في عالم التقنية المعاصر هناك فجوة بين العتاد والبرمجيات لصالح العتاد، وهذا ينطبق على معظم الأجهزة الحديثة حيث تدفع أغلى الأثمان لتقتني أحدث العتاد ثم لا تستطيع الأنظمة التي تشغل هذا العتاد أن تستفيد منه حق الإستفادة. شركة أبل استثمرت في هذه الفجوة، وهذا سبب تميز بل تفرد أبل في كسب عقول معظم المستخدمين. فالمقصود أن نحقق أقصى استفادة من التقنية ولا يكون ذلك بالتسارع بالعتاد فقط بل بنظام التشغيل.
تماما كما أراد المستهلكون دعم الفلاش حتى تخلى عنها أصحابها وأدركوا أنها غير صالحة، مع العلم لو استفتيت نصف سكان الارض وقت منع ستيف الفلاش في الآيفون لاجتمعوا على أتقى قلب واحد فيهم وقالوا نريد الفلاش!!؟ لكن ثبت أن أبل محقة وحتى جوجل ظلت تدعم الفلاش ثم تراجعت وقررت وقف دعمه بداية من إصدار الجيلي بين.
وعلى صعيد آخر وعند كل إصدار لمنتج جديد من أبل نتذمر ونقول ما الجديد؟ ولماذا نفترض أن الجديد يكون في العتاد دائما! فقد يكون بنظام التشغيل وقد يكون بتنميط استخدامنا للتقنية الحديثة وتفعيل وتوثيق ارتباطنا بها أكثر. فأبل علمتنا أن ليس المهم أن تقدم جديد بل أن يستفيد الناس شيئا جديدا من الموجود بإعادة صياغته أو ربطه بأدوات موجودة بين أيدينا. ودائماً ما أجد الكثير من متابعي المواقع العربية مثل آي-فون إسلام -وأنا أحرص على قراءة جميع التعليقات في كل مقال- تذمروا وتمنوا على الله الأماني عند الإعلان عن نظام 6 وقالوا أين الجديد؟!
الجديد من وجهة نظرهم دعم البلوتوث والفلاش والتخلص من ايتونز واحتضان السيديا والثيمات وغيرها من تركة العقود الماضية بينما أبل تغرد خارج الصندوق وتتحفنا بال Passbook وتعيد اختراع عالم الإئتمان بأسره وكثير من المشاريع الرائدة. أظن أن علينا أن نسأل أنفسنا عند كل إعلان عن منتج جديد؛ ما الذي نحتاجه منه؟ وليس ما الجديد عن سابقه؟!
أبل ومعها الشركات الرائدة تترك خلفها الشائعات والمقارنات واختبارات السقوط! وترسم مستقبل جديد للتقنية كما تراه هي وليس كما يريده المستهلك ثم تتبعها الشركات الأخرى. ألا تلاحظون عندما ابتكرت أبل الآيباد ضاق السوق ذرعا بالمنتجات المنافسة، وعندما أعلنت عن سيري تبعتها سامسونج وجوجل بإعلان مماثل، وعندما تبنت الخرائط الثلاثية الأبعاد تبعتها جوجل وأمازون وغيرهم…
أذكر في هذا الجزء ما قالة ستيف جوبز في أحد اللقاءات عندما تحدث عن تسويق المنتجات حيث قال أن هناك مدرستين الأولى هو دراسة المستهلك ومعرفة ما يريد وتوفير هذا الأمر له والمدرسة الأخرى هى إبتكار منتجات غير مسبوقة ثم جعل المستهلك يرى كم كان يحتاج مثل هذه المنتجات، لا يمكننا القول بأن هناك مدرسة افضل من الأخرى فالثانية تتطلب منك مجهود لتفكر وتبتكر لكنها تجعل العميل يهرول خلفك وينتظر منك المزيد ، والمدرسة الأولى تتطلب أيضاً مجهود لمراقبة التغيرات المستمرة في مزاج العميل وتجعل الشركات هى التي تهرول خلف العميل ، وأبل تتبع المدرسة الثانية وهى الإبتكار.
صدقا وبكل أسف أتفهم أبل في أنها لا تلتفت إلينا لأننا نسبح عكس التيار فإنني أحب ما تفعله أبل كثيراً وممتن لها وأحيانا لا أفهم بعض تصرفاتها!
كاتب المقال: محمد سلطان رواشده