لكل شركة فلسفة تسعيرية خاصة بها فهناك شركات تفضل طرح منتج بسعر مرتفع للغاية في البداية ثم يتراجع السعر بشكل مستمر مع مرور الزمن وحتى قبل صدور النسخة الأحدث من الجهاز. أما شركة أبل فتفضل تثبيت سعر المنتج منذ صدوره وحتى صدور الجيل التالي له. كما تفضل الشركات تغيير السياسة التسعيرية باختلاف الدول لكن أبل غير ذلك حيث تستخدم سياسة تسعيرية مختلفة. فما هى طريقة أبل للتسعير وكذلك منافسيها وهل على أبل مراجعة السياسة التسعيرية الخاصة بها؟

هل تحتاج أبل لمراجعة سياسة التسعير العالمية؟


كيف تسعر أبل المنتجات عالمياً؟

بالطبع قد ترى للوهلة الأولى أن سعر أجهزة أبل يختلف من دولة إلى أخرى لكن فعلياً تكاد تكون الأسعار موحدة. فأبل تعتمد على السعر الأمريكي كأساس لحساب الأسعار. فمثلاً الآي فون يباع في أمريكا مقابل 1080 دولار (بعد حساب الضرائب). وإذا انتقلت إلى أوروبا فمن المفترض أن 1000 دولار تعني 880 يورو لكن تجد سعر الهاتف في فرنسا مثلاً 1155 يورو أي 1350 دولار وهناك 205 يورو ضرائب VAT وعند التحويل تجد أن سعر الهاتف فعلياً 950 يورو أي 1080 دولار “نفس السعر الأمريكي”. وعندما تذهب لإنجلترا فتجد السعر 999 جنية استرليني وتوضح أبل أنه يشمل 167 جنية ضرائب أي سعره الفعلي 832 جنية أي تقريباً 1051 دولار… وكأن سعر الآي فون ثابت عالمياً. وسعره عربياً “المتجر الإماراتي 4229 درهم ويشمل 202 درهم ضريبة أي سعره 4027 درهم أي 1095 دولار.

سعر الآي فون ثابت تقريباً عالمياً والفارق هو الضرائب والرسوم وفروقات العملة المتغيرة في الدول


كيف تسعر الشركات الأخرى أجهزتها عالمياً؟

بالنظر للشركات الأخرى خلاف أبل فنجد أنه لا يوجد سعر موحد وأساس تسعير مثل أبل بل تقوم الشركات بالتسعير بناء على كل سوق على حدى. ولعل المثال الأبرز والأحدث لدينا شركة هواوي بهاتفها الأقوى Mate 20 pro والذي تم تسعيره بالسوق الأمريكي 1150$ والسوق الأوروبي 1080 يورو أي 1230 دولار وعندما طرح في السعودية تم توفيره بسعر 3299 ريال أي 880 دولار فقط وهو فارق ضخم. والأمر نفسه حدث مع سامسونج نوت 9 الذي توفر عربياً بسعر أقل من السعر الأوروبي والأمريكي ولعل المثال الأساسي مصر التي توفر فيها رسمياً بسعر 18500 جنية وقتها أي 1030 دولار بينما سعره في أمريكا كان 1080 دولار “بالضرائب في الدولتين” على الرغم من أن الرسوم والضرائب في مصر تفوق أمريكا بالضعف تقريباً.

تفضل الشركات وضع سعر مختلف لكل سوق طبقاً للوضع المحلي واختلاف القدرة الشرائية


لماذا تسعر الشركات أجهزتها بأرقام مختلفة؟

هناك عشرات الأسباب التي تدفع الشركات إلى التسعير بأرقام مختلفة لكل دولة ولعل السبب الأساسي هو التنافس وخاصة في عالم الأندرويد وأجهزته والسبب الثاني هو القدرة الشرائية فمن المعروف أن المستخدم الأوروبي والأمريكي يمتلك قدرة شرائية أعلى عالمياً من باقي الدول بالإضافة إلى أن شركات الاتصالات هناك توفر الأجهزة بالتقسيط وهذه هى طريقة البيع الأساسية فغالباً لا أحد يشتري الجهاز “نقداً” ولعل أبرز مثال شركة OnePlus التي طرحت هاتف 6T الشهر الماضي لأول مرة مع شركة الاتصالات T-Mobile ونتج عن هذه زيادة مبيعاتها 250% تقريباً. أما أسواق العالم الثالث ولنتحدث عربياً فمعظمنا يشتري الأجهزة “نقداً” وبالتالي تسعى الشركات لتوفير سعر أقل يناسب القدرة الشرائية الخاصة بالدول وطريقة الدفع.


لماذا تثبت أبل سياسة التسعير العالمي؟

بالطبع لم تعلن أبل عن سبب التسعير الخاص بها لكن هناك أسباب منطقية معروفة لعل أبرزها أن أبل تريد أقصى هامش ربح ولن تتنازل عن دولار واحد من أي جهاز تبيعه. ولعل المثال الأبرز ساعتها الجيل الرابع والتي تحجب ميزة أساسية فيها عالمياً وفي نفس الوقت تبيعه بنفس السعر ولا خصومات في الأسعار. وبعيداً عن هامش الربح فالنقطة الثانية هى أن أبل لا تقيد المشتري بأي دولة. فيمكنك الحصول على هاتف جديد من متجر أسفل منزلك في القاهرة ثم تسافر إلى اليابان مثلاً وتذهب لمتجر أبل وتطلب صيانته ويتم بالفعل الصيانة لأن الهاتف سجل لدي أبل متى عمل أول يوم وحصلت على ضمانك الـ 365 يوم. فإذا قامت أبل بعمل أسعار مخفضة في دول معينة ليكن هونج كونج فبسبب كثرة سفر المواطن الأمريكي حول العالم وكذلك سهولة ورخص تكلفة الشحن لأمريكا فسوف تظهر “موضة” أن يتم شراء الهاتف من هونج كونج وشحنه إلى أمريكا وبهذا تخسر أبل فروقات سعرية.

وقبل أن تسأل لماذا لا يحدث المثل مع الشركات الأخرى فيجب أن تتذكر أن الأى فون هاتف ثابت عالمياً فالجهاز الذي يباع في أمريكا هو نفسه الذي يباع في أوروبا هو نفسه الذي يباع في الدول العربية (الاختلاف GSM أو CDMA طبقاً للشبكة) لكن عند النظر لهواتف الأندرويد فبالرغم من تطورها مؤخراً تجاه توحيد البيع العالمي لكن تظل هناك فروقات وخاصة في أجهزة الفئات المتوسطة. وهذه صورة مثلاً لطرازات هاتف سامسونج نوت 8 حيث يدعم شريحة أحادية في دول وثنائية في دول أخرى وهناك دول يأتي الهاتف بمعالج SD وأخرى بمعالج Exynos أي فروقات جذرية


لماذا على أبل مراجعة سياستها التسعيرية؟

بالرغم من الأسباب المذكورة سابقاً لكننا نرى أن على أبل مراجعة سياسة التسعير العالمي لأكثر من سبب ففي البداية هناك ركود في الاقتصاد العالمي أي انكماش في فئة الطبقة العليا القادرة على شراء أجهزتها وفي نفس الوقت أبل تزيد أسعار الأجهزة مما جعل قطاع ضخم يعزف عن شراء الآي فون ففي الوقت الذي ينخفض دخله فيه فالشركة تزيد السعر أيضاً. وحالياً أبل بدأت تعاني من تراجع مبيعات الأجهزة عامة والآي فون بشكل خاص وإذا سألت أي شخص من محبي التفاحة هل ترى XS أو الآي باد برو أو iMac جهاز سيء فسوف يجيب لا إنه رائع لكن بهذه الأسعار سوف أحدث جهازي كل عامين أو ثلاثة بدلاً من كل عام. وللتوضيح فنحن لا نقول أن على أبل تقليل سعر الجهاز عالمياً. فمثلاً منافسي الآي فون هم Mate 20 Pro وسامسونج نوت 9. سعرهم في أمريكا الآن على أمازون 900$ و 1030$ أي سعر قريب من الآي فون ذو الـ 1000 دولار وهنا لا تحتاج أبل لتحريك السعر الأمريكي فهو قريب من منافسيه… لكن عربياً تجد سعر الآي فون 4229 درهم/ريال مقابل النوت 3100 درهم وهواوي 3300 درهم (هناك أسعار أقل أيضاً) أي فارق ضخم يصل إلى 300$ ويزيد أحياناً. فهل يعقل هذاً؟

ما رأيك في فلسفة تسعير أبل لمنتجاتها عالمياً؟ أم ترى أن على أبل مواصلة سياسة عدم النظر لأسعار المنافسين عند التسعير؟ شاركنا رأيك في التعليقات

مقالات ذات صلة