عندما عرض ستيف جوبز الآي باد في يناير الماضي، لم تكمن المفاجأه في اطلاق الآي باد ولكنها كانت في سعره وهو 499$ فقط! لم يتوقع احد هذا السعر, ولكن آبل استطاعت ان تصل لهذا السعر. والآي باد لم يكن جهاز عادي بل جهاز غير سوق الاجهزة اللوحية باكلمه. فما زال الآي باد افضل واكثر منتج مبيعاً بالمقارنه مع الاجهزه اللوحيه الاخري.
ظهر موتورولا زووم تابليت لأول مره في الولايات المتحده بسعر 799$ (لنكون منصفين اكثر آي باد نستطيع مقارنته به يقدر بحوالي 729$ اذا قارناهم من حيث المواصفات التقنية)
ولكن لا يوجد زووم ب 499$ وبضغط آبل على السوق بسعرها المنخفص قامت موترولا بتوفير جهاز زووم بمواصفات اقل وبسعر 599$ لكن مازال عدم وجود جهاز لوحي بسعر 499$ من المرجح ان يضر موتورولا والشركات المنافسة الاخرى.
بالنسبة لسامسونج جالاكسي تاب سعره 600$ مع فارق ان الشاشة صغيره نسبيا (7 انش).
اذاً لم يستطيع المنافسين مجارة آبل في السعر والحفاظ على نفس الجودة، لماذا من الصعب جدا الوصول الى سعر 499$ ؟ وكيف كانت أبل قادرة على الوصول لهذا السعر؟
جاسون هينر من Tech Republic يعتقد ان هذا له علاقه وبشكل كبير باستراتيجية آبل للبيع بالتجزئه. حيث أن آبل تمتلك الآن حوالي 300 متجر للبيع علي مستوي العالم يبيعون الآي باد بشكل مباشر للعملاء. هذا مفيد جدا لانه في بداية الامر كانت اجهزة آبل تباع عن طريق طرف ثالث (third party) ومن ثم كانت هناك نسبة كبيرة من الأرباح مخصصه لهذا الطرف الثالث, اما الان فالارباح كلها تذهب لآبل دون اي اقتطاع منها (حيث انها هي التي تنتج وهي نفسها التي تبيع بدون وسيط).
وقد تعاونت آبل مع قليل من سلاسل متاجر البيع الشهيره مثل بيست باي, وول مارت ولكن هذه المتاجر دائما ما كانو يحصلون علي عدد قليل من الوحدات. ويعتقد ان الغرض الاساسي من التعاون مع مثل هذه المتاجر هو المساعده في التسويق بنسبة كبيره اما بيع الآي باد فهو هدف ثانوي نسبيا حيث انهم يبيعون النسبة الاكبر عن طريق متاجر آبل الموجوده في كل مكان .
مزايا عملية البيع بالتجزئه في متاجر آبل قد تبدو واضحه. ولكن هينر قد نسي ان يذكر ارتفاع التكاليف التي يجب ان تدفعها آبل لكل من ال 300 متجر الخاصه بها. لا نستطيع ان ننكر ان تشغيل متاجر خاصة بآبل لها فوائد واضحه منها سهولة وصول العملاء للمنتجات والأهم ان في متاجر آبل سيتجنب العميل عندما يفكر مثلا بشراء جهاز لوحي ان يقارن بين المنتجات (كمثل الآي باد و جالاكسي تاب مثلا) لانه بالتأكيد اذا ذهب الي احد متاجر آبل لن يجد امامه سوي الآي باد.
لكن اذا اردنا الاجابة علي هذا السؤال ( لماذا تباع الآي باد بسعر 499$ ؟) بتفصيل أكثر ينبغي علينا النظر لجميع الاعتبارات وليس فقط استراتيجية البيع بالتجزئه.
اشترت هيوليت باكارد شركة palm ليس فقط لصناعة اجهزة محمولة تعمل باللمس ولكنها أرادت ان تملك نظام تشغيل المحمول الخاص بها (مثل iOS بالنسبة لآبل) لتوقف اعتمادها الشديد على مايكروسوفت (التي وحتى يومنا هذا، ما زالت لا تملك استراتيجية ذات مصداقية للاجهزة اللوحية).
بالنسبة للآي تيونز, تأخذ آبل نسبة من كل عملية بيع من خلال اي من متاجرها الرقمية: متجر البرامج، iBooks وموسيقي وفيديو آي تيونز. وبرغم ان متجر iBooks ما زال امامه طريق طويل ليقطعه قبل ان يلحق بكيان كبير مثل آمازون، الا ان متجر البرامج والآي تيونز هما انجح وسائل الاعلام الرقميه من نوعها.
في نهاية المطاف، كان من الممكن يكون سعر الآي باد أعلى بكثير من 499$ لكن من المرجح أن أبل تستطيع تحمل استيعاب تكاليف انتاج وبيع آي باد بسبب النقاط التي ذكرناها من قبل والتي تتلخص في:
- ان آبل لها اكثر من 300 متجر تبيع فيه منتاجاتها بشكل مباشر للعملاء
- ان برمجيات آبل هي من صناعة وانتاج آبل
- آبل اصبحت تنتج معالجات ورققات خاصة بها
- ان آبل تدير متاجرها الرقمية الخاص بها والتي تدر عليها ارباح مثل App Store, iBooks, iTunes
- وأيضا لأن لها رقابة شديدة على كل جانب من جوانب الشركة للسيطرة على السعر
وسيظل المنافسون يكافحون من أجل منافسة قضية السعر (499$) لأنها شركات ليست متكاملة تماما مثل أبل، من حيث استراتيجية البيع بالتجزئة وسوق المحتوى الرقمي وأجهزة الكمبيوتر وهندسة البرمجيات.
كما يقول ستيف جوبز جملته الشهيرة “أبل هي الشركة الوحيدة في صناعتنا القادرة علي صناعة المنتج كله” وبكلمة “كله” فانه يقصد المنتج كجهاز مثل الآي باد والمكونات الداخلية له مثل رقاقة A5 و نظام التشغيل نفسه iOS (وطبعاً نحن نتكلم عن الاساسيات)، ومن هنا يمكننا القول ان المنافسون سوف يواجهون مشكلة في منافسة سعـر منتج مثل الآي باد بغض النظر عن المنافسة في تقنيات التطوير ونظام التشغيل التي حققت آبل فيها نجاحاً منقطع النظير.