انتهى الحدث الكبير بالأمس في أول يوم من ايام مؤتمر أبل للمطورين WWDC 2010 الخمسة، وانتهى ستيف جوبز من كلمته الطويلة التي أعلن فيها عن الكثير من الأشياء المهمة تركزت غالبها في نقطتين قصد بهما هذا التركيز، وهما جهاز الآي فون الجديد iPhone 4 ونظام الآي فون الجديد الذي يعمل على الأجهزة الثلاثة من أبل والذي أصبح اسمه iOS 4.0 والذي يحمل المستقبل كل المستقبل لأبل ولعالم أجهزة الهاتف الذكية.
لنا في تحليل هذا الحدث وهذه الكلمة وهذا التركيز على تلك النقطتين، عدة نقاط واستنتاجات نشارككم بها وننتظر آرائكم وتعليقاتكم عليها:
1- فأولا أرادت أبل وأراد ستيف جوبز إعادة التوازن للآي فون محليا بعد أن طغا عليه الآي باد لذلك لم نر ذكرا كثيرا للآي باد عندما بُدأ المؤتمر به وحتى لم نسمع عن تحديث نظامه إلى النسخة الجديدة وكأن ستيف يقول لندع هذا المؤتمر بأكمله للآي فون الجديد وقدراته الخارقة. وذلك النظام الجديد.
2- أيضا أرادوا إعادة التوازن للآي فون خارجيا بعد صعود الأندرويد والتنافس في هذا المجال بين مختلف الشركات، وهذا ماقصده ستيف جوبز عندما استعرض حصص الهواتف الذكية في السوق الأمريكية وكيف حلت أبل ثانية في السوق وأولى في مجال تصفح الإنترنت بنسبة عالية ولم ينس طبعا أن يقارن بالأندرويد مدركا أنه منافس حقيقي لكنه في نفس الوقت مبديا ارتياحه بأن الآي فون يمثل 3 أضعاف انتشار الاندرويد ولا شك بان الفارق سيزداد مع هذه القدرات الخارقة الجديدة للآي فون 4 ولنظامه الجديد
أما بالنسبة للإنطباعات الأخرى من هذه الكلمة فكلها تركز على ترسيخ سوق أبل ومنتجاتها في الساحة في المجالات القديمة والحديثة التي دخلت بها ويتمثل ذلك فيما يلي:
1- الدخول لسوق الإعلانات بقوة بعد استحواذ جوجل على admob والسعي إلى أخذ نصيبها من كعكته الكبيرة والتي تدر مئات الملايين على الشركات. ونرى ذلك من خلال هذا الحديث الطويل عن النظام الجديد للإعلانات iAds التفاعلي والمتطور وعن تلك الإتفاقيات التي أبرمتها أبل بالفعل منذ أسابيع مع العديد من الشركات لرعاية تلك الإعلانات.
سوق الإعلان على المحمول سوق ضخم جدا وواعد ومازال في بدايته ولا شك بأن أبل تدرك أن نصيبها سيكون منه كبير.
2- وأيضا هذا يؤدي إلى أنها ستجتذب الكثير من المطورين لمنصاتها، وكنا قد تحدثنا قديما عن توجه كبير للمبرمجين للتطوير على منصة أبل وتفضيلهم ذلك على العديد من المنصات الأخرى والآن نتوقع أن يتزايد هذا العدد بقوة بعد طرح النظام الجديد والمميزات الهائلة للآي فون ومع تعدد الأجهزة أيضا فانت هنا تبرمج للآي فون والآي باد والآي بود تتش وأنت هنا أيضا تبرمج قريبا لمائة مليون جهاز حول العالم، وأنت هنا وإن كان تطبيقك مجانيا فستكسب أيضا مع نظام الإعلانات الجديد التفاعلي iAds
3- أيضا رأينا أن أبل لم تقطع الطريق مع جوجل من خلال بقاء محرك بحثها كافتراضي في الآي فون (رغم أننا لم نر إيريك شميدت في المؤتمر) مع إضافة محركي بحث ياهو وبينغ من مايكروسوفت وهي خطوة ذكية توقعناها سابقا وحللنا عنها باستفاضة في علاقة أبل مع مايكروسوفت وجوجل. رأينا أيضا كيف أثنت أبل على مايكروسوفت فيما يتعلق بالـ HTML 5 . أبل هنا شركة تعمل لمصالحها لكنها تدرك أنها ليست الوحيدة في السوق وأنها لا بد أن تتعاون مع الآخرين بما لا يتعارض مع مصالحها.
4- ومن خلال إدراك أبل لقوة التنافس في سوق الهواتف الذكية قامت بطرح أغلب أوراقها بتقديم الآي فون كنظام تشغيل وكجهاز بخطوات عريضة للأمام استباقا لخطوات جميع المنافسين والابتعاد عنهم بمسافة كبيرة من خلال التقنيات الجديدة المادية والبرمجية. والتي رأيناها بكل قوة في الميزات العالية لنظام التشغيل وبالهاردوير المتقدمة في الجهاز الجديد.
5- الدخول أيضا بقوة إلى سوق الإنتاج المرئي وعالم الفيديو والاستغناء عن أي كاميرا اضافية ولإن الفيديو سيمثل عصب الإنترنت في المرحلة القادمة. ومارأيناه من امكانيات الآي موفي iMovie الكبيرة بنسخته الجديدة على الآي فون وسعرها البالغ خمسة دولارات ليس إلا بداية كما قيل لاحقا حيث آوضح أن البرنامج الشهير الفاينل كت ستوديو Final Cut Studio سيتوفر أيضا في متجر البرامج للآي فون وبسعر عشرة دولارات!
حقا إنه الإعلام الجديد وهذه المرة بتجلي واضح مع جهاز بحجم راحة يديك. أظن أن الكثير من المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية ستشتريه لصحفييها بدلا من الكاميرات وأجهزة الإنتاج الباهضة الثمن لنكتشف المزيد من الحقائق والتقارير حول العالم بواسطة الآي فون وستيف جوبز وأبل.
6- الإصرار أيضا على ترسيخ القدم في ساحة الألعاب بعد النجاح الهائل فيها بواسطة الآي فون والآي باد وذلك من خلال تقديم تقنيات جديدة مثل الجيروسكوب والشاشة العالية الدقة بالتقنية المطورة عن الـ LCD والمسماة IPC وتطوير المعالج والبطارية طويلة العمر وغيرها.
وأيضا من خلال تقديم اثنين من رؤساء الشركات التنفيذية الخاصة بألعاب شهيرة على المنصة لتقديم لعبتي Farmville على الآي فون وبميزات جديدة ولعبة Guitar Hero أيضا كل هذا يكشف نية أبل القوية لمواصلة نجاحاتها في مجال الألعاب رغم ان ستيف لم يتحدث عن مركز الألعاب Game Center لكن نتوقع أنه ترك هذا لبقية جلسات المؤتمر ومع المختصين والمهندسين.
7- توفير خدمة قارئ الكتب ومتجره iBook للآي فون كما كان متوقعا وكذلك إدراج العديد من المزايا فيه ومن أهمها المزامنة بين الأجهزة للملاحظات والتأشيرات والمراجع للكتب وقراءة صيغ البي دي إف PDF كله يشير إلى أن أبل ستنافس بقوة القارئيَن الموجودين حاليا على الآي فون وهما كيندل وبارنز أند نوبل وبالفعل فسوقها وبعد شهرين من انطلاقه اقتطع حصة 22% منه ومازال.
هذا بالإضافة إلى ان هذه التطويرات وامتداد سوق الكتب للآي فون يعيد أيضا التوازن للآي فون مع الآي باد ولا يلغي ميزته لصغر حجمه خصوصا بعد هذه الدقة الهائلة لشاشته وكذلك سيحرك هذا من السوق الثقافي ومن سوق رواج الكتب وانتشارها خصوصا بعد أن أتاحت أبل الفرصة للجميع لنشر كتبهم وبيعها عبر هذا المتجر.
8- تغيير تسمية النظام من iPhone OS إلى iOS إلى درجة شراء هذا الاسم كعلامة تجارية من سيسكو يؤكد لنا أن أبل سترهن كل مستقبلها على هذا النظام المتطور الذي يثبت نجاحه يوما بعد يوما ومازال من خلال ثلاثة أجهزة.. الآي فون والآي باد والآي بود تتش وستصل أبل تقريبا إلى رقم 100 مليون لهذا النظام وهو رقم هائل جدا يشير إلى انتشاره الكبير.. ومن يدري ربما نرى جهازا رابعا جديدا يعمل به هذا النظام.