من المعروف عن أبل في طرح منتجاتها أنها تدرس السوق جيداً وبالتالي عن طرح منتج فإنه يحقق النجاح. وثانياً أن تكون أسعار منتجاتها مرتفعة، فأبل شركة لا ولم تهدف إلى أن يكون السعر المنخفض سبب للشراء كما ذكرنا سابقاً في مقال لماذا لا تحصل منتجات أبل على تخفيضات –هذا الرابط-. لكن الساعة حدث معها هجوم وانتقاد حاد بسبب السعر المبالغ فيه حتى بمقاييس أبل نفسها. فما السر وراء رفع أبل سعر الساعة بهذا الشكل؟
أبل إذا قامت بتكلفة منتج 300 دولار فهى تبيعه بـ 600. وهذا ما نراه في الآي باد وحتى الآي فون الذي يباع بسعر 650$ فتكلفة القطع لا تتجاوز 200 دولار (يضاف عليها تكلفة التطوير والتشغيل). لكن في الساعة حدث أمر غريب، أسعار مبالغ فيها جداً… فمثلاً النسخة الذهبية التي تباع بسعر 10 آلاف دولار فهى تكلف أبل طبقاً لمتخصصين 850 دولار ذهب بالإضافة إلى الساعة نفسها أي تكلفة ألف دولار وتبيعها بـ 10 آلاف. الأمر نفسه في الساعة وإطاراتها فهل تتخيل أن بعض إطارات الساعة يبلغ سعره 450 دولار أي مثل سعر آي-باد تقريباً لمجرد إطار معدني. فما السر إذاً؟
التحديات تحدد التكلفة
هناك قاعدة في الاستثمار وحتى في الحياة تقول “كلما كان الأمر أصعب كلما أصبح أغلى”وهى تشبه المثل الإنجليزي “More Pain More Gain” وهو الأمر الذي يمكنك تطبيقه في كل شيء فكلما كان الشيء ذو تكلفة ومخاطر عالية كلما كان الربح وسعره غالي -لهذا يربح تجار الممنوعات أرباح طائلة لمخاطرها-. الساعات الذكية وخاصة ساعة أبل تواجهه تحديات أكبر بكثير من التي تواجهه الآي فون والآي باد وحتى أجهزة ماك. وبالتالي هنا وضعت أبل هامش ربح غير مسبوق فيها. لكن ما هذه التحديات؟
تحديات تواجهه ساعة أبل
1
ليس الجميع مستهدف: عندما سأل صحفي تيم كوك قبل عامين رأيه في عالم الساعات الذكية رد بأنه المجال الأصعب، ففي الهواتف مجهودنا فقط هو أن نقنعك أن الآي فون هو الأفضل، فالجميع يمتلك هواتف ذكية بالفعل وعلينا فقط اقناعه بأن يختارنا. لكن في عالم الساعات علينا أن نقنعك أولاً بأن ترتدي ساعة من الأساس ومن ثم نقنعك بأن ساعتنا هى الأفضل.
الفئة المستهدفة من الساعات الذكية قليلة جداً وبالتالي حجم المبيعات لن يكون ضخماً
2
إعادة البيع الأصعب: إذا كنت تمتلك آي فون وتريد بيعه فهذا أمر سهل، فالجميع يقتني هواتف ذكية وأيضاً الآي فون يشبه بعضه البعض. لكن في الساعات الذكية فأن تجد مشتري لساعتك فهذا أمر صعب للغاية، تخيل أنت تريد شخص يرتدي ساعات ويريد ساعة أبل ويريد نفس التصميم الذي أعجبك من قبل وأيضاً يقبل ارتداء شيء ارتداه شخص آخر “الساعة غير الهاتف فالساعة ترتديها وحتى ونعتذر للتشبيه “تعرق” فيها”. صعوبة إعادة بيع الساعة بالإضافة لسعرها المرتفع يؤدي إلى أن تفكر أكثر من مرة قبل شراء ساعة أبل، وإذا اشتريتها هل ستبيعها وتشتري الأحدث؟
بيع ساعة أبل المستعمل أصعب بكثير من بيع غالبية المنتجات وبالتالي من الصعب جداً الترقية
3
شراء الجيل الجديد: ستبيع أبل ملايين الساعات الذكية هذا العام، لكن التحدي في الجيل القادم، فهى تريدك بالطبع أن تشتري الجيل الجديد كما يحدث في الآي فون والآي باد، لكن كيف تستطيع أن تجبرك على شراء الجيل الأحدث؟ لابد من تقديم طفرات تقنية لكي تشتريها، أن تبيع الآي فون وتشتري الأحدث أمر صعب، وفي الآي باد صعب جداً وانهارت مبيعات الآي باد بسبب عدم استطاعة أبل توفير حافز كافي للترقية، فهل تتخيل الصعوبة في الساعات؟ كم شخص يغير ساعته كل عام؟! أبل تفكر من الآن في الجيل القادم ومبيعاته فهى بالطبع لا تريد أن تبيع الجيل الأول ثم تنسى الجهاز ولا تهتم بالترقية مرة أخرى.
4
معوقات التشغيل: لابد أن يكون لديك آي-فون وآي-فون فقط لكي تستخدم الساعة، حتى لو اشتريت Air 2 فأيضاً لن تعمل الساعة معك. ولنفترض أنك اشتريت الساعة وقررت أن تخرج للجري قليلاً وتترك الآي فون في المنزل، هل ستعمل الساعة؟! لو فرضنا أنك نسيت شحن الآي فون وفرغ شحنه هل ستعمل الساعة؟ تخيل أنه ليس عليك فقط اقتناء آي فون بل أيضاً بأن يكون هذا الآي فون يعمل وبالقرب من الساعة تخيل هذا الأمر؟! كم شخص سيشتري الساعة ويكتشف هذه الأمور وسيفكر مرة أخرى في دفع مئات الدولارات وشراء ساعة جديدة؟
لا يوجد منافس
وجود منافس يجعل السعر منخفض، ساعة أبل حالياً لا يوجد منافس فعلي لها، الساعات الذكية الأخرى لن تعمل أو حتى تعمل بشكل محدود. حتى في أبل نفسها لا يوجد ساعات أقدم بسعر أقل. ففي الآي باد مثلاً قد تفكر في اقتناء Mini 3 أم Mini 2 وتقارن الفارق في المزايا بالمقارنة بالسعر وقد تشتري النسخة الأقدم، لكن في الساعة الإجابة هى “لا يوجد”. الساعة الوحيدة التي تعمل مع الآي فون بكفاءة هى ساعة أبل، الإطارات الوحيدة المتوفرة “حالياً” ستكون إطارات أبل. إذاً فالاحتكار يجعلها تضع أي سعر تريده