تنصح الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة الأمريكية رجال الشرطة الفيدرالية في دوراتها التدريبية بعدم النظر إلى شاشات أجهزة الآي-فون المؤمنة ببصمة الوجه Face ID عند التعامل مع أي متهم أو مشتبه به، لأن ذلك قد يصعّب الأمر على المحققين، للوصول إلى أي أدلة إدانة. لماذا أقدمت الشرطة على ذلك؟ وهل هذا يعد تجاوزا وتعد على الخصوصية؟ هذا ما سنعرفه في باقي المقال. تابع معنا
في خطوة تكاد تكون متأخرة قليلا أعطت شرطة الولايات المتحدة الأمريكية تعليمات لكل شرطي بألا ينظر إلى شاشة الآي-فون الذي يدعم بصمة الوجه Face ID الخاص بالمتهم أو المشتبه به، لأن النظر خمس مرات إلى شاشة الآي-فون يعطل مصادقة الوجه إذا لم تكن صاحب بصمة الوجه، ويؤدي ذلك إلى وجوب إدخال كلمة السر لفتح الهاتف.
بالتأكيد تتذكرون ما حدث مع “كريج فيديريجي” في العرض التقديمي لآي-فون X عند محاولة فتح آي-فون ببصمة الوجه وفشل في ذلك بسبب كثرة المصادقات الخاطئة في الكواليس التي لم يكن من بينها وجه كريج فيديريجي، ولذلك طلب الآي-فون ادخال كلمة المرور.
وبالتالي بات الأمر صعباً على المحققين إذ عليهم أن ينتزعوا من المتهم كلمة المرور إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وهذا احتمال بعيد، لأنه لا يجوز إجبار شخص بحال من الأحوال على تسليم كلمة المرور الخاصة بهاتفه أو أن يضع إصبعه على الجهاز لفتحه، فهذا يعد تجاوزاً للقانون، والشرطة لا تتمتع بأي سلطة قانونية للقيام بذلك، وهذا محمي بموجب نصوص قانونية عندهم.
وهذا تراه راجعاً إلى استمرار أبل في تحديث هواتفها وإدخال ميزات أمنية جديدة، مما يجعل تلك الهواتف حصناً منيعاً ضد أي محاولات لفتحها وانتهاك خصوصية أصحابها، حتى وإن كانت المحاولات من الأجهزة الأمنية. وقد ذكرنا في مقال سابق كيف أن الحكومة الفيدرالية قامت برفع قضايا ضد أبل لعدم المساعدة في فتح آي-فون خاص بأحد المتهمين، وكيف لجأت الأجهزة الأمنية إلى استخدام أجهزة اختراق اسرائيلية مثل GrayKey الذي تتراوح تكلفته ما بين 15 إلى 30 ألف دولار. فقامت آبل في أحدث أنظمة iOS بغلق منفذ الشحن بعد مرور ساعة واحدة إذا لم يتم استخدام الجهاز فيها، ولتشغيله لابد من ادخال كلمة السر أو استخدام البصمة مما زاد الأمر صعوبة على الأجهزة الأمنية.
ونتيجة لتلك الأمور عملت الأجهزة الأمنية باستمرار على اللحاق بالركب و مواكبة تلك التطورات والتحايل على تلك الحماية بأبسط الأساليب المتاحة للعثور على أدلة إدانة أو ما شابه بمجرد توجيه الهاتف إلى وجه المشتبه فيه. ووصل الأمر إلى استخدام بصمات المشتبه فيهم عنوة لفتح هواتفهم. فقد أفاد تقرير لموقع Forbs بأن الشرطة الفيدرالية في حادثة هي الأولى من نوعها، فقد أجبرت مالك آي-فون X على الغاء قفل الآي-فون عن طريق توجيهه لوجهه مباشرة لفتح هاتفه، وتم الاطلاع على الدردشات والصور التي أدانت ذلك المتهم.
ويبدوا أن هناك تصريح بإنفاذ القانون في مثل تلك الحالات، وأن المحاكم الأمريكية قضت بأن هناك فرق بين الأنظمة الحيوية كبصمة الإصبع وبصمة الوجه من ناحية وبين كلمة المرور التي تكتبها في هاتفك من ناحية أخرى. لأنه كما ذكرنا سابقا لا يحق للجهاز الأمني إجبار الشخص على البوح بكلمة المرور فهذا يعد جريمة تعدي على الذات منهيّ عنها بموجب تعديل في القانون الأمريكي. وهذا ليس مقتصرا فقط على الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية وإنما في العالم كله.
هناك طريقة أخرى غير بصمة الوجه قد تعيق فرق التحقيقات عن فتح الهاتف، وهي ميزة وضع الطوارئ SOS فمن الممكن تعطيل بصمة الوجه Face ID وبصمة الإصبع بعد خمس ضغطات سريعة على زر الطاقة في أجهزة الآي-فون القديمة. بينما في آي-فون 8 و X يتم تحقيق نفس الأمر عن طريق الضغط على زر الطاقة وأحد أزرار الصوت. وكذلك إذا لم يتم فتح الهاتف خلال 48 ساعة، فستحتاج إلى رمز المرور لفتحه مرة أخرى.
وجدير بالذكر، أنه على عكس بصمة الإصبع، فإن بصمة الوجه Face ID لا تعمل مع الموتى كما صرح بذلك مصدر في الطب الشرعي الأمريكي. وفي أكثر من حادثة، حاول رجال الشرطة الأمريكية فتح آي-فون X خاص بضحايا قضوا بسبب جرعة هيروين زائدة، ولكن دون فائدة لأن الآي فون يتطلب الانتباه أي النظر إلى الشاشة.
وقال فلاديمير كاتالوف، الرئيس التنفيذي لشركة Elcomsoft للبرمجيات والمتخصصة في استعادة كلمات السر وفك التشفير، قال لموقع Motherboard التقني: أنه لكي تستخدم بصمة الاصبع، عليك الضغط على زر الهوم لتنشيط الهاتف ثم يتعرف الهاتف في نفس الوقت تقريبا على بصمة الإصبع، وفي حالة المصادقة الخطأ عدة مرات سيتطلب الأمر كلمة المرور، لذا نوصي دائما في دوراتنا التدريبية باستخدام زر الطاقة بدلا من ذلك لتنشيط الهاتف. ولكن في حالة بصمة الوجه Face ID يكون الأمر صعبا فقد تفشل المصادقة بالنظر العرضي أي بالصدفة إلى الهاتف، لذلك يجب توخي الحذر وعدم النظر إلى الهاتف على أي حال”.
هل ترى أن توجيه الهاتف إلى وجه الأشخاص لفتحه تعد على الخصوصية؟ وهل يجب أن تقوم أبل بشيء ما لمنع ذلك؟ أخبرنا في التعليقات.
المصادر:
forbes / trustednewssites / macrumors