة أخرى. ما سبق وهذه المراحل الأربعة يمكن تطبيقها على الكثير من الأمور بما فيها الشركات فهم يمرون بمراحل من الضعف إلى القوة ثم إلى الضعف مرة أخرى. وشركتنا المفضلة “أبل” وصلت منذ فترة للمرحلة الثالثة مما قد يجعلها في خطر إلى لم تنتبه إلى هذا الأمر.

لهذه الأسباب عليكي نسيان الآي فون يا أبل


أطوار الشركات الأربعة

قبل أن نتحدث عن لماذا يعد مستقبل أبل في خطر ولماذا عليها التفكير في المستقبل وكذلك ما شأن الآي فون بهذا الأمر علينا أن نشرح سريعاً المراحل الأربعة للشركات/المنتجات:

1

مرحلة البداية: وهى مرحلة إطلاق الشركة أو المنتج وفيه لا يعلم السوق ما هو المنتج أو الشركة وفيه يحدث التخبط الكبير. والكثير من المنتجات والشركات تموت في هذه المرحلة وأشهرها نظارة جوجل. وهى تشبه مرحلة الطفولة في البشر حيث المستقبل الغامض وكذلك أي مؤثر خارجي قوي يكون ضاراً بشدة.

2

مرحلة النمو: وفيه يتعرف السوق على المنتج ويبدأ في الإقبال عليه. تستقر الشركة وتجني الأرباح الكبيرة وتبدأ في التوسع في الأسواق وتزداد مصانعها وعدد موظفيها وتبدأ الشركة في تجربة منتجات جديدة لأنها تشعر بالقوة. وهى تشبه مرحلة المراهقة وبداية الشباب في الإنسان. قوة ونشاط لا محدود.

3

مرحلة الاستقرار: وفيه تصل إلى قمة النجاح وتصبح شركة قوية ولا تتأثر بسهولة بالمؤثرات الخارجية؛ تلجئ الشركات في هذه المرحلة لإنتاج ما عرفوا أن عملائهم يطلبوه ولا يوجد مخاطرة وتجربة جديد مثل مرحلة النمو. وهى تشبه مرحلة النضوج في الإنسان 35-50 سنة.

4

مرحلة النهاية: وهى مرحلة أن تبدأ الشركة في الانهيار من على القمة التي وصلتها في المرحلة الثالثة. وتضعف الشركة وتبدأ تشيخ ويكون هذا الانهيار سريعاً ويصعب إيقافه وأشهر مثال هو شركة نوكيا وما حدث لها.


الآي فون وأبل

عندما أطلقت أبل الآي فون في 2007 كانت الشركة في وضع ضعيف فهى عادة من إنهيار كبير وبدأت في تحقيق أرباح لكن ليست ضخمة. الآي فون أيضاً بدأ كمنتج مجهول ومر بمرحلة الطفولة والسخرية أيضاً وكان كل ما باعته أبل في هذا الوقت هو 1.4 مليون جهاز لكن سرعان ما تجاوزت هذه المرحلة في العام التالي وتحسن الرقم إلى 11.63 مليون ثم 20.7 مليون ثم 40 مليون ثم 72 مليون وهكذا فبشكل سريع اكتسب الآي فون سوقاً وكسر ال 100 مليون في 5 سنوات. وواصلت أبل مرحلة القوة ووصلت إلى 125مليون في 2012 وبعدها بعامين وصلت إلى 170مليون في 2014 ثم كسرت 200 مليون ووصلت إلى 231 مليون في 2015. وهنا حدث شيء صادم. توقف عصر صعود أبل وتراجعت الأرقام في 2016 ثم تحسن قليلاً في 2017 والأخبار تتحدث أنه قد ونكرر “قد” تكسر رقمها القياسي في عامنا الجاري.

بالنظر للصورة السابقة يظهر لنا أن أبل حتى 2015 كانت في مرحلة قوة حقيقة وتصعد المبيعات بشكل متواصل لكن في أعوامها الثلاث الأخيرة توقف الصعود. نعم لم يحدث إنهيار ولا تزال الأرباح قوية لكن هناك مشكلة وهو أن ثلثي عائدات أبل معتمدة على الآي فون وربما ثلاثة أرباع أرباحها. أي أن أبل أصبحت شركة آي-فون وليس شركة تقنية وهنا الخطورة.


النمو قبل كل شيء

هناك نوعين من المستثمرين الأول هو مستثمر قصير الأجل وهو شخص يهدف لربح سريع من الأسهم وهذا الشخص أبل تعد شركة جيدة له فهى على المدى القصير والمتوسط شركة رابحة بل وأبل تحقق أموال تفوق أي شركة أخرى في العالم التقني. لكن المستثمر طويل الأمد يريد أن يرى شركة تنمو وتتضاعف قيمتها السوقية حتى وإن لم تحقق أرباح مباشرة الآن. انظر الصورة التالي لشركة أمازون وللتوضيح بالخط الأزرق هو المبيعات والتي وصلت إلى 177 مليار ولار أما البرتقالي فهى الأرباح. نعم أمازون شركة تستثمر أرباحها وبالرغم من أنها باعت بـ 177 مليار لكنها ربحت فقط 3 مليار.

هل تعلم أن أبل في الربع الفعلي الأخير من 2017 باعت بـ 88 مليار وربحت 20 مليار. نعم هذه أرباح 3 أشهر فقط. إذاً فأبل شركة أفضل فكيف شكل سهمها في الـ 5 سنوات الماضية

وماذا عن أمازون

كان سهم أبل يتداول في نطاق 150$ والآن أصبح في نطاق 175$ أي زادت قيمته 17% تقريباً لكن سهم أمازون كان يتداول في نطاق 275$ والآن أصبح 1450$ أي أكثر من 5 أضعاف. أمازون التي لا تحقق أرباح ينمو سهمها 5 أضعاف بينما أبل مجرد 16%. ذلك لأن أمازون شركة تنمو وتدخل أسواق ومنتجات جديدة بينما أبل؟! لا جديد تبيع آي-فون فقط ومهما تطور يظل هاتف ومنتج وحيد.


مرحلة ما بعد الآي فون

نحن لسنا أذكى من أبل ومدرائها وهم يعلمون هذا الأمر جيداً وبالفعل الشركة تتحرك في عدة اتجاهات بحثناً عن المجال التالي الذي يحقق لها الطفرة. فالشركة تعلم أن اعتمادها على الآي فون فقط يربحها المال على المدى القصير لكن يدمرها على المدى البعيد. وأشهر المجالات التي تبحث فيها أبل هى:

◉ الأجهزة الذكية: يعد مجال واعد وكل الشركات تتنافس فيه الآن وهو تحويل منزلك وحياتك إلى الأوامر الصوتية والكاميرات الذكية. أبل بدأت متأخرة بأولى منتجاتها وهو HomePod وإن كانت سعت لتطوير iOS لدعم الكثير من الأجهزة كما أن الشركة تعمل على نظارة واقع معزز وطورت iOS لدعم AR.

◉ الترفية: أبل كانت قوة كبيرة في هذا المجال وقت أن كان يعتمد على الأغاني فقط؛ وتراجعت لصالح أمازون و نت فليكس و HBO في عالم الفيديو لكنها مؤخراً بدأت في إنفاق مليارات لشراء وتطوير محتواها بل وشائعات تتحدث أنها ربما تفكر في شراء NetFlix نت فيليكس نفسها.

◉ السيارات الذكية: مجال مؤكد أن أبل تعمل فيه لكن للأسف لا يتوقع أن يرى النور قبل عدة سنوات قيل في السابق أن الكشف عنه سيكون في 2020 (بعد عامين) لكن البعض زاد الرقم ليصبح 2022. هذا المجال ضخم لكن تأخر أبل الطويل سيجعله صعباً عليها خاصة مع انطلاقه شركات مثل تسلا Tesla والتي يقودها العبقري إيلون ماسك والذي يتحدى بثبات شركات عريقة في هذا القطاع وينجح بالفعل. تأخر أبل 4 سنوات هل سجعلها قادرة وقتها على تقديم شيء لأن تسلا وغيرها لن يتوقفوا عن التطور خلال هذه السنوات الأربع.

◉ حواسب جديدة: أبل بدأت شركة حواسب؛ وأعادة اختراع الهواتف والأجهزة اللوحية. ومنذ سنوات بدأت في التركيز على تطوير أجيال جديدة من الحواسب أكثر اعتمادية. فهل ستقدم أبل على تقديم شكل جديد للحواسب يمزج بين الآي باد والحاسب الشخصي المحمول وتستطيع تشغيل تطبيقاتهم معاً كما يشاع. نحن لا نتحدث عن سوبر كومبيوتر أو حاسب عالي الجودة مثل iMac Pro بل عن جيل جديد من الآي باد ربما ليعيد الحياه لعالم الحواسب المريض.


كلمة أخيرة

لا يقول هذا المقال أن أبل شركة تفشل وتنهار؛ لا يقول هذا المقال أن الآي فون يفشل في تحقيق أرباح متزايدة… المقال يتحدث عن مستقبل أبل على المدى الطويل وأين ستكون بعد 5-10 سنوات ولماذا عليها التفكير في منتجات مختلفة وغريبة تعيد إحياء الشركة من جديد. على المدى القصير سوف نرى أخباراً عن أرباح بالمليارات لأبل ومبيعات بمئات الملايين للآي فون. لكن ماذا عن المدى البعيد؟

ما رأيك في مستقبل أبل وهل عليها تركب حقبة الآي فون وراء ظهرها؟ وما المجال الذي تتوقع أن تنجح فيه الشركة؟

مقالات ذات صلة