“في شركتنا 20% فقط من وقت العمالة موجهه نحو برمجة تطبيقات الأندرويد ورغم انه ليس كثير الا إننا نحقق فقط 5% من تكاليف التطوير” كانت هذه هى كلمات شركة Mika Mobile في مدونتها الخاصة لتشرح قرارها بالانتقال الى الأبل ستور وترك متجر الأندرويد… فبرغم أن سوق مبيعات أجهزة الأندرويد يعتبر الأكبر عالمياً حيث يتم تفعيل 750 الف جهاز يومياً لكن رغم هذه المبيعات الضخمه فهي ليست كافية لتكون مرضية بشكل للمطورين للاستمرار فيه، فما هى اسباب هذا الأمر ولماذا يجذب متجر أبل المطوريين بشكل أكبر؟
كنا قد تحدثنا سابقاً عن قصة صعود متجر البرامج وتأثيره على المتاجر الأخرى، ثم اجرينا مقارنة بين متاجر التطبيقات، وطبقاً لجوجل فإنه يتم يومياً تفعيل 750 ألف جهاز جديد وهذا يعني سوق ضخم للغاية ينضم إليه ملايين المستخدمين الجدد أسبوعياً ولا يمكن أن ينكر أحد ضخامته، لكن هناك عدد من المفاهيم الخاطئة حول التطبيقات ومتاجر البرامج والبرمجة بشكل عام لذلك سوف نطرح عدد من هذه المفاهيم الخاطئة ونصححها وأيضاً نوضح لماذا يمثل متجر أبل ربحاً اكثر للمطورين.
تطبيقات أندرويد مجانية ومثيلاتها بالآي فون مدفوعة
هذا هو أشهر الاعتقادات الخاطئة في متجر أندرويد حيث تجد الكثيريين يقولون لماذا تختار الآي فون فمعظم تطبيقاته غير مجانية، إذهب إلى الأندرويد وستجد هذه التطبيقات مجانية ثم يكون أشهر مثال على ذلك هو أحد أكثر التطبيقات تحميلاً بمختلف الأنظمة وهو تطبيق “Whats app” حيث يخبرك صديقك انه مجانى وقام بتحميله من المتجر لكن بالآي فون هو غير مجاني. حسناً دعنا ننظر إلى هذا الأمر بشكل أكثر دقة وليكن نفس المثال السابق وهو تطبيق واتس آب. من الشركة تجد الصورة التالية:
الصورة واضحة للغاية. التطبيق متاح مجاناً للعام الأول فقط ثم يصبح غير مجاني وتدفع كل عام مبلغ دولار. أما في الآي فون انت تدفع دولار واحد مقابل الحصول على التطبيق مدى الحياه. حسناً الآن أيهم أكثر وفراً؟ أن تدفع دولار واحد فتحصل عليه للأبد أم تحصل عليه مجاناً لمدة عام ثم تدفع كل عام آخر دولار؟
(نعلم انه يمكنك الحصول عل التطبيقات كراك، لكننا نتحدث عن المستخدمين الذين لا يسرقون التطبيقات)
لماذا تكون كل التطبيقات مجانية؟
سؤال يتناقله الكثيرون لماذا تطبيق كذا غير مجاني؟ والبعض يرسل رسالة قائلاً “الغرب يصنع تطبيقات مجانيه والعرب تطبيقات مدفوعة” وآخرون يكتبون “حرام عليكم أن تصنعوا تطبيقات إسلامية مدفوعة” وغيرها من الرسائل الكثيرة. ودائماً نرد أن التطبيقات مكلفة لكن لا نقوم بتفصيل ما هى التكلفة فعلياً والآن سوف نكتب لكم بعض النقاط (وليس كل) التى تكلف التطبيق:
- أجر المطور وتعتمد على طول فترة صنع التطبيق وقد يعمل أكثر من مطور على تطبيق واحد ويجب العلم ان المطور لا يعمل بالصباح طبيب ومساءاً مطور، بل مهنته هي التطوير وينتظر منها أجر.
- أجر مصمم الجرافيك حتى يظهر التطبيق بشكل جيد لابد من وجود مصمم محترف.
- تكلفة ايجار مقر الشركة فأين تتخيل أن يقوم فريق العمل بتطوير البرامج.
- تكلفة استهلاك أجهزة القائمين على التطبيق فبعد فترة ولطول ساعات العمل على الأجهزة فإنها تهلك ويتطلب تجديدها.
- تكلفة الدعاية للتطبيق فالكثير من التطبيقات الجيدة تفشل ولا تحقق عائد لعدم معرفة المستخدم بها لذلك لكي ينجح التطبيق فهو يحتاج لدعاية.
- الضرائب فلو أردت تأسيس شركة رسمية فلابد أن تدفع الضرائب. والكل يعمل ماذا تعني الضرائب :( .
يجب أيضاً معرفة أن المطور المحترف أو المصمم المحترف سلعة نادره وقليل بسوق العمل بالمقارنة ببعض المهن الأخرى ونتيجة لذلك يكون الأجر الذى يحصل عليه مرتفع فمثلاً إن كنت تريد عامل يحمل لك أثاث المنزل ستجد الكثير لكن للبحث عن مطور محترف له خبره طويله فهذا الأمر قليل ومكلف (تذكر أن XCode الذى يستخدمه المطورون ظهر عام 2008 لذلك فعدد قليل من يجيد التعامل معه وليس مثل باقي لغات البرمجة الأخرى) ، والآن وبعد أن عرفت بعض هذه التكاليف فإن قامت الشركة بطرح تطبيقها للبيع بسوق ما ووجدت العائد غير كاف فكيف تتخيل أن يستمر صاحب الشركة؟ فلقد قام بفتح هذه الشركة للحصول على ربح وليس خسارة أو أن لديه فائض مال يريد إهداره. لهذا لابد أن تكون التطبيقات غير مجانية.
اذاً لماذا يكون هناك تطبيقات مجانية، وكيف تربح التطبيقات المجانية؟
أرى الآن بعض القراء يقول كيف يربح تطبيق كذا المجاني؟ مثل أينستاجرام و دروب بوكس و لعبة تنبل رن و متصفح فايرفوكس؟ فلو كان ما سبق ذكره صحيح بأن كل شركة تسعى للربح فلماذا نرى تطبيقات عملاقة مجانية؟
السبب أن هناك عدة طرق وفلسفات لإدخال الربح تقوم بها الشركات في تطبيقاتها المجانيه ونستعرض بعضها سريعاً:
تمويل التطبيق: وهو أن تقوم شركة أو مؤسسة كبرى بدفع تكلفة التطبيق للمطورين ومقابل ذلك يحمل هذا التطبيق اسم الشركة أو اللوجو الخاص بها أو حتى تستخدمه الشركة في دعايه خاصه بها بأن تقول قمنا بتمويل تطبيق كذا وكذا الشهيرين.
الإعلانات: وهى طريقه ممتازه لجلب الأموال حيث يحتوى البرنامج على إعلانات وهى التى تدر على المطور الدخل، لكن هذه الطريقه غير ملائمة للشركات العربية وذلك لأن معظم الإعلانات تكون ذكيه بأن تحدد موقعك الحالى وبناء عليه تعرض الإعلانات. ولأن عدد المعلنين الذين يقصودون المستخدم العربي قليل فبالتالي عدد الدعايه الإلكترونية العربية قليلة أيضاً المستخدم العربي غير مهتم بالإعلانات ولا يضغط عليها فلا يدر دخل يذكر… كما أن هذه الوسيله تناسب بعض التطبيقات فقط فليس كل التطبيقات يوجد بها مساحة لوضع الإعلانات… الخلاصة الإعلانات وسيلة رائعه للدخل لكن ليس لكل التطبيقات وليس للمطور العربي.
الشراء من داخل التطبيق: وهى أحد أشهر النقاط الخادعة في التطبيقات حيث ترى تطبيق مجانى أو لعبة رائعة مجانية، وتفتح التطبيق وتجد أن هناك بعض المزايا مخفيه وإن أردتها عليك دفع دولار مثلاً، وأكثر التطبيقات التي تستفاد من هذه النقطة هى الألعاب حيث تبدأ اللعبة مشوقة وتجذبك للعبها لساعات يومياً حتى ترتبط بها بشكل كبير ثم تصل لمستوى معين وتجد أن الترقي أصبح يحتاج إلى مال حقيقي أو انتظار أيام طويله، ولأنك ارتبطت باللعبه فتدفع المال لتواصل اللعب.
دخل غير مباشر: وهذه الطريقه موجوده في بعض التطبيقات وأشهرها متصفحات الإنترنت فمثلاً متصفح الفاير فوكس نحن نقوم بتحميله مجاناً ونجد بشكل دائم تحديثات له، لكن هل تعلم أن دخل شركة موزيلا التى تصنع هذا المتصفح قد وصل إلى أكثر من 125 مليون دولار نظير الإعلانات في عام 2010 وفي يوم 20 ديسمبر 2011 انتهى عقد شركة جوجل وقامت بتجديده لثلاثة أعوام مقابل 300 مليون دولار سنوياً لتكون محرك البحث الأساسي. أي أننا نظن انه تطبيق مجانى لكن الحقيقة أن شركة موزيلا لا تعطينا التطبيق مجاناً لأنها تريد القيام بأعمال خيرية :) لكنها تحصل على عائد غير مباشر نظير هذا التطبيق المجاني والعائد ضخم جداً.
استفاده غير مباشره: وهو أن تقوم الشركة بتحمل تكاليف تطبيق مجانى جيد ويكون الهدف هو انتشار التطبيق وعمل دعايه للشركه فعندما يصدر تطبيق آخر لها غير مجاني يتنشر عالمياً لأن الجميع يقول بالطبع هذا تطبيقهم الجديد سيكون رائع لأننا جربنا تطبيقاتهم المجانيه وكانت رائعة فلابد أن الغير مجاني رائع أيضاً. أى أن الشركة تتحمل الخسائر وتضعها ببند الدعاية… الأمر الآخر مثل ما تفعل أبل في الآي باد مثلاً بأن تبيعه بسعر منافس للغايه وأرخص من الآي فون وهدفها السيطره على السوق ثم بيع التطبيقات والملحقات وما إلى ذلك لتدر ربح كبير.
الاستحواذ: وهو أن يكون لدى الشركة المطورة فكره عبقرية وتسعى لتطويرها وتقديمها مجاناً لتكسب شهره فربما تصل إلى شركة كبرى فتقوم بشراء شركته مثلما حدث وأشترت أبل كل من سيري وتطبيق شومب فكلاهما كان من ابتكار شركة صغيره ثم انتشر بسرعة الصاروخ واشترته أبل بعشرات الملايين من الدولارات.
الخلاصة:
لا يوجد شيء اسمه تطبيق مجاني، هناك من يدفع الثمن والجميع يسعى من أجل الربح حتى يستمر وان خسر لن يستمر ولكل فلسفتة الخاصه في الربح.
لماذا يفضل المطورون متجر أبل؟
أولاً: أبل لها الأسبقية في جعل الحد الأدنى من التطبيقات هو دولار فمن قبلها كانت أسعار الحد الأدنى للبرامج في البلاك بيري والويندوز تزيد عن ال 10 دولار. وفكرة أبل تقوم على تقليل السعر فتزيد المبيعات فتعوض السعر المنخفض. فربما تقوم بتصميم تطبيق وتبيعه بسعر 10 دولار وآخر يصمم نفس التطبيق ويبيعه بسعر دولار فقط وتجد بالنهاية أن من يبيع بسعر دولار ربح أكثر لأن عدد المشتريين أضعاف الأول، وهذا ينطبق على حجم السوق فان كان عدد المشترين قليل اذاً السعر الأكبر افضل ولو كان عدد المشترين كثير فالسعر الأصغر افضل.
ثانياً: طبقاً لبعض الإحصائيات فإنه إن قامت شركه بتصميم تطبيق ما ستجد أن كل دولار يعود عليها من تطبيق ال iOS يقابله 24 سنت من متجر الأندرويد. وأيضاً القيمة السوقية لمتجر أبل تساوي 12 ضعف قيمة متجر أندرويد وهذا يدل على قيمة متجر البرامج الخاص بشركة أبل.
ثالثاً: وهذه هى النقطة الأهم ان القدرة الشرائيه بشكل عام لمستخدمي الآي فون والأي باد والأي بود أعلى. فمثلاً تستطيع شراء جهاز أندرويد جديد بسعر 100$ لكن لكي تشتري آي فون جديد ستدفع مبلغ 650$ عالأقل ل 4S أو 550$ بالنسبة ل 4 للاصداره 8 جيجا أي فارق كبير في الثمن… والمقصود فهناك هواتف أندرويد مرتفعة السعر وبعضها أغلى من الآي فون لكن اقصد بشكل عام كإجمالي القوة الشرائية لسوق أبل أفضل لأن مشترى جهاز بسعر 650$ يستطيع دفع دولار في التطبيق أكثر من مشتري جهاز سعره 150$.
رابعاً: وجود عدد كبير من الاصدارات الخاصة بنظام أندرويد مثلما تحدثنا سابقاً ووضحنا تفصيلياً بهذه المقالة.
خامساً: عنصر الأمان في نظام أبل تجعلك تشترى التطبيق وأنت واثق انه تطبيق حقيقي وليس سرقة وإن وجدت تطبيق مخادع فإن أبل تحميك أيضاً لذلك تدفع ثمن التطبيق وأنت مطمئن.
سادساً: دعم المطور، أبل تدعم المطور من اليوم الأول لمتجر البرامج بدون أي قيد… فلو أنت في أمريكا او مصر او السعودية أبل تدعمك، بعكس جوجل التي لا تتيح للمطورين في العديد من البلاد ومنها العربية بيع تطبيقاتهم على المتجر الرسمي.
الخلاصة
جميع الشركات تسعى للربح وبسبب إنتشار اجهزة أبل واسلوب أبل في التسويق فإن القوة الشرائية لمستخدميه أكبر وأيضاً عنصر الأمان التي تتبعه أبل مع تطبيقاتها يجعل كفة الميزان تميل لصالح متجر أبل… كما أن كل شركة تسعى بشكل أساسى للربح فإن وجدت أن الربح بمتجر أبل أفضل ستذهب لأبل وإن وجدت أنه أصبح بمتجر الويندوز فستذهب للويندوز. وحالياً كفة الميزان لصالح أبل لذلك يلجأ المبرمجون لها لأنها تعطي أفضل عائد مقابل الوقت المبذول فالمطوريين يبحثون عن عائد أفضل ولا يعشقون الأنظمة نفسها لكن أينما وجد الربح ذهب المستثمرون.
المصدر | ispazio