لطالما تميزت أبل بأمر مهم عن بقية منافسيها في سوق الكمبيوتر والهواتف الذكية والاجهزة اللوحية وهو التكامل المتقن والمتفاني او التوافقية العالية بين السوفت وير والهاردوير (وربما اعتبره البعض نقيصة) لكن هذا ماادى بها وجلب لنا منتجات ذات جودة عالية لا تواجه تلك المشاكل المألوفة التي تنتاب بقية الاجهزة والمنافسين. وربما كان الوجه الاخر لذلك ان تكون اقل انتشارا نظرا لان هذا التكامل يتطلب تحكما مركزيا واغلاقا (ساتحدث بتدوينة منفصلة عن خرافة المصدر المفتوح والمغلق) لكن الامر تغير مع عهد الهواتف الذكية والاجهزة اللوحية التي شهدت اكبر انتشار لمنتجات تقنية في تاريخ الحوسبة في مدد قصيرة حققت فيها ابل ملايين الوحدات المباعة لكل من الاي فون والاي باد وفي ايام معدودة مما لم يُسبق اليه في منتجات وشركات اخرى.
المهندس وخبير البرمجيات ستيف تشيني كتب عن احد اوجه ابل في ابداع التكامل بين السوفت وير والهاردوير في الميزة الجديدة التي تاتي مع الاي فون 4 وهي المحادثة المرئية او ماتسمى بالفيس تايم FaceTime ويهمنا ان نلخص لكم بتصرف ماكتبه ستيف تشيني حول هذا الموضوع:
– ابل اثبتت قوتها في سوق الهواتف الذكية وتميزها مرة اخرى مع الاي فون الجديد iPhone 4 رغم المشاكل البسيطة التي رافقته من هنا وهناك (مليون وسبعمائة الف جهاز في ثلاثة ايام فقط وفي خمس دول فحسب!)، بل واثبتت مع هذا الجهاز الجديد ان منتجاتها لا نظير لها في التصميم والتكامل المتقن بين العتاد والبرامج بشكل كبير عن بقية الشركات الاخرى وليس فقط في المزات.
– احد اوجه هذا الابداع في التكامل المتقن هو ميزة المحادثة المرئية في الاي فون الجديد او الفيس تايم والفرق في الجودة والسهولة ياتي بالمقارنة مع احدث الاجهزة في السوق وهو جهاز اتش تي سي ايفو HTC Evo الذي يحمل نظام الاندرويد على شبكة Sprint حيث يلزمك لاجراء مكالمة مرئية شبيهة ان تحمل برنامج خارجي وتقوم بالتسجيل بينما الامر في الاي فون الجديد الذي يحتاج الى ضغطة زر واحدة اثناء المكالمة نتيجة الالتحام الرائع بين العتاد والبرامج ونظام التشغيل لدى ابل.
– لكن ستيف يشير الى ان هذه الميزة الابداعية- اي المحادثة المرئية وسهولتها- هي مجرد لعبة او دعابة من ابل لا تبين الكثير مما تحت السطح من القدرات الحقيقية التي تقدمها في التكامل بين العتاد والبرامج والالتحام بدقة تامة. وبقدرات هائلة لم يعرفها الكثير بعد وهي نتيجة لسياسة (التكامل الرأسي) في المنتجات التي تتبعها ابل منذ فترة (سنتحدث عن هذا قريبا جدا!).
– يشير ستيف الى ان ابل تجاوزت وابتعدت وتميزت عن الشركات الاخرى في المنافسة على حشد الميزات وتقديمها وفضلت ان تنافس وتتميز بالجودة والاتقان والتكامل الى درجة ان ترى هاتفا محشورا بمئات المزايا التي لاحاجة لها او لم يحن اوانها بعد ولم تنضج (كشبكة الجيل الرابع مثلا 4G التي لم تستوي على سوقها بعد مع ذلك ظهرت بعض الهواتف تعمل عليها ويظن ستيف ان الاي فون حتى في اصداره الحامس العام القادم لن يحتوي على هذه الميزة!).
– هذا التنافس المحموم والذي يتشارك في قيادته مصنعي الاجهزة OEMs كاتش تي سي الشهيرة التي تنتج اجهزة بكثرة وبتواتر عالي وكذلك مصنعي المكونات الداخلية كالذواكر والمعالجات والذين يقعون تحت وطأة التحليلات السوقية والتوقعات الوهمية وبالتالي تخرج لنا هواتف ذكية مثلا تبدو خارقة بميزاتها الكثيرة والتي لا تنتهي لكن ادائها يكون اسوأ ما يمكن وبطاريتها تنتهي في ساعات قليلة!
– ويرى ستيف ان أبل تختلف في طريقة تفكيرها عن هذا تماما فهي تهمها الجودة اولا والتكامل وليس حشد الميزات (كل التساؤلات والانتقادات والسخرية منذ اول اصدار للاي فون الى بقية الاصدارات الى الاي باد كانت حول ميزات مفتقدة وبعضهم يراها اساسية!) فاذا كانت الميزة تتعارض مع سهولة الاستخدام ومع الدمج والتكامل المتقن لكل المنتج وواجهة الاستخدام وال UX فانها حتما ستستبعد ولن تضع ابل هذه الميزة في منتجاتها الا عندما تشكل اضافة جديدة وبطريقة ابداعية مختلفة عن الجميع كما راينا ذلك في الفيس تايم او المحادثة المرئية وفي تعدد المهام. وهذا مااسماه الكاتب لدى ابل باستراتيجية منتجات الحد الادنى.(وهذا ما سيأتينا بالبساطة وسهولة الاستخدام حتى بتنا نرى الاطفال وكبار السن يستطيعون استخدام الاي باد مثلا من اول مرة!)
– سياسة ابل التي ترتكز على مفهوم (التكامل الرأسي) Vertical Integration والتي جاءت ببدء أبل بانتاج رقائق المعالجة الخاصة بمنتجاتها (بشرائها لشركة رقائق تسمى PA Semi قبل فترة في وقت تخلت العديد من الشركات عن هذا الامر! ) حيث امتلكت فريق خاص بمصممي ومهندسي مايسمى SoC او الانظمة المرتكزة على الرقائق لتتحكم كليا بمنتجها وتعرف جميع خباياه ومشاكله وميزاته ومايدور فيه وفي مكوناته الداخلية بشكل واضح تماما وبالتالي تسهل عملية التكامل والتوافق والتي تقودنا الى منتج ذو جودة عالية.
– يقول ستيف ان ابل اصبحت منافسا في سوق الانظمة المرتكزة على الرقائق وهذا مالم يدركه من الشركات المختصة بذلك التي كانت تاتي لمقر ابل لمشاركتها اسرارها في خطط انتاج وتطوير تلك الرقائق وهو مااستفادت منه ابل ويؤكد ستيف ان ابل بالتاكيد في المرحلة النظرية لتصميم معالج A6 الخاص بالجيل السادس من الاي فون (نعم الجيل السادس وليس الخامس اي iPhone 6) !
– يوضح ستيف ان لابل قدرة هائلة وقوية في التقاط جميع ردود الافعال والبيانات من المزودين والبائعين والمستهلكين ومن ثم جمعها كلها ودراستها وتحليلها ودراسة المنافسين كذلك ومن ثم تقرير ماسوف تنتجه وماسوف تعطيه لطرف ثالث وماسوف تشتريه في تصميم انظمتها وبذلك تتفوق على المنافسين في حسن عملية جمع البيانات وتحليلها والاستفادة منها ويشير ستيف الى ان شركة سيسكو تقوم بدور مشابه لابل في جودة هذه العملية وحسن اتقانها. لكن ابل هي الشركة الوحيدة في عالم الهواتف الذكية التي تمتلك اركان نجاحها وتسيطر عليها وتعرفها بدقة وهي: العتاد او الهاردوير ونظام التشغيل او السوفت وير والمعالجات (الاستثناء الوحيد هو سامسونج).
– من هنا ومن خلال التكامل وفهم هذه المكونات الثلاثة نجحت ابل في تقديم منتج متميز عن البقية لا يشكو من عللهم وذو جودة وتوافقية عالية (حسنا ولذلك من الافضل ان تبقي ابل على سياستها هذه في انتاج النظام الواحد للجهاز الواحد وبدون تدخل اطراف ثالثة في عملية الانتاج ولو كانت هذه الجودة على حساب الكمية او مايسميها البعض ذما سياسة الانغلاق!) ومن الصعب على جوجل وموتورولا وغيدهم صنع شيء مشابه اعتمادا على انفسهم فقط.!
– لذا يؤكد ستيف ان رئيس شركة ابل ستيف جوبز لم يكن خاطئا في قراراته وسياساته فيما يتعلق بالاي فون وسياسة “التكامل الرأسي” vertically integrate بل اثبت صحتها ونجاعتها وجعل من ابل شركة مميزة ومنافسة قوية في قطاع حديث نسبيا بل وفي قطاع جديدة تماما عليه تنافس فيه العمالقة وهو قطاع صناعة اشباه الموصلات. فابل شركة تعمل بواسطة استراتيجيات مبهرة وفرق من المصممين المبدعين المختصين بال UX او تجربة المستخدم، لا مهندسين يعرفون بعمق منتجهم وادق تفصيلاتها من كل نواحيه الثلاث: النظام والعتاد والمعالج بطريقة امكنتهم من دمجها وتكالمها وتوافقها لنرى منتجا متميزا ومبدعا كالاي فون وميزات سهلة وقوية كالمحادثة المرئية او الفيس تايم!