تواصل معنا أحد متابعين آي-فون إسلام يسأل “إذا كانت آبل مهتمة بالخصوصية حقاً كما تدعي، لماذا تسمح لجوجل وفيسبوك بسرقة بيانات المستخدم عن طريق تطبيقاتهم المنتشرة في متجر آبل”، وهذا سؤال ذكي فعلاً، فمن المعروف أن الشركات مثل جوجل وفيسبوك سلعتهم الأساسية هي أنت، نعم، هم يبيعون معلوماتك للمعلنين، يقول لهم معلن، أرغب في شخص مهتم بالأحذية، ولديه قدرة على شراء حذاء غالي الثمن، فتقول جوجل “عندي طلبك” ها هو (صديقي) شخص يحب الأحذية ويتابع أخبارها، ويعمل في شركة كبيرة ولديه قدرة على الشراء، سوف نعرض إعلانك له.

مهمة هذه الشركات التي تبيع اهتماماتك هو تجميع أكبر قدر من المعلومات عنك، حتى تعرض عليك إعلان مناسب لك، يحقق أرباح لها وللمعلن. وقلنا من قبل “أن لم تدفع ثمن السلعة، تكون أنت السلعة” تستخدم تطبيقات جوجل وفيسبوك وغيرهم مجاناً وتظن أنك لا تدفع الثمن، بل الثمن هنا هو خصوصيتك، واهتماماتك التي تذهب للمعلن، وقد تذهب لغير المعلن، تذهب لكل من يدفع لهذه الشركات، أحياناً تذهب للمصالح السياسية وأحيانا تذهب للمصالح المذهبية، واحياناً تذهب لأصحاب المخططات، المهم أن يتم دفع الثمن.


سلعة آبل هي الخصوصية

إذا كان سلعة الشركات مثل جوجل وفيسبوك هي بياناتك، فلسعة آبل هي الخصوصية، نعم، الخصوصية بالنسبة لآبل سلعة، تقول آبل ما تقول…

تيم كوك، رئيس شركة آبل
“نحن في آبل نعتقد أن الخصوصية هي حق أساسي من حقوق الإنسان”

في النهاية آبل شركة يجب ان تربح حتى تستمر، وبينما تعتمد المنافسة على انتهاك خصوصية المستخدم، وجدت آبل أن تقديم سلعة الخصوصية سوف يجعلها في مكان يتيح لها السيطرة على المنافسين وجذب المستخدمين، ولأن آبل شركة ذكية فهي لا تضغط بشدة، فمازال هناك العديد من الشراكات مع المنافسين، على سبيل المثال، جوجل دفعت لأبل أكثر من 12 مليار دولار العام السابق لكي تقوم آبل بجعل جوجل محرك البحث الرئيسي على سفاري، وقد قامت آبل بالعديد من الشراكات مع فيسبوك سابقاً حتى أنه في وقت من الأوقات كانت آبل تزامن كل جهات الاتصال لديك مع فيسبوك.

وحتى تحكم آبل السيطرة تقوم بالتضيق عليهم أكثر فأكثر ولن يضر هذا بالشراكة مع المنافسة بل بالعكس سيكون الاحتياج للشراكة مع آبل أشد، وقد جاء iOS 14 بالعديد من الخصائص التي سوف تخنق المنافسة وتجعلهم يعرفون من هو الزعيم. فنظام iOS 14 يحجم جمع البيانات، لا يعطي للشركات مكان المستخدم بشكل محدد بل عشوائي، ويخفي هوية المستخدم فلا تستطيع الشركات تكوين ملف عنك لأنك مجهول بالنسبة لهم.

هذه الخاصية في iOS 14 تعطي خيار للمستخدم، وتسأله بمنتهى الوضوح هل ترغب أن تتبعك الشركات وتعرف بياناتك عبر التطبيقات. وبالطبع قد يقوم العديد من المستخدمين بالضغط على لا، وهنا يصبح مجهول بالنسبة لهذه الشركات ولا يمكن معرفة الكثير عنه.

وهناك العديد من التغيرات في مجال الخصوصية في iOS 14، وهذا التحديث ليكمل مسيرة الإصدارات السابقة في الضغط برفق على المنافس.


نحن في عصر عدم الخصوصية

آبل غير مهتمة ببياناتك وغير مهتمة بتكوين ملف عنك، هذه ليست سلعة آبل، وفي نفس الوقت دور آبل ليس المحافظة على خصوصيتك وإنما بيع الخصوصية لك عن طريق تقديم نظام أمن، ومنظومة محكمة تحافظ على معلوماتك، أنت من يختار تنزيل تطبيق جوجل، وأنت من يختار تنزيل الفيسبوك، آبل لن تستطيع منع هذه الشركات ولا تطبيقاتها من المتجر لأنه ببساطة حق قانوني لها، وحتى مع هذه الخواص الجديدة في iOS 14 مازال بالإمكان تتبعك فيمجرد تسجيل دخولك لن تصبح مجهول لهذه الشركات، وقريباً سوف تطلب منك معظم التطبيقات تسجيل دخول، وحتى لو استخدمت نظام آبل لتسجيل الدخول وإخفاء بريدك، حتى يتم ربط حسابك سوف تعرف هذه الشركات الكثير عنك.

باختصار نحن في عصر عدم الخصوصية، كل صورة ترفعها وكل محادثة تقوم بإجرائها، وكل بحث في الأنترنت، كل هذا يتحول إلى ملف عنك يذهب لمن يدفع. هذه طبيعة هذا العصر الرقمي، لن تتخلص من هذا ألا أذا قمت بفصل الانترنت عنك وأصبحت خارج الشبكة.

وأن لم تستطيع الخروج من الشبكة، على الأقل هناك شركة مثل آبل تحاول الضغط وحماية خصوصية المستخدم، نعم هو لمصلحتها في المقام الأول، لكن مصالح آبل تتفق مع مصالحنا، وهي واحدة من الشركات القليلة التي تدافع عن خصوصية المستخدم وتقدم أجهزة في غاية الإتقان ومنظومة في غاية الإحكام، وتقف أمام الشركات النهمة والمتعطشة لبيانات المستخدمين، لذلك سوف نقف في صف آبل في الوقت الحالي.

شارك معنا في هذا النقاش، هل تظن أن آبل تهتم بخصوصية المستخدم؟ وماذا يمكن أن تفعله آبل لتثبت فعلاً أن المستخدم وخصوصيته هو أحد أهم أولوياتها؟

مقالات ذات صلة