بالأمس كان يوم هام في تاريخ شركة أبل لكنه ليس من الأيام الجيدة حيث فقدت رسمياً موقعها في صدارة قائمة أكبر الشركات قيمة في العالم. نعم حدث هذا الأمر أيضاً يوم الثلاثاء السابق لكنه كان لعدة ساعات فقط أي بدأ يوم التداول وأبل في المركز الأول وانتهى أيضاً وهى في نفس المركز. لكن بالأمس انتهى يوم التداول وقيمة مايكروسوفت 851.2 مليار دولار وأبل 847.4 مليار دولار. وبهذا فقدت انتهى شهر نوفمبر بفقدان أبل 207 مليار دولار من قيمتها السوقية ومعهم صدارة قيمة الشركات بعد سنوات. فلماذا حدث هذا الانهيار؟
توضيح هام
في هذا المقال سوف نقوم بتحليل وتفسير أسباب السقوط للسهم ولماذا حدث هذا التراجع السريع؛ وفي نفس الوقت لابد من ملاحظة أنهم “عدة أسباب” وليس “سبب واحد”. فإذا نظرت لكل سبب بشكل مستقل وتسائلت هل يعقل أن يسبب هذا السبب انهيار 207 مليار دولار فستكون الإجابة لا؛ سبب الانهيار هو “مجموع” هذه الأسباب بالإضافة لأسباب أخرى. وسوف نذكر الأسباب بغير ترتيب الأهمية.
أخبار سيئة عن الآي فون
منذ سنوات والآي فون هو مصدر قوة أبل ويمثل ما يقارب ثلثي عائدات الشركة؛ ولأن الهاتف حظى بصعود تاريخي غير مسبوق فهذا جعل أبل تتقدم وتزداد قيمتها والأرباح تزيد. أجهزة الآي باد تنهار؟ لا يهم! لا أحد يشتري الآي بود؟ ومن يهتم أصلاً بهذا الجهاز. أبل شركة “آي-فون” وبهذا حظيت أبل بعقد من النمو القوي. لكن حان وقت دفع ثمن الاعتماد على جهاز وحيد؛ عدد كبير للغاية من الأخبار السيئة عن الآي فون XR ثم وصلت إلى XS أيضاً. جدار السرية الناري لأبل انهار وكشف موردي أبل صراحة أن هناك “عميل هام” لديهم طلب تخفيض قطع العتاد التي يطلبها. وبهذا علم الجميع أن التفاحة تواجه مشكلة هامة.
أبل تعند وتسخر وتتحدى المستثمرين
ليست هذه هى المرة الأولى التي نسمع فيها أخبار سيئة عن الآي فون؛ فكل عام نرى من يقول “أبل تعاني ولديها مشاكل في الآي فون” ثم تعلن الشركة عن مبيعات ضخمة. وهذا العام كان يمكن أن يحدث هذا السيناريو التقليدي. لكن لسبب ما قررت قيادات أبل العناد وقالت صراحة كتعليق على الأخبار بأنهم من الآن لن يعلنوا أرقام الأجهزة المباعة من الآن فصاعداً. وعلقوا على ذلك أنه ما السبب للإعلان؟ أنتم مستثمرين وتريدون “المال” ولذا سوف نعلن عن “قيمة العائدات” والأرباح لكن لا يهمكم كيف حصلنا على هذه العائدات. عناد غير منطقي لكنه أخبر المستثمرين برسالة هامة.
مبيعات الآي فون تنهار وأبل سوف تعتمد على ارتفاع السعر لتحصيل العائدات القوية كما تحدثنا في مقال سابق –هذا الرابط-.
ترامب يواصل حربه الاقتصادية
من قبل أن يصل الرئيس الأمريكي ترامب للسلطة وهو يقول صراحة أن على أبل إعادة مصانعها إلى أمريكا وإلا سوف تدفع الثمن. نعم غازلت أبل الرئيس الأمريكي بإعادة عشرات المليارات من الخارج تدريجياً لكنها لم تعلن عن أي شيء بخصوص المصانع. لذا بدأ ترامب في شن حربه الاقتصاديه على أي منتج صنع في الصين يصل إلى أمريكا وكشف عن سلسلة إجراءات ورسوم جمركية تنفذ بداية العام 2019. نعم هذا الخبر شامل كل الشركات لكن أبل تعد أكبر مستورد تقني في أمريكا. فأبل تبيع أجهزة بقيمة تقارب 100 مليار دولار في أمريكا غالبيتها صناعة صينية “هناك أجهزة أمريكية مثل Mac Pro” لذا فتأثر أبل بهذه القرار يفوق الجميع. جوجل ومايكروسوفت وأمازون لديهم أجهزة تحمل اسمهم وتم تصنيعها في الصين (جوجل بكسل ومايكروسوفت سيرفس وأمازون كيندل) لكن مبيعات أجهزتهم لا تذكر بالمقارنة بأبل. لذا فأبل تعد المتضرر الأكبر كشركة وخاصة أن ترامب نفسه صرح بأنه يفكر في فرض ضريبة 10% عالآي فون وماك. بالطبع قانوناً فالضريبة تفرض على “سلعة” وليس شركة محددة لكن تصريح ترامب يوضح من هو المتضرر الأساسي.
الأسعار مرتفعة بالفعل
يعد السوق الأمريكي هو أكبر سوق لشركة أبل عالمياً من حيث إجمالي العائدات لإن زادت أسعار الآي فون 10% كما قال ترامب فهذا سيؤدي إلى تراجع إضافي. فكل التقارير تقول أن هناك مبيعات بالفعل للآي فون والتراجع الأساسي هو للجديد XR/XS أي للتوضيح فهناك بالفعل مبيعات جيدة للآي فون عامة لكن المستخدم أصبح لا يرى أن الهاتف الجديد XR/XS يستحق هذا السعر فعزف عن شراءه ونشط في شراء الأجهزة القديمة. فتخيل معي أن الأسعار تزيد بضريبة ترامب 10-15% فهذا يؤدي إلى المزيد من التراجع.
وجني الأرباح أيضاً
حظى قطاع التقنية بشكل عام بارتفاع سريع للغاية وقوية وغير مفهوم أو مبرر بدأ نهاية الربع الأول ثم استمر الثاني وحتى الثالث. ففي فترة 7 أشهر فقط زادت قيمة أبل 42% ومايكروسوفت 35% وأمازون 48% لذا كان من الطبيعي أن يقوم المستثمرين بجني الأرباح وفقدت غالبية الشركات جزء من هذا النمو نتيجة لبيع المستثمرين. ففي الوقت الذي توفر سندات الخزانة والفوائد في أمريكا 2-3% في 12 شهر تجد صناديق الاستثمار أن محفظتهم من الأسهم نمت 40% في 6-7 شهور وهنا يتم البيع لعمل “جني للأرباح”.
فشل مستمر في المنتجات الجديدة
نقطة أخرى ليست أساسية لكنها نقطة في بحر الأسباب هو فشل أبل المستمر في إطلاق منتج جديد ناجح. ولنبدأ مع ساعة أبل؛ لا أرقام مبيعات معلنة لها ولم تتمكن من إقناع العالم بها بل ولم تكشف الشركة نفسها عن نسب نمو. ثم نذهب إلى سماعة HomePods وفشل إطلاقها عدة مرات ثم فشلها الذريع في منافسة أمازون وجوجل بسبب بدائية سيري. وأخيراً تعلن أبل عن منتج يسمى AirPower وتفشل في تقديمه من الأساس. أي تواجه الشركة فشل تام في إطلاق أي منتج جديد لها وتستمر في الاعتماد على أجهزة ستيف جوبز “الآي فون والآي باد”. بل وقتلت عائلة الأي بود وتجاهلت تطوير Mac وخاصة Pro منذ 4 سنوات مما يوحي بأن هناك تخبط غير مسبوق في قطاع الأجهزة بأبل.
وسبب نفسي أيضاً
آخر الأسباب التي لها دور “العامل النفسي”. فشركة أبل تعتمد على معادلة قوية وهى أنها “حصن” وشركة منيعة لا تتأثر بالمنافسين وحتى الظروف الاقتصادية فأحياناً يكون هناك انهيار في قطاع التقنية بشكل كبير وأبل إما تنخفض بشكل طفيف بل وأحياناً لا تنخفض من الأساس. لذا فكان المستثمر وخاصة الصغير يشتري بدون تفكير ويثق أن غداً أفضل في أبل. لكن حدوث التراجع واستمراره يسبب قلق في الثقة للمستثمر وبالتالي يبدأ في التفكير في مستقبل أبل فيجد النقاط السابقة؛ فيزداد القلق ويبدأ البيع
أخبرنا أنت
كل ما سبق هو تحليل من فريق آي-فون إسلام لما يحدث في سهم أبل؛ تذكر أن هذا لا يعني أن الانهيار سوف يستمر بل سوف يتماسك سهم أبل ويعاود الصغود قريباً بعد انتهاء عملية تبديل المراكز السهمية (يخرج المستثمر الخائف ويدخل الواثق في مستقبل أبل) لكننا أردنا توضيح بعض أسباب الانهيار الحالي من وجهة نظرنا ويبقى دوركم أنتم أن تفسروا معنا لماذا تراجع سهم أبل بهذا الشكل؟