يعد المعالج من أكثر ما يثير حماس الكثيرين من متابعي التقنية، وهو أيضاً يثير ملل الكثير من المحبين لسبب بسيط ألا وهو أنهم لا يلمسونه بشكل مباشر. فالآي-فون في كل سنة سريع وكل سنة يؤدي غرضه للخصائص التي يقوم بها أغلب المستخدمين وهي تصفح الشبكات الاجتماعية واستخدام تطبيقات كالمتصفح وبعض الألعاب من وقت لآخر. دائماً يؤدي المعالج الغرض بسلاسة. في حين تلمع التحديثات بقوة في خصائص مثل الكاميرا والشاشة لذا يضيع الحديث عن المعالج، ولكن ما هي أهميته الحقيقية؟ وماذا يضيف A12 Bionic فعلاً؟
الجديد في المعالج
ربما سمعت عن كلمة “7 نانوميتر” كثيراً في الأيام الماضية ومن ثم يأتي الحديث عن كم هذه تقنية رائعة ومنتظرة منذ فترة، ولكن هذا المصطلح ليس متداولاً بكثرة عند ذكر المعالجات كعدد الأنوية أو السرعة المقاسة بالهيرتز مثلاً، فماذا يعني؟ راجع مقالنا –هذا الرابط– وهذا ملخص سريع.
المعالجات في الأساس تتكون من وحدات صغيرة هي “مقاوم النقل” أو الترانزيستور. ويتكون المعالج من ملايين الترانزيستورات وتعتبر الوحدة العاملة فيه. لذا مع تصغير الترانزيستور يمكنك وضع المزيد والمزيد منه في المعالج، والرائع هنا أنه بخلاف الشاشات مثلاً كلما صغر حجم الترانزيستورات أدت لزيادة قدرة المعالج ولكن في نفس الوقت يقل استهلاكها للطاقة بعكس التقنيات الأخرى كالشاشات. رائع أليس كذلك؟ ومع هذا التغيير من 10 نانوميتر في آخر جهاز ل 7 نانوميتر هذه السنة، استطاعت آبل التعديل في شريحة المعالجة العصبية الخاصة بها وقامت أيضاً بإضافة أنوية فأصبحت ثمانية النواة وتستطيع معالجة 5 ترليونات عملية في الثانية!
كما قامت أبل بزيادة سرعة المعالجة للبيانات بنسبة 15% وزيادة قدرة الرسوميات بنسبة 50% وهذه النسبة ليست بالقليلة. خصوصاً أن معالج رسوميات آبل كان بالفعل في الطلاعة.
فقط السرعة؟
نعم سوف تزيد سرعة الهاتف ولكن هل تعتقد أن مالك الآي-فون 8 أو X يشكو من سرعة جهازه ويريد المزيد؟ في الغالب أنت لن تشعر بفارق في سرعة الجهاز لأن الجهاز السابق كان سريعاً بالفعل، وهناك iOS 12 الذي يتركز على زيادة سرعة الأجهزة أيضاً فلماذا لا ننفك نزيد من قدرات المعالجات؟ أليس الأولى استثمار المال والوقت في الكاميرات أو الشاشة أو حتى حساسات إضافية؟
هنا تأتي النقطة المحورية، إذ أن تطوير المعالج يؤدي لتطوير كل تلك الأشياء. فالكاميرا ذاتها لم يتم تغييرها كثيراً لهذه السنة ولكن جميع قدراتها الجديدة تأتي ليس من معالج الشبكة العصبية الجديد فقط، بل أيضاً من تحديثات الشريحة المختصة بمعالجة الصور خصيصاً والتي تمكن الجهاز من التقاط تفاصيل أكثر وأدق خصوصاً في تأثير العمق (وضعية Portrait).
ويشكل المعالج جزءاً مهماً من منظومة ذكاء آبل الاصطناعية، والتي تدير ميزات تطبيق الصور والكاميرا وسيري وخدمات هوية الوجه والتأمين. كل هذا لأن آبل تعتمد على معالجات الجهاز في هذه المهام كي لا تقوم بنقل البيانات بكثرة إلى خوادمها الخاصة حفاظاً على خصوصية المستخدم. إذاً كلما تحسن المعالج استطاعت آبل إضافة خصائص رائعة في تطبيقات مثل الصور وسيري وغيرها. خصائص قد لا يخطر على بالك أن لها علاقة بالمعالجة بل قد تعتقد أنها مجرد إضافة للنظام لكن هي مرتبطة بقوة المعالج وذكائه.
جنة محبي الألعاب
ربما لا يلاحظ المستخدم زيادة كبيرة في سرعة الهاتف نفسه بسبب أن سابقه كان سريعاً بالفعل، ولكن التحسن الكبير في الرسوميات يفيد محبي الألعاب بشكل كبير حيث أن عالم الألعاب لا يمل أبداً من طاقة المعالجة ولا يقول اكتفيت. لذا مع كل زيادة كبيرة لقوة رسوميات آبل تقوم الشركة بعرض نوع جديد تماماً من الألعاب في مؤتمرها. نوع يتميز برسوميات وخصائص مختلفة تماماً عن الجيل السابق بداية من ألعاب Infinity Blade في السابق ووصولاً للإعلان عن لعبة The Elder Scrolls: Blade المشابهة للعبة Skyrim المعروفة بقوة بين اللاعبين والمحبوبة بشدة، وقد يستمر الأمر هكذا إلى أن يستطيع الآي-فون التحول إلى جهاز كامل يصلح للعب في أي مكان باستخدام ملحقات التحكم بدلاً من شراء أجهزة مخصصة مثل Nintendo Switch، ومن يدري لعلنا نرى Battlefield أيضاً على الآي-فون 😃.
البطارية!
دائماً نعبر عن غضبنا من البطاريات ورغبتنا في بطاريات تدوم لمدة أكبر.. ولكن بطاريات الليثيوم التي تستخدمها الصناعة حالياً لها حدود لا تستطيع تجاوزها. وحتى نكتشف نوعاً جديداً من البطاريات فما أمامنا هو محاولة زيادة أحجام البطاريات الفعلية أو تقليل استخدام الشاشات والمعالجات، وبما أن هناك حد لحجم الهاتف فتقليل استهلاك الطاقة يعتبر الحل الأمثل حالياً. لهذا يأتي معالج آبل الجديد ليوفر 30 دقيقة إضافية من الاستخدام على الآي-فون XS مقارنة بالآي-فون X كما يأتي XS Max ذو البطارية الأكبر بزيادة ساعة ونصف، كما يأتي XR بفارق ساعة ونصف أيضاً عن الآي-فون 8 بلس.
خصائص مستقبلية
هناك أمر مهم ألا وهو أن قطعة معالجة الذكاء الاصطناعي الجديدة موجودة منذ السنة الماضية أي فقط جيلين اثنين من الأجهزة، وهذا يعني أن هذه الهواتف فقط هي من سيستفيد بشكل كامل من الخصائص المعتمدة على الشريحة في التطبيقات. فامتلاك الكثير من مستخدمي آبل لهواتف مثل 6، 6S و 7 هو بمثابة أمر غير مشجع للمطورين على بذل المجهود في مزايا لن تصل للكل. لذا مع مرور الزمن واحتواء أغلب أجهزة المستخدمين على التقنيات الجديدة يتم تشجيع المطورين بشكل أكبر على استخدام هذه الخصائص وملء متجر البرامج بتطبيقات متقدمة.
7 نانوميتر رائعة!
كما أسلفنا فتصغير أحجام الترانزيستور هو خيار رائع لزيادة السرعة وتقليل استهلاك الطاقة، وليس هو الجزء الأروع. فأكثر ما يعجبني فيه هو أنه من تلك التقنيات التي لن تنفرد بها أبل فقط بل أن هناك معالج Kirin 980 بمعمارية 7 نانوميتر سيصدر الشهر القادم من هواوي، وأيضاً في الغالب أن كوالكوم وسامسونج سوف تعجلان بصنع واحد بعد أن اتخذت آبل الخطوة وهذا رائع للمستخدمين. لأنه بهذه الطريقة تتمكن الشركات الصانعة للألعاب والبرامج القوية من صنع تطبيقات تعمل على iOS وآندرويد بكفاءة. هذا أمر يغري الشركات بالإبداع وبذل المجهود والمال لأنه سيكون مربحاً مادياً، ومع أن معالجات أبل تظل متقدمة في العادة فهذا يمكن أن يجعل من أجهزتها هي “الوجهة الأفضل” للتطبيقات القوية و لكن ليس الوجهة الوحيدة للكثير من التطبيقات والألعاب كما هو الوضح حالياً. ومع أن المستخدم قد يعجبه حصرية بعض التطبيقات إلا أن هذا ليس جيداً لأنه يعني أن هناك أفكار تطبيقات و ألعاب أخرى يمكنها الاستفادة من الآي-فون لم يتم صنعها ببساطة لأن جدواها اقتصادياً لن تكون كما لو تم إطلاقها على نظامي iOS وآندرويد معاً.
ملحوظة: ذكرت أبل أنها أول شركة تقدم معالج 7nm لكن البعض قال أن هواوي سبقت أبل؛ الذي حدث أن أبل كانت ستعلن عن المعالج وتقدمه في هاتف الآي فون XS لكن هواوي أرادت أن يكون لها السبق فأعلنت عن المعالج بشكل منفرد لكن لم يصدر به الهاتف وبقى الآي فون XS أول هاتف في العالم يتوفر بالأسواق بمعالج 7nm.