برغم بيع أبل لأجهزة الآي-فون، الآي-باد، والماك بشكل جيد في الفترة الماضية، إلا أن الخدمات تشكل جزءاً مهماً من ربحها. بل أهم في ناحية محددة وهي الاستقرار. حيث أن الآي-فون معرض لقلة المبيعات وزيادتها حسب المنتجات ورغبة المستخدمين. أما الخدمات مثل متجر البرامج فدخلها ثابت وفي زيادة وهذا من أهم العناصر في عالم الأعمال. لذا قررت أبل توسيع خدماتها بقوة في الفترة الماضية عبر خدمة الموسيقى ثم أركيد وTV و News+. لكن باستثناء خدمة الموسيقى فلم ترقَ أي الخدمات الأخرى للمنافسة حتى الآن. فكيف تمت إدارة خدمات أبل ولماذا لم تحقق النجاح المطلوب؟
خدمة TV+
بالرغم من بدء اشتراكات المنافسين من 10 دولارات في الأغلب لخدمات بث برامج التلفاز، فإن أبل قررت أن خدمتها ستبدأ من 5 دولارات. كما أعطت خدمة مجانية لمدة سنة لمشتري أجهزتها الجديدة. ومؤخراً أصبحت تعطيه مجاناً لمستخدمي اشتراك الطلاب المخفض لخدمة الموسيقى. ولكن…
- بعض المستخدمين يقيم الخدمة بالثمن: أطلقت أمازون خدمتها لبث الفيديو منذ سنين. وكانت لمدة طويلة مجانية لمستخدمي Prime الحاليين ولكن لم يستخدمها الكثير. كما حدث مع أبل فكثير من المؤهلين لخدمتها المجانية لم يستخدموها حتى ولمدة طويلة.
- عروض لم تصل للمنافسين بعد: فأبل جديدة في مجال العروض الأصلية (أي التي تم إنتاجها من قبل الشركة) ولم تقم بعمل إنتاج ملحوظ يقوم بجذب انتباه المستخدمين حول العالم لمدة طويلة كما تمنت أن تفعل بواسطة عروض مثل See وجلب مشاهير مثل أوبرا وينفري لجذب المشاهدين. كما لم تقم أبل بتعاقدات مع منتجين آخرين لعرض برامجهم كما تفعل نتفلكس حتى تقوم بجذب المستخدمين.
خدمة الأخبار News+
كانت أبل بالفعل تمتلك برنامج الأخبار News وكانت وظيفته الأساسية هي جذب المستخدمين. فقد كان يقدم الأخبار بدون الحاجة لاشتراك مع دعم إعلاني. ولكنه لم يعمل بكل ميزاته إلا في مناطق محددة من العالم. ثم قامت أبل بإصدار خدمتها News+ والتي تقوم بتجميع الأخبار والمقالات المدفوعة من مجلات غربية مشهورة. وبالفعل قامت الخدمة بجذب أكثر من 200 ألف مشترك في أول يومين. ثم تباطأت الاشتراكات بقوة. وظهر هذا الأمر بقوة في عدة أمثلة مثل:
- عدد الاشتراكات قليل لدرجة أن أحد الناشرين الكبار وطبقاً لتقرير قناة CNBC صرح بأن الدخل الشهري لهم من الخدمة لم يتعد 20-30 ألف دولار فقط. أقل بكثير من الأرقام المتوقعة.
- أرباح الإعلان من الخدمة المجانية تجاوز الخدمة المدفوعة على حسب ناشر آخر. لقلة المشتركين بالطبع. كما صرح ناشرون آخرون بأن خدمة الأخبار تدر 5% فقط من الدخل الذي وعدت به أبل.
لماذا؟ حسناً، يعتمد نجاح أخبار أبل بشكل كلي على قاعدة مستخدمي أجهزة iOS الخاصة بها. بما أنها لا تقوم بإتاحة الخدمة على أنظمة أخرى. وبالرغم من قاعدة مستخدمي أبل الكبيرة والتي تتفاخر بها، ليس من السهل إقناع نصفهم حتى بالاشتراك في خدمة إخبارية جديدة تكلف عشر دولارات شهرياً لمجرد أن شكلها جميل. فهي تجلب الأخبار من الجرائد الكبرى وتتجاهل مواقع الإنترنت الإخبارية، وهي شديدة الشعبية في قطاع متصفحي الأخبار على iOS وأندرويد. كما أن خياراتها من الدول ومزودي الأخبار المتوافرين محدود بشدة.
تخيل أنك لا تستطيع قراءة آي-فون إسلام على خدمة News+. فما فائدتها إذاً؟ 😀
خدمة Arcade؟
خدمة الألعاب يصعب الحكم عليها الآن. فهي لا تحتوي على الكثير من العيوب. بها عدد كبير من الألعاب تجاوز الـ 100. جودة الألعاب رائعة. أجهزة أبل ممتازة لتشغيل هذه الألعاب. ومحبو الألعاب على أجهزة أبل يزيدون كل يوم. ربما لم تجني الخدمة كثيراً من الأموال بعد. لأن أبل لم تتفاخر بها تحديداً في تقريرها المالي الأخير. ولكن خدمات الألعاب عموماً حتى تلك المزودة من كبرى المتخصصين مثل اكس بوكس وEA تحتاج وقتاً كي تشكل جمهوراً مخلصاً لها ومستعداً للدفع الشهري حتى يقوم باستخدام الألعاب الأحدث.
ما المشكلة؟
ربما يبدو كل شيء جميلاً عند إعلان أبل عنه. فكل شيء لماع. كل شيء جميل. ولكن كل هذا متوقع. ببساطة لأن أبل شركة تمتلك الكثير من المال ويمكنها الإنفاق بلا حساب. فمثلاً خدمة TV+ كان مخططاً أن يكون الإنفاق المبدئي الخاص بها مليار دولار، ولكنه تعدى الست مليارات حتى الآن. بلا نجاح ملحوظ.
المشكلة أن أبل ربما تكون عادت لما حاولت فعله قبلاً بعد التخلص من ستيف جوبز. محاولة صنع الكثير من الأشياء. وهذا صعب جداً على أي شركة، خصوصاً شركة مثل أبل كانت استراتيجيتها دائماً التركيز على جودة منتجات قليلة.
وإنتاج الوسائط المتعددة عمل مختلف
بالإضافة لكل ما سبق، وبالرغم أن أبل من الأبرز في ساحة التكنولوجيا، إلا أنها ليست بيت إنتاج وسائط متعددة مثل HBO أو نتفلكس. هذا النوع من الأعمال لا يحتاج فقط المال والتخطيط بل يحتاج الخبرة في المجال وإدارة من نوع مختلف. كما تتضمن نجاحاً وخسارة لوقت طويل قبل تحقيق المراد في النهاية. فهل ينتظر مستثمرو أبل كل هذا الوقت بعد تعودهم على الربح السريع من الأجهزة وخدمات السحابة وبيع التطبيقات والموسيقى؟
ما الحل؟
دارت عدة حلول على الانترنت. حتى قبل الإعلان عن خدمات أبل. فأفضل حل لتحسين خدمة الفيديو على أكمل وجه هو شراء نتفلكس. كما أشيع لمدة طويلة قبل إطلاق TV+. وكما قامت أبل بشراء Beats قبل خدمة الموسيقى للحصول على خبرتهم. ولخدمة الأخبار ربما يجب على أبل إصدار تطبيق آندرويد ونشر الخدمة في دول أكثر. ومع مزودي خدمة أكثر. خصوصاً من مواقع الانترنت الإخبارية ودمجهم في التطبيق بشكل جيد.
لكن يبدو أن أبل تفكر بشكل آخر في الوقت الحالي. وحلها هو خدمة شاملة باشتراك واحد تقوم بجمع خدمات الموسيقى والتلفاز والأخبار. هكذا تتمنى الشركة جعل الخدمات أكثر جاذبية للمشتركين. كما توفر السيولة لتمويل خدمات لا تربح بمفردها مثل الأخبار.
لكن يا ترى كم سيكلف الاشتراك المجمع؟ وهل تقوم أبل بتحسين خدمات الأخبار والتلفاز لإغراء المستخدمين كي يدفعوا السعر الإضافي؟ هذا ما يمكن أن نراه نهاية هذه السنة. لكن المؤكد أن أبل تواجه منافسة شديدة ومن شركات متخصصة في هذه المجالات لسنين.
المصادر: