كل سبع سنوات أو ما شابه، تظهر صيحة جديدة في عالم التقنية لتستمر بالتطور والتغلغل في الكثير من التكنولوجيا التي نستخدمها في حياتنا اليومية أو ما يفرض علينا منها سواء عبر الإنترنت أو الخدمات الحكومية وغيرها. هذا هو حال الذكاء الاصطناعي (AI) وتقنيات التعرف على الوجوه هذه الأيام. تقنية تتطور بشكل مستمر، تتبناها الشركات بشكل مختلف، ويريدها الكل. لكن كل هذا يأتي مع مخاطر، ترى ما هي؟

الذكاء الصناعي مشكلة كبرى وتهديد للخصوصية فهل أنت مستعد للتضحية؟


تكنولوجيا ذاتية التطور، أكثر مما تتصور

الذكاء الصناعي، مشاكل كبرى وتهديد للخصوصية. مستعد للتضحية؟

الجديد والمميز في تقنيات الذكاء الاصطناعي هو أنها ذاتية التعلم. وهذا ما يجعلها “ذكية” فعلاً. التقنية اليوم أفضل من الأمس بلا شك. وغداً ستكون أفضل وأكثر دقة. ولكن كيف تتطور تلك التقنية؟ هناك العديد من الطرق والتي تختلف مع كل شركة.

حيث تقوم شركة أبل بالاعتماد بشكل كبير على قوة معالجاتها وشرائح الحسابات العصبية لعمل حسابات الذكاء الاصطناعي بشكل محلي على الجهاز دون الحاجة إلى إرسال الكثير من المعلومات إلى أبل. بهدف الحفاظ على خصوصية المستخدم. ولكن هذا يقوم بتصعيب مهمة تطوير التقنية على الشركة حيث أنها تجمع القليل من المعلومات، والتي يستطيع المستخدم إيقاف جمعها أيضاً. تاركاً مهمة تدريب الذكاء الصناعي لمهندسي أبل بشكل كبير.

أما جوجل ملك الذكاء الاصطناعي، تعتمد على عمل كل المعالجات في حواسيبها الخاصة (السحابة) والتي تتصل بالأجهزة الصناعية عبر الإنترنت. وهذا يوفر للشركة إمكانية عمل حسابات عالية التعقيد دون الحاجة لتطوير معالجات خاصة مثل أبل. كما أن جوجل تقوم بجمع البيانات من كل أحد وكل شيء لتطوير الذكاء الاصطناعي الخاص بها. بحوث محرك البحث، بحوث الصور، برنامج الصور من جوجل وخاصية التعرف على الوجوه فيه وتصنيفها. كل شيء يدرب الذكاء الاصطناعي.

حتى تلك الصور على الانترنت والتي تريد “التأكد من أنك إنسان” ثم تطلب منك اختيار جميع الصور التي تحتوي على باص. هذه الصور فعلياً تقوم بتدريب الذكاء الصناعي على التعرف على الأشياء. مثل الباص أو إشارات المرور وغيرها.


مشاكل العنصرية

يبدو أن العنصرية مشكلة ستحتاج وقتاً للحل. حتى في عالم التكنولوجيا. انتشرت في الأخبار عدة حوادث قامت فيها أنظمة الذكاء الصناعي بتغيير نتائجها بشكل كبير بناء على لون البشرة وصفات الوجه. آخرها كان في شهر أبريل الماضي حيث قام الذكاء الاصطناعي لجوجل بوضع علامة صحيحة عند رؤية صورة شخص أبيض يمسك جهاز قياس حرارة إلكتروني. في حين قام بالتعرف على نفس الصورة لكن مع صاحب بشرة سوداء على أنه شخص يحمل سلاحاً.

ربما نحتاج بالفعل لجهود من الجميع لحل هذه المشكلة. وربما هي الناتج الطبيعي لترك تطوير التكنولوجيا للغرب فقط.


دائماً مراقب

تعتبر تقنيات التعرف على الوجوه من أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي. وهي لا تقتصر على فتح هاتفك أو تصنيف الصور حسب الأشخاص تلقائياً. بل يتم استخدامها في كثير من التطبيقات. من أكثرها تأثيراً أنظمة المراقبة الحكومية. سواء لمراقبة الشوارع أو المنشآت وغيره.

وربما تعتبر هذه النقطة جدلية لأنه بسبب حداثة التقنية، لا نمتلك في أغلب العالم قوانيناً صريحة وقواعد تقنية تنظم استخدام هذه الأنظمة من قبل الشركات والحكومات. وهناك مخاوف من اساءة استخدامها. تخيل شركة خاصة تمتلك القدرة على شراء نظام يمكنه الوصول لقاعدة بيانات تتعرف على وجهك عند مرورك أمام مبنى فقط. لتقوم بمعرفة كل معلوماتك المخزنة. أو ربما تقوم حكومة ما بإساءة استخدام التقنية لاستهداف فئات دون الأخرى بالقبضة الأمنية أو غيره. كلها احتمالات موجودة.

وعلى صدى هذه الشكوك والمخاوف أعلنت شركة IBM إحدى كبار الذكاء الصناعي توقفها عن بيع وتطوير وحتى عمل البحوث المتعلقة بتقنيات التعرف على الوجوه.


ما المقابل؟

بالطبع ليس كل هذا مخطط شركات من نوع ما لتعريض خصوصية المستخدمين للخطر فحسب. بل هو في الأساس لتطوير الخدمات التي يتمتع بها المستخدم. بداية بالخدمات الذكية التي يقوم بتوفيرها برنامج صور جوجل، مروراً بالقدرات الكبيرة للكاميرات الجديدة والتي تباطأ تطوير عتادها بسبب الاعتماد على الذكاء الصناعي لتحسين الصورة، وانتهاء بسلاسة الأنظمة السحابية والسيارات ذات القيادة الذاتية.


مستعدون للدفع؟

هذا هو السؤال المهم. هل أنت يا (صديقي) باعتبارك مستخدماً لكل هذه الخدمات، مستعد للمخاطرة بمعلوماتك أو بعض خصوصياتك أو حرية الحركة دون مراقبة دائمة من أجل الاستمتاع بهذه التقنيات؟

أم أننا يجب أن نتمهل قليلاً ونعيد النظر في كيفية تطوير الذكاء الاصطناعي والتقنيات التي يتم استخدامها لتحسينها؟ خصوصاً أن ما ذكرنا هو جزء فقط من مشاكل التقنية.

فمن الواضح أن الذكاء الاصطناعي يحمل الكثير من الوعود بقدرات قوية للمستقبل. ومن المؤكد الآن أن قاطرة التطور فيه يجب أن تبطئ قليلاً حتى نقوم بمراجعة القواعد. ونتفق على عقود اجتماعية جديدة تضمن التطويع الأفضل للتقنية. حتى نحصل على مزاياها مع تقليل الأخطار قدر الإمكان.


ما موقفك في الخلاف بين التطور والخصوصية؟ هل تعتقد أنه لا بأس ببعض التضحيات؟

المصادر:

TheVerge | AlgorithmWatch | OnMSFT

مقالات ذات صلة