قبل عشر سنوات، بدأت أبل تسيطر على سوق الهواتف الذكية. ليس هذا فحسب، بل تغيرت بسببها قواعد العديد من الصناعات سواء على مستوى الأجهزة ومكوناتها أو على مستوى البرامج والتطبيقات. وعملت أبل منذ ذلك الوقت على رفع معايير الجودة في كل شيء تقريباً، في أجهزتها وخاصة الهواتف، فقد أصبحت في تطور مستمر. وكذلك نظم التشغيل والتطبيقات. مما يعني أن منتجات أبل في تطور مستمر مع الزمن. وبذلك تستمر آبل في إضافة مصطلحات جديدة إلى تكنولوجيا المعلومات. فما الذي فعلته أبل في 2007 بالرغم من أنها كانت على حافة الانهيار التام، وكاد التعفن يحيط بتفاحتها المقضومة؟

أبريل 2007: عندما اتخذت أبل خطوة غيرت مستقبلها


بدأ كل شيء في أبريل 2007

خططت آبل لكل شيء عندما بدأت في استخدام ما يسمى “Subscription Accounting” أو حساب الاشتراك. حيث اعتبرت شركة أبل عملية شراء الآي-فون بمثابة اشتراك لمدة معينة وليس عملية بيع واحدة. وبموجب هذا الاشتراك يقوم العميل بدفع مقابل للشركة مقابل خدمات وتحديثات لنظام  التشغيل بصفة مستمرة حتى نهاية فترة الاشتراك. وما دفع أبل إلى اعتماد ذلك النوع من المحاسبة، كان بسبب رغبتها في تقديم تحديثات وبرامج مجانية لأجهزتها فما بعد، طبقا لما ذكره مدير شركة CFO بيتر أوبنهايمر.

وقامت شركة أبل في أبريل 2007 بالإعلان عن أرباح الربع الثاني وأعلنت أيضاً أنها تخطط للقيام بتلقي طلبات الحجز للآي-فون الجديد باستخدام نظام الاشتراك، القرار الذي أذهل المحللين وترك العديد من المستخدمين في حيرة من أمرهم.

وأدركت شركة آبل أن معظم مستخدمي الهواتف الذكية في ذلك الوقت لم يقوموا بترقيتها بشكل منتظم. وأعربت عن أملها في تقديم تحديثات قوية ومجانية، وبالتالي سيكون هذا محفزاً للمستخدمين على ترقية أجهزتهم.


أشياء لم تكن مجانية

من الملاحظ، أن التحديثات الخاصة بنظم التشغيل لم تكن مجانية دائماً. بل كان عليك أن تدفع مقابل كل تحديث أو ترقية تريدها أو تضطر إلى شراء جهاز جديد. وكان ينطبق هذا على الماك والويندوز وأنظمة تشغيل الموبايل آنذاك، والذي اعتبر تهديداً في ذلك الوقت لتلك الأجهزة، إذ كان على المستخدمين أن يدفعوا مقابل التحديثات، ولكنهم في الغالب لم يفعلوا. وذلك جعل شركات مثل Palm و RIM و Nokia نادرا ما تقدم تحديثات لنظم التشغيل الخاصة بها. واعتمدوا على سياسة built-in-obsolescence أو التقادم المدمج، التي تعمَدُ إلى الحد من عمر المنتج بسبب الاستخدام المحدود والضيق بسبب عدم الحصول على تحديثات، من أجل تشجيع المستخدم على استبداله وشراء النسخة الحديثة للحصول على نظام تشغيل حديث ومتطور.

وهذه السياسة نراها واضحة في نظام الأندرويد حالياً، فإنه لا يمكنك التحديث أو الحصول على نظام تشغيل أحدث إلا إذا قمت بشراء الهاتف الأحدث سواء من سامسونج أو جوجل أو غيرهما من الشركات التي تعتمد نظام الأندرويد في أجهزتها.


فكر بشكل مختلف

من عادة أبل، أنها تحب أن تقوم بعمل الأشياء بشكل مختلف عن غيرها. فهي تعرف أن هاتفها يعد أغلى هاتف يتم بيعه بين الهواتف الأخرى. وهذا هو السبب في أنه في أبريل 2007 – أي قبل أشهر من وصول الآي-فون الأول للجمهور –  غيرت أبل الطريقة التي كانت سائدة آنذاك، حيث كانت بعض التكاليف الأولية للجهاز تذهب مقابل تلك التحديثات المستقبلية للتطبيقات ونظام التشغيل، وكأنك تدفع مقدما لترقية جهازك أولا بأول ويتجدد جهازك القديم باستمرار وهذا يعني أن التفاحة لا تتعفن وتظل ناضجة بين يديك. وبالتالي من ينتقد التكلفة العالية نسبيا لمنتجات آبل مقارنة بمنتجات مماثلة لم يفهم سياسة أبل تلك.

وقد تكون المنتجات المنافسة جيدة في بعض المميزات الآن، لكن المستخدمين يبحثون عن الطمأنينة التي يتم توفيرها بسبب التحديثات الأمنية والاستقرار وسهولة الاستخدام على المدى الطويل.

بالنسبة لمن قام بشراء آي-فون 8 مثلا، بالتأكيد سيتجدد الهاتف معه عند نزول تحديث iOS 12 وسيكون أفضل من ذي قبل. وكذلك ساعة آبل عندما يتم ترقية نظام التشغيل بها ستكون أكثر ذكاء من ذي قبل. وستصبح أجهزة الآي-باد أكثر كفاءة وفاعلية أيضاً.

لا ننكر أن بعض أجهزة أبل تطالها دورة الحياة وتصبح قديمة بالية، ولكن هذا يحدث عادة بعد 5 إلى 7 سنوات. فالتحديث القادم iOS 12  سيعمل على آي-فون 5s صاحب الخمسة أعوام! أي أنه ما زال ناضجا حتى الآن.

وهذا يعني، أن نظام المحاسبة الذي تعتمده أبل يمنحك مقابل ثمن الآي-فون جهازا قابلاً للاستخدام ومدعوما بالتحديثات والترقيات المنتظمة لمدة خمس سنوات.


المطورون يستفيدون أيضاً

يعمل نظام التشغيل iOS 11 على 81% من أجهزة الآي-فون النشطة، ويعمل نظام التشغيل iOS 10 بنسبة 14%، والأنظمة الأقدم تعمل بنسبة 5% فقط. مما يعني أن 95% من الأجهزة العاملة بنظام iOS تعمل بنظام تشغيل يقترب عمره من العَامَين. ولا يوجد منصة أخرى لديها هذا. وهذا يعني أن أحدث التطبيقات والبرامج والتحديثات الأمنية والرسومات كل هذا مدعوم عبر غالبية الأجهزة المستخدمة، وهذا يعني أن المؤسسات يمكنها تطوير تطبيقات للعملاء والشركات بأمان ويمكن استخدامها من قبل كل مستخدمي iOS تقريباً.


الخلاصة

نخلص من ذلك أن التقدم الذي عليه شركة أبل ليس من قبيل المصادفة ولكنه تفكير بشكل مختلف، ومذهل حقا. فلسان حالها يقول: لن أجبرك على شيء تشعر فيه بليّ عنقك أو يديك، ولن أجبرك على شراء جهاز جديد أو حتى شراء تحديثات جديدة بعد شراء هاتفك، كل ذلك أنت تدفعه عند شراء هاتفك الجديد.

ما رأيك في تلك السياسة من آبل؟ وهل تعرف سياسة أخرى لدى آبل ساعدتها على ذلك التقدم الكبير؟ أخبرنا في التعليقات.

المصدر:

computerworld

مقالات ذات صلة