قبل سبع سنوات، اكتشفت أبل أن هناك شخصان دون السن القانونية يعملان في أحد المصانع التابعة لمورديها في الصين لتصنيع المنافذ الخاصة بأجهزة ماك بوك، حينها أخبرت الشركة الأمريكية، الشركة الصينية Suyin Electronics أنها لن تحصل على عمل جديد حتى يتم توظيف عمالة مناسبة وليس أطفالا تقل أعمارهم عن 16 عاما. وتعهدت الشركة الصينية بأنها سوف تقوم بذلك ولكن بعد ثلاثة أشهر، وجدت أبل من جديد ثلاثة عمال دون السن القانونية وأحدهم يبلغ 14 عاما فقط وتوقفت أبل عن منح شركة Suyin Electronics أعمالاً جديدة بسبب الإنتهاكات حيث تشمل سياسة أبل حظر الموردين الذين يستخدمون عمالة دون السن القانونية ولكن استغرق الأمر من أبل ثلاث سنوات حتى تقطع علاقتها بالشركة الصينية.  السؤال هنا؛ لماذا لا تقطع أبل علاقتها بالموردين الذين يجلبون لها المشاكل؟


أبل وموظفي سلاسل التوريدات

قال موقع ذا إنفورميشن والذي نشر وثائق استمدها من مقابلات مع أشخاص على صلة بالأمر، أن مشكلة أبل وشركة Suyin، ما هي إلا مثال صارخ وقطرة في بحر بسبب المعاملة الغير لائقة وحتى توظيف أشخاص دون السن القانونية من قبل مورديها لإمداد أبل بما تحتاجه للتوسع في أرباحها دون إعطاء أي أولوية أو حتى أهمية لظروف العمل الخاصة بموظفي سلاسل التوريدات.

ومنذ وقت قريب ربما شهر، قام عمال متعاقدون في مصنع ويسترون آي-فون بالهند بأعمال شغب واشتكوا من أن جزءا من أجورهم المتفق عليها تم اقتطاع، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن المصانع التي تديرها شركة Lens Technology والتي تعتبر مورد رئيسي لشاشات الآي-فون، استخدمت مسلمي الإيغور كعمالة بشكل قسري وأبل تمارس ضغوطا لإضعاف التشريعات التي تحاول وقف استخدام الشركات الأمريكية لهذه القوة العاملة.

وعن سياسة أبل تجاه العمالة في الصين والهند، قال لي تشيانغ مؤسس مجموعة Labour Watch التي تحقق في سلسلة توريدات أبل “الشركة الأمريكية تسعى للربح ولهذا تجدها في الأغلب تتجاوز الحد الأدنى من المعايير التي وضعتها السلطات المحلية لأن كل بنس (هللة) مهم لها”.


حجج واهية

قالت شركة أبل في تقارير عن مورديها، أنها لا تتسامح مطلقا مع استخدام العمالة القسرية ودون السن القانونية وأن استخدام العمال المؤقتين والمتعاقدين يجب أن يتوافق مع القوانين المحلية كما يجب على الموردين دفع جميع الأجور والمزايا وعند اكتشاف انتهاكات في سلسلة التوريدات، تمنح المورد مهلة ثلاثة شهور لإصلاح الأمر وإلا يتم إيقاف العمل معه.

ولكن وفقا لموقع ذا إنفورميشن، فإن أبل تواجه مشاكل في التخلص من الموردين الذين يخالفون بإستمرار تلك القواعد لأنه لا يوجد العديد من الشركات البديلة التي يمكنها أن تحل محل الأخرى وحتى عند إيجاد البديل فإنه يستغرق وقتا للوفاء بمعايير أبل الصارمة من حيث الجودة والحجم وقال موظف سابق لأبل أنه في حالة شركة Suyin كان فريق الشركة الأمريكية مترددا في تحويل العمل لبديل آخر لأن هذا كان سيؤدي إلى تأخيرات وتكبد تكاليف أعلى.

وفي مقابلات مع 10 أعضاء سابقين في فريق مسؤولية موردي أبل – عبارة عن وحدة تراقب انتهاكات قواعد العمل والبيئة والسلامة، قالوا أن أبل أخرت أو تجنبت قطع علاقتها مع المخالفين لأن هذا كان سيضر بأعمالها، وأضاف أحدهم أن الشركة الأمريكية استمرت مع بعض الموردين الذين رفضوا تنفيذ اقتراحات السلامة أو انتهكوا بإستمرار قوانين العمل.


رد الفعل بعد الفضيحة

كانت أبل قد اتخذت إجراءات علنية ضد إثنين من الموردين خلال الأشهر الأخيرة بعد أعمال الشغب في ويسترن أصبحت غير مؤهلة لتصنيع الآي-فون حتى تنتهى من الإجراءات التصحيحية بينما اتخذت خطوات مماثلة ضد شركة تصنيع آي-فون أخرى وهي بيجاترون حيث قام الموظفين بتزوير مستندات لبعض الطلبة العاملين في المصنع ليتمكنوا من العمل ليلا أو ساعات إضافية أو أداء أعمال لا علاقة لها بتخصصاتهم، ومع أنه نادرا من تكشف أبل عن مشاكلها مع الموردين ولكنها فعلت هذه المرة بعدما كشفت التغطية الإعلامية تلك الحوادث وتم فضح الأمر وهنا كان على صانع الآي-فون أن يتحرك ويبدو مثل الذي يهتم بالعمالة.

وبالطبع سوف تترك أبل مهلة الـ 90 يوما لتلك الشركات لإصلاح الأوضاع التي سوف يقومون بالفعل في معالجتها أمام أبل وحتى لو لم يتم اصلاح المشاكل لن يحدث شيئاً لأن أبل لا تكترث إلا لمصلحتها وسيكون الإستغناء عن شركة مثل بيجاترون مكلفا للغاية لسببين سيؤدي الأمر لماكل مثل تأخير في إنتاج الآي-فون بجانب أن الشركة تعتبر منافس لشركة فوكسكون أكبر موردي أبل وفي معظم الأوقات تستخدم أبل علاقتها مع بيجاترون للتفاوض مع فوكسكون والحصول على أسعار أقل.


عدم الرغبة في التغيير

Apple CEO Tim Cook

توضح تجربة أبل مع شركة Biel Crystal، أحد الموردين الرئيسيين لشاشات الآي-فون بأن الشركة الأمريكية لا يهمها الأوضاع السيئة للعامين حيث تم اتهام مورد أبل بوجود ارتفاع في معدلات إصابة العمال بجانب انتهاكات عمل أخرى وهذا ما توصل إليه فريق مسئولية الموردين لأبل وأضاف أن ثقافة البيئة والصحة والسلامة في شركة بيل كريستال ضعيفة على جميع المستويات.

ومع التوصية بتعديل وإصلاح المشكلات خلال ال 90 يوما، قال موظف سابق من فريق مسئولية الموردين أن معظم أعضاء الفريق أوصوا بأن تبحث شركة أبل عن بدائل لشركة بيل كريستال إلا أن الشركة الأمريكية لم تكن راغبة في إجراء تغييرات لأنها لا تريد أن يكون هناك مورد واحد فقط لأي مكون خاص بأجهزتها حيث يصبح الأمر صعبا على أبل ولا تستطيع التفاوض والحصول على سعر منخفض ولهذا استمرت بالتعاون مع بيل كريستال التي لم تقوم بالإصلاحات لأن هذا يعني مزيد من التكاليف عليها.


أبل والربح

Apple

تعد شركة أبل واحدة من أكثر الشركات شهرة في العالم كما تبلغ قيمتها السوقية حوالي 2.3 تريليون دولار ولأنها لا تهتم سوى بالربح لم تقم بإزالة العديد من مورديها المخالفون فقط 22 مصنع وهذا الرقم يمثل حوالي 1% من حوالي 2000 موقع لسلاسل التوريدات الخاصة بها كما أنها تُخطر مورديها بأن هناك عملية تدقيق خلال الأشهر القادمة ولا تقوم بعمليات تدقيق مفاجئة إلا نادرا وهناك مشكلة أخرى تتمثل في التعويضات القليلة التي تمنحها للموردين لإصلاح المشاكل والتي لا تكفي حيث يقول أحد موظفي المشتريات السابقين لأبل ” يتم تقييم أدائك بناءا على الأموال التي ساعدت أبل في توفيرها وليس على تحسين صورتها أمام الآخرين”.


وجهة نظر

عدم رغبة أبل في فرض عقوبات صارمة على الموردين يجعل من السهل عليهم تكرار انتهاكهم وتوظيف عمالة دون السن القانونية أو حتى عمالة قسرية مع أجور زهيدة، بمعنى أنها تبعث رسالة للموردين الآخرين مفادها، مهما فعلتم لن أترككم مادمنا نحقق الأرباح التي أريدها وعندما يحدث شيء، دعونا ننتظر بعض الوقت ثم يمكننا العودة لما كنا نفعله من قبل دون أي مشكلة.

من وجهة نظرك هل ترى أبل مخطئة في تعاملها مع شركات التوريد المخالفة، شاركنا برأيك في التعليقات

المصدر:

theinformation

مقالات ذات صلة