مع بداية ظهور الساعات الذكية لم يعتقد الكثيرون أنها قد تشكل تهديداً لصناعة الساعات التقليدية، ولكن مع مرور الأيام تطور السوق وتواجدت على السطح تصريحات كثيرة من صناع الساعات ومحاولات لمنافسة الساعات الذكية. كما يحرص تيم كوك على تذكيرنا في بداية كل مؤتمر أن مبيعات ساعة أبل قد تخطت جميع الساعات الأخرى ومن ضمنها ساعات فخمة مثل روليكس و Fossil، وبالفعل تقوم هذه الأرقام بعملها في الإبهار ولكن هل هي المقياس الذي يجب قياس شعبية الساعة به الآن؟ وما هي قصة الحرب بين آبل وصناعة الساعات؟

معركة آبل مع صناع الساعات


كانت مقياساً في البداية

في بدايات الساعة كان هناك الكثير من التشكيك في قدرتها على جعل المستخدم يفكر فيها كساعة حقيقية وليس فقط كملحق للآي-فون. بحيث يقدر على استخدامها بدلاً من الساعة التقليدية ولهذا كانت أرقام التغلب على مبيعات الساعات الأخرى مبهرة جداً في البداية ولكن الآن بما أننا نعرف أن المستخدم قد تأقلم مع فكرة الساعة الذكية فمقارنة المبيعات غير دقيقة. لكن لماذا؟


ساعة آبل منتج تقني

بالرغم من أنها نجحت في حث المستخدم على وضعها مكان الساعة التقليدية، فساعة آبل ما زالت منتجاً تقنياً أي به شاشة ومعالج وخصائص وجهاز جديد يصدر كل سنة، وبالتالي فساعة آبل هي من المنتجات التي يقوم الكثير من المستخدمين بتغييرها سنوياً أو حتى كل سنتين. وهذا يزيد من المبيعات بقوة.


على عكس الساعات التقليدية

نموذج العمل في مجال الساعات التقليدية خصوصاً الفخمة يتبع طريقاً مختلفاً تماماً عن صناعة التكنولوجيا. فشركات التكنولوجيا مثل أبل تجني أرباحها عبر إطلاق منتج سنوياً وبيع كميات كبيرة منه عبر المستخدمين الذين يحدثون الأجهزة. أما صناعة الساعات فهي تعتمد على بيع عدد أقل من الساعات، ولكن بسعر أغلى وهذا يعود لطبيعة المنتج. فمن يشتري ساعة روليكس بآلاف الدولارات لن يقوم بتغييرها سنوياً بل أحياناً يتوارثها الأبناء. كما لن تصبح ساعته قديمة فهي دائماً روليكس وهي دائماً فخمة. لذا لا تبيع شركات الساعات الكثير من الوحدات سنوياً لأنك ببساطة مهما كنت محباً للساعات فلن تغيرها كل سنة.

جدير بالذكر أن هذا السبب ذاته هو اللي أدى إلى فشل بيع ساعة أبل إصدار Edition والذي يمكن أن يكلف حتى 10 آلاف دولار. ببساطة لأنك تعرف أنه مهما كانت الساعة الذكية فخمة من الخارج فهي من الداخل مماثلة لغيرها، ومن الحتمي أن الشركة ستقوم بإصدار ساعة جديدة للسنة القادمة بمواصفات أفضل وربما تصميم أرقى. لذا لم تقدر آبل على شق طريقها ضمن سوق الساعات متعددة الآلاف.


رد صناع الساعات التقليدية على المنافسة

قد شكلت انطلاقة ساعة آبل أزمة حقيقية في أوساط صناعة الساعات التقليدية. ففي مقابلات كثيرة كانت تصريحات مدراء تلك الشركات متضاربة فيأتي أحدهم يطمئن الصناعة أن ساعة أبل لن تؤثر عليهم. ثم يأتي آخر يحذر من خطر الساعة، ولكن لم يتخذ أحد أي إجراءات حقيقية من شأنها الحفاظ على كفة المنافسة. كما أن هناك من تعاون مع آبل لإنتاج ساعتها مثل شركة هيرميز والتي تملك شراكة مع آبل لصنع سوارات وأوجه للساعة “إصدار هيرميز”.


التمسك بالتقليد

أحد الأسباب الرئيسية لتأخر رد فعل صناع الساعات هو طبيعة منتجهم والمشاعر الموجودة نحوه. فالساعات التقليدية لا تأتي للموضة ومعرفة الوقت فقط بل هي تراث كامل تندمج فيه عوامل الحرفة اليدوية والدقة والأناقة. كما قيل يمكنك أن تعرف الكثير عن الرجل من خلال ساعة يده. وبسبب كل تلك المشاعر المحيطة بتقليد صناعة الساعات قررت الشركات مماطلة ما يجري في السوق ومحاولة الصمود لأكبر فترة ممكنة والتشبث بأمل يقول أن ساعة ذكية من المستحيل أن تحتل مكانة الساعة التقليدية في القلب. وهذا صحيح! لكن لا يجب أن تمنع الفكرة عن إضافة منتجات تتمتع بالبريق لمنافسة ساعة آبل وترك الساعات التقليدية محفوظة لعشاقها.


وزاد الطين بلة

حيث قررت بعض شركات الساعات الفخمة الدخول إلى عالم الساعات الذكية، ولكن الدخول لم يكن موفقاً. فقد كان تصميم الساعات جيداً إلى حد كبير، ولكن كان هناك الكثير من العيوب القاتلة. فنظام الساعة المتاح الوحيد كان نظام أندرويد للساعات والذي لم يتم تطويره بشكل كافي فكان بالفعل مجرد أداة لعرض الإشعارات بل واشتكى العديد من المستخدمين من طريقة تعامله مع الإشعارات. ثم يأتي البطء في الأداء فقد اشتهرت ساعات آندرويد بالبطء الشديد لمدة كبيرة من الزمن بسبب عدم وجود معالجات جيدة في السوق، فكان الوحيد المتاح هو Snapdragon Wear 2100 من كوالكوم والذي كان بغاية السوء. أيضاً لم تستطع تلك الشركات عمل أي إضافة تقنية تجذب المستخدم فكانت نقطة بيعها فقط اسم الشركة المصممة.


فرصة ضائعة

بالرغم من نجاح ساعة أبل إلا أنها ما زالت تنقص شيئاً محورياً. آندرويد. هذا النظام صاحب الملايين من المستخدمين والذين لا يستطيعون استخدام ساعة أبل هم سوق ممتاز لصناع الساعات الذكية سواء من شركات الساعات أو الشركات التقنية. لكن ما حدث أن أحداً من الشركات لم يبذل مجهوداً حقيقياً لصنع ساعة قادرة على احتلال السوق. فمنتج مثل هذا كان يحتم على شركات الساعات التعاون مع شركات أخرى متخصصة بالتقنية لصنع أفضل القطع والتصاميم وإضافة الخصائص. كما لم يكن نظام جوجل كافياً ولم يقم أحد بتطوير نظام أفضل. لكل هذه الأسباب ضاعت فرصه ذهبية من أيدي شركات الساعات لصنع منتج ينافس بقوة في سوق الساعات الذكية. منتج يتم مقارنة ساعة آبل به بشكل مباشر وواقعي حيث يقع المنتجان في نفس الفئة و يخضعان لنفس دورات التحديث وأخيراً يحصدان المبيعات بنفس الطريقة بدلاً من مقارنة مبيعات ساعة أبل بالساعات التقليدية سهلة الهزيمة. ترى هل يقرر أحد صناع الساعات تغيير الوضع؟ أتمنى ذلك لأن السباق صار مملاً.


ما رأيك في السباق بين ساعة آبل والساعات التقليدية؟
وهل مازلت تفضل الساعات التقليدية عن الساعات الذكية؟

مقالات ذات صلة