سوق الهواتف الذكية ينمو بشكل كبير حيث حقق العام الماضي 492 مليون جهاز مبيعات حول العالم ويتوقع أن يصل هذا العام إلى 660 مليون جهاز ويواصل الزيادة السريعة إلى أن يتجاوز حاجز المليار جهاز في عام 2016، كما يتوقع أن تحقق الهواتف المحمول عائدات بيع تقدر ب 190 مليار دولار هذا العام كما أن بيع الألعاب والإعلانات تمثل 67 مليار دولار إضافية وهذا يجعله سوق جذاب للغاية، لكن هل تعلم أن أكثر من نصف هذا السوق لا يأتي من دول أوروبا وأمريكا واليابان بل من أسواق ذات دخل مواطنين منخفض مثل الصين التي يتوقع أن تحقق 150 مليون هاتف ذكي مبيعات هذا العام، فما الذي تمثله هذه الأسواق من قوة؟ وهل سيمثل الوطن العربي سوق جذاب للشركات الكبرى مثل الصين؟
في الربع الثاني من العام المالي لأبل حققت مبيعات تقدر ب 35 مليون آي فون ثم تراجعت المبيعات في الربع الثالث لتصبح 26 مليون جهاز فقط بإنخفاض 9 مليون جهاز ، وقد فسر “Peter Oppenheimer” نائب رئيس شركة أبل ومدير القسم المالي للشركة هذا الأمر بسبب قوة الشائعات عن الآي فون الجديد وأيضاً بسبب المشاكل الإقتصادية في دول أوروبا مما تسبب في ضعف القوة الشرائية للمواطنين هناك، كما انخفضت إيرادات أبل في الصين بنسبة 28% ووصلت إلى 5.7 مليار دولار وذلك بسبب المنافسة الشديدة التي تواجهها أبل في هذا السوق الضخم وكذلك سعى المنافسين إلى خفض أسعار أجهزتهم لزيادة المبيعات، كما صرحت مايكروسوفت أن السبب وراء أنتشار الأندرويد في الصين هو إنخفاض سعر الأجهزة والتي تتراوح بين ربما تصل إلى 100 دولار، فهل على أبل أن تفكر في إعادة تقييم أسعار أجهزتها.
أبل تقوم ببيع 6% من عدد الأجهزة المحمولة في العالم ورغم ذلك تحقق 77% من أرباح الهواتف المحمولة وهذا بسبب إرتفاع ثمن الجهاز والفارق الكبير بين سعر التكلفة والبيع، لكن مع إنخفاض المبيعات حول العالم فهل ستفكر أبل في تقليل هامش الربح كي لا تفقد السوق الصيني العملاق؟ كما أن هناك سوق آخر ربما يكون قادم بقوة خلال السنوات القادمة وهى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تعتبر منطقة الوطن العربي وشمال أفريقيا من الأسواق الخصبة في عالم الهواتف الذكية حيث لم تنتشر هذه النوعية من الأجهزة بشكل كبير ففي أشهر أبريل-مايو-يونيو من عام 2012 تم بيع 48 مليون هاتف منها فقط 9 مليون هاتف ذكي أي أن الهواتف الذكية تمثل نسبة 19% فقط من المبيعات وهى نسبة أقل بكثير من السوق العالمي والتي تقارب فيه مبيعات الهواتف الذكية من 40% من المبيعات، لكن أظهرت إحصائية أن 80% من المستخدمين الذين لا يملكون هاتف ذكي يريدون شراء جهاز جديد وأن 52% منهم بالفعل قرروا شراء جهاز خلال ال 12 شهر القادمة وهذا بالإضافة إلى 70% من مالكي الهواتف الذكية الحاليين يفكرون في تجديد هواتفهم خلال العام القادم. أي أن هناك عدد ضخم من الهواتف الذكية ستدخل السوق قريباً، كما أن سوق الوطن العربي يستهلك الهواتف بشكل كبير حيث يتوقع بيع 180-190 مليون هاتف هذا العام وهى نسبة تقارب 50% من السكان سيشترون هواتف جديدة، أما عالمياً فالنسبة هى 25% فقط من السكان سيشترون هواتف جديدة هذا العام.
عامل آخر مهم وهو نسبة توزيع الهواتف الذكية حالياً حيث تصل نسبة الأندرويد إلى 32% وفي المركز الثاني البلاك بيري بنسبة 22.5% ثم نوكيا سيمبيان 21.7% والباقى موزع على الويندوز وأبل وغيرهم، أي أن البلاك بيري ونوكيا الذين خسروا السوق العالمي لا يزال يسيطرون على نصف السوق العربي ومن المتوقع أن يخسروا هذه الحصص خلال الشهور القادمة فأين تذهب هذه الحصص؟؟ إما أبل أو أندرويد والأقرب هو الأندرويد والسبب واضح مثل السوق الصيني وهو إنخفاض سعر الأجهزة.
أبل تفكر في تغيير سياستها بالفعل
المؤشرات توضح أن أبل بدأت تصبح أكثر مرونة وفاعلية فسابقاً كانت ترفض بشكل تام الآي-باد الصغير وكانت ترى أنه لا فائدة من وجود جهاز لوحي صغير الحجم لكن يبدو أن المبيعات القوية لجهاز أمازون وأيضاً بعض الأجهزة اللوحية الأخرى مثل جالاكسي تاب وصدور جهاز جوجل نيكسس 7 جعل أبل تعدل عن عنادها وكل الصحف العالمية المتخصصة الآن تؤكد أن أبل سوف تكشف عن تابلت صغير الحجم لكسب هذا السوق وبمجرد صدور هذه الأخبار أجرى أحد المراكز البحثية دراسة وتوقع أن تبيع أبل 40 مليون جهاز في العام الأول إذا أصدرت أبل جهازها بسعر 250 دولار وهو ما يعني تحقيق إيرادات مباشرة ب 10 مليار دولار ولا يزال هناك إيرادات أخرى مثل شراء التطبيقات وغيره.
لكن هل تفعلها أبل وتفاجئنا في 2013 بصدور نسخة لايت من الآي فون؟ يبلغ سعر الآي فون الرسمي 650$ فلماذا لا تفكر أبل في طرح جهاز آي فون آخر ذو مواصفات أقل وبسعر 350-400$ مثلاً وإن حدث هذا الأمر سيؤدي إلى مبيعات ضخمة وخاصة أن هذا السعر تنافسي للغاية وتستطيع أبل بهذا السعر جذب نسبة كبيرة من السوق العالمي لها وخاصة أن نسبة كبيرة من مبيعات الأجهزة المنافسة يكون بسبب إنخفاض أسعارها وإرتفاع سعر أبل في المقابل.
الخلاصة: سياسة تسويق أبل على مدى السنوات الماضية ناجحة للغاية وحققت للشركة مئات المليارات لكن مؤخراً تراجعت الأرباح بسبب متغيرات كثيرة فبالتالي لابد أن تغير أبل سياستها في التسويقية ولا نقول أن تخفض أبل أسعارها فأسعار أبل ثابته عبر الزمن لكن لا يوجد ما يمنع من إصدار منتجات جديدة ذو إمكانيات مخفضة وأسعار أقل تمكن المشترى ذو القوة الشرائية من شراء منتج يحمل شعار التفاحة المقضومة.
المصادر | macworld | gigaom | arabianbusiness| zawya | financialpost