هل الأمر أشبه بأن تخترع منتجا جديدا في السوق التقني لتتزعم صدارته فترة من الزمن ثم تزاح عن تلك الصدارة من قبل الآخرين لتبحث عن ذات في منتج جديد؟ هل هذا ما يحدث مع آبل فعلا في الآي فون والآي باد!
ربما خصوصا مع تصاعد انتشار الأندرويد مقابل الآي فون في عدة مجالات مقابل سيطرة شبه مطلقة حتى الآن لآبل في سوق الأجهزة اللوحية أو التابلت بحسب ما تظهره آخر الإحصائيات والدراسات في هذا السوق، والتي تدرس فقط فترة الربع الرابع لعام 2010 بحسب معهد IDC الذي أشار الى الى هيمنة الآي باد على ثلاثة أرباع هذا السوق و 83% في عام 2010 مجملا على الرغم من وجود جهاز الجالكسي تاب ذلك الوقت والنجاح النسبي الذي حققه بملايين الوحدات التي باعها إلا أن الآي باد كما يبدو كان الأكثر شعبية وانتشارا.
كل ما سبق يتعلق بمرحلة الآي باد في جيله الأول والذي أعاد لنا ذكريات ظهور الآي فون لأول مرة عام 2007 والهزة التي أحدثها في سوق الهاتف النقال، والذي كررها الآي باد مجددا في عام 2010 كصنف جديد من الأجهزة.
لكن ماذا عن الآي باد 2 أو الجيل الثاني منه والذي أطلق في الأسواق يوم الجمعة الفائت، ما هي التوقعات وما هي الاحصائيات المحتملة وما هي ردة فعل المحللين التقنيين؟ خصوصا مع ظهور منافسين جدد أبرزهم الموتورولا زووم!
مبدئيا يبدو أن الأمر يصب في مصلحة آبل والآي باد خصوصا مع الاقبال الشديد عليه مع أول ساعات طرحه (وصل الأمر لبيع امرأة احتلت الدور الأول في الصف (الطابور) امام المتجر لشراء الآي باد، حيث باعت دورها هذا بتسمعائة دولار!) ووصف بعض المحللين التقنيين أن الآي باد 2 سوف يراكم الكثير من الغبار على أجهزة منافسيه المفترضين في رفوف المتاجر (كناية عن كسادها وعدم شرائها) ووصف آخرون بأنه فعليا لا يوجد أي منافس للآي باد!
الأرقام من معهد IDC يبدو أنها تؤيد ذلك حيث يتوقع أغلب المحللين أن الآي باد 2 سوف يحقق نسبة سيطرة ب 80% من سوق الأجهزة اللوحية مقابل 20% لجميع المنافسين الآخرين!
على الجانب الآخر يواصل أمازون كندل نجاحه في سوق أجهزة القراءة الالكترونية (وهنا علينا أن نفرق بين الأجهزة اللوحية Tablets وبين أجهزة القراءة الالكترونية e-Reader) حيث يسيطر الكندل على حوالي نصف هذا النوع من الأجهزة مع بنية كاملة لمصادر الكتب وعملية الشراء لها بخبرة أمازون العريقة في هذه التجارة الالكترونية.
ويرى المحللون أنه ورغم الاختلاف النوعي بين الكندل والآي باد، الا أن ذلك الأول يمثل أقرب المنافسين للآي باد وأخطرهم بكل الامكانيات التي يوفرها ولا ينقصه سوى دعم ملتميديا وبرامج أكثر حيث يتفوق الآي باد.
بالمجمل فان سوق الأجهزة اللوحية ينمو بشكل سريع وضخم حيث ازداد بنسبة 124 % في ثلاثة أشهر فقط! وهو ما فاق حتى توقعات المحللين أنفسهم، حيث تم بيع اكثر من 10.1 مليون جهاز لوحي في ثلاثة أشهر (الربع الرابع من 2010) بزيادة 4.8 مليون جهاز عن الثلاثة أشهر السابقة، وباعت آبل لوحدها في تلك الفترة من هذا العدد حوالي 7.3 مليون جهاز آي باد بما نسبته 73% فيما حقق سامسونج جالاكسي تاب حوالي 17% أو ما يعادل 1.7 مليون جهاز وحققت بقية الشركات والأجهزة 10% في ذلك الربع السنوي.
ماذا عن المنافسين الجدد للآي باد؟ خصوصا ذلك الموصوف بأنه القاتل للآي باد، بالتحديد موتورولا زووم Xoom خصوصا انه جاء بنظام تشغيل محسن جدا من الأندرويد بنسخته الثالثة والتي نالت ثناء النقاد والمتابعين، لكن مع ذلك العديد من النواقص في هذا الجهاز من ناحية الهاردوير والسوفت وير بالاضافة الى السعر المرتفع ستؤثر بشكل كبير على كونه المنافس الأخطر أو الذي سيتجاوز الآي باد، خصوصا مع ظهور المبيعات الكبيرة للآي باد 2 وأيضا عدم التقليل من المنافسين الآخرين الذين سيقتطع كل منهم حصته ونتحدث هنا عن البلاي بوك وعن الاتش بي وغيرهم من الشركات.
لكن لماذا يحقق الآي باد بجيليه حتى الآن كل هذا النجاح وهذا الانتشار والشعبية الكبيرة ويسيطر على سوق الاجهزة اللوحية رغم ظهور هذا الكم من المنافسين وتفوق بعضهم على الآي باد من بعض النواحي، ما هو السر؟
يجيبنا المحللون بأن أسباب ذلك تتلخص في التالي:
1- العامل الأول يتركز في السعر، حيث فشل جميع منافسي الآي باد في تقديم سعر أرخص منه وبنفس جودة المزايا سواءا كان ذلك بعقد مع شركات الاتصالات أو بدونه.
2- الأمر الثاني يتلخص في المحتوى، حيث لا توجد شركة تقدم محتوى غني مع جهازها اللوحي مثل الآي باد وآبل، فما قيمة الهاردوير بدون محتوى ينفخ فيه الروح والعمل؟ ربما المنافس الاقرب لآبل هنا هي جوجل، لكن آبل ما تزال متفوقة في تقديم محتوى ثري وهائل من موسيقى وفيديو وصوتيات ومحاضرات وكتب وتطبيقات وبرامج عبر متاجرها الالكترونية المختلفة بشكل منظم ومتناسق وعبر بوابة واحدة ممثلة بالآي تيونز.
3- الخبرة التسويقية الكبيرة لآبل والتي تجلت في تعاقدها الثوري مع فيرايزون الى جانب اي تي أند تي بعد مفاوضات ماراثونية مع الاثنين بالاضافة الى تعاقدها مع اشهر المتاجر في أمريكا للبيع المباشر للآي باد مثل وول مارت وبيست باي وتارغت وغيرها مما أدى الى انتشار أكبر للآي باد.
في النهاية يتوقع معهد IDC الاحصائي أن يتم بيع 24.1 مليون جهاز لوحي في أمريكا وحدها لعام 2011 على الأقل 20 مليون من هذا العدد سيكون آي باد ويؤيد ذلك استطلاع للرأي لمعهد آخر هو ChangeWave قالت في الاغلبية الساحقة انها ستشتري آي باد في التسعين يوم القادمة بحسب الرسم التالي:
اذاً لا زال أمام آبل مستقبل باهر وعريض في هذا السوق الواعد مما سينعكس ايجابيا على الجميع، على المستهلكين وعلى مطوري التطبيقات وعلى شركات الاعلام والمحتوى، وعلى صناع الاكسسوارات وعلى العديد غيرهم، على الأقل لجيلين أو ثلاثة أجيال قادمة من الآي باد، قبل أن تظهر تقنيات جديدة ومنافسين أقوياء يهددوا عرش آبل هنا، كما يحدث الآن مع الآي فون!
[المصدر: بتصرف عن Wired]