تخيل أن هناك تقنية اكتشفناها منذ قرون ويتم ضخ مليارات الدولارات في الأبحاث من أجل الاستفادة منها ولكن لم نتحرك سوى خطوات قليلة نحو السيطرة عليها. انها البطاريات يا سادة، التي ممكن أن تُغيّر من طريقتنا في استخدام الأجهزة المختلفة بدءا من الأدوات الكهربائية والألعاب واللابتوب وحتى الأجهزة الطبية والمركبات الفضائية. لكن ربما يتغير هذا الوضع في الأعوام القادمة والأبحاث الأخيرة قد تعتبر تكنولوجيا ثورية طال انتظارها وعند انتشارها قد يتغير العالم للأفضل والأهم، سوف تفطمنا عن الوقود الاحفوري الذي دمر عالمنا.
البطارية
البطاريات عبارة عن أجهزة قادرة على تخزين الطاقة الكيميائية وتحويلها إلى طاقة كهربائية من خلال التفريغ، وتتكون من أربعة أجزاء رئيسية: الكاثود ويتصل بالطرف الموجب والأنود ويتصل بالطرف السالب ومادة تحتوي على أيونات حرة تشكل وسطا ناقلا للكهرباء (الكهرل) والفاصل أو العازل.
الكاثود والأنود هما الأقطاب الكهربائية، ولكي يحدث تيار كهربائي يجب أن تنتقل الإلكترونات من قطب كهربائي إلى آخر، في هذه الحالة، يتم تمرير الإلكترونات من القطب السالب إلى القطب الموجب، دور القطبين إذن هو إنتاج التيار الكهربائي، يسمح الكهرل بتدفق الأيونات الموجبة بين القطبين وموازنة تدفق الإلكترونات، ويعمل الفاصل على ابقاء القطبين بعيدين ويمنع حدوث أي تلامس كهربائي أو مشكلات قد تحدث في الدارة.
بطارية الحالة الصلبة
هناك اختلاف واحد مهم بين البطاريات الحالة السائلة مثل بطاريات الليثيوم التي نستخدمها حالياً في معظم أجهزتنا وبطاريات الحالة الصلبة التي يتم تطويرها في الوقت الحالي بشكل مكثف وهو (المادة التي تحتوي على أيونات حرة وتشكل وسطا ناقلا للكهرباء) حيث تحتوي بطاريات السائلة على كهرل سائل، وتسمح بعض المُركّبات الموجودة في السائل المنحل بالكهرباء بنمو البلورات المعروفة باسم التغصنات، ويمكن أن يؤدي الشحن الزائد لتراكم البلورات على الأنود ومن ثم تتصل بالكاثود، مما يؤدي بالتالي إلى انفجارات خطيرة، بعكس بطاريات الحالة الصلبة التي نستخدمها حالياً وهي تضم كهرل من النوع الصلب والذي يمنع نمو هذه التغصنات الضارة كما تتمتع البطارية الصلبة بكثافة طاقة أعلى ومخاطر الحرائق والانفجارات تكون أقل، كما أنها تشغل مساحة أقل وهي قادرة على العمل في مختلف درجات الحرارة دون أي مشكلة.
تطوير تقنية البطاريات الصلبة
معظم شركات السيارات تسعى للتحول إلى السيارات الكهربائية، وهم أكبر مستفيد لتطور تقنية البطاريات الصلبة وتعتبر البطارية نقطة ضعف السيارات الكهربائية لأنه يجعل مداها التشغيلي قصير مقارنة بالسيارات التقليدية التي يصل مداها لأضعاف ما تستطيع للسيارات الكهربائية وصوله، ويصل متوسط مدى السيارة الكهربائية من 250 إلى 300 ميل (402 إلى 483 كم) بشحنة كاملة ويستغرق شحن السيارة بالكامل من ساعة إلى 17 ساعة اعتمادا على ما إذا كانت السيارة يتم شحنها في محطة أو تستخدم منفذا في المنزل، ومع ذلك، من المتوقع أن تستمر شعبية السيارات الكهربائية في النمو لتهيمن في النهاية على قطاع السيارات ولكن للهيمنة على السوق، تحتاج السيارات الكهربائية إلى توسيع نطاقهم إلى ما لا يقل عن 450 ميلاً (724 كم) وبقاء سعرها في متناول المستهلك.
لهذا استثمرت فولكس فاجن وفورد وبي إم دبليو وهيونداي وتويوتا وحتى مؤسس مايكروسوفت بيل جيتس مليارات الدولارات في أبحاث تطوير البطارية الصلبة، وقامت الشركة المدعومة من بيل جيتس والمعروفة باسم QuantumScape بتصنيع بطاريات صلبة بطبقات من السيراميك قادرة على العمل في درجات حرارة مختلفة، أما تويوتا فتعتزم اطلاق عدد محدود من السيارات المزودة ببطاريات صلبة بحلول عام 2025.
بالإضافة لذلك، قدم الفيزيائي الحاصل على جائزة نوبل ومبتكر بطارية الليثيوم والذاكرة المستخدمة في الحواسيب، “جون جودينف” براءة اختراع لبطارية صلبة من الزجاج والسيراميك مستقرة وغير قابلة للاشتعال وتوفر شحنا أسرع كما يمكنها تخزين طاقة أكبر بثلاث مرات من بطارية ليثيوم أيون المعروفة، وتم تحقيق ذلك عن طريق إضافة الصوديوم أو الليثيوم لتكوين قطب كهربائي في البطارية والأهم أنها ميسورة التكلفة ويمكنها أن تدوم لأكثر من 2000 دورة شحن وتفريغ وتعمل في نطاق درجة حرارة بين -4 درجة فهرنهايت و 140 درجة فهرنهايت (-20 درجة مئوية و 60 درجة مئوية).
سامسونج تعمل على بطاريات صلبة
إذا نظرنا إلى التطورات التي حققتها سامسونج في مجال بطاريات الحالة الصلبة، فإننا نرى أنها قادرة على تطوير بطارية يمكن شحنها وتفريغها أكثر من 1000 مرة بمدى 500 ميل (805 كم) لكل شحنة، يبلغ عمر هذه البطارية 500000 ميل، وكل ذلك إلى جانب القدرة على العمل بكفاءة في درجات الحرارة القصوى.
أخيرا، تتعاون الشركات الكبري في مجال البحث والتطوير حتى تكون بطارية الحالة الصلبة في متناول أيدينا، وربما نراها بعد عدة سنوات من الآن ولكن عندما تظهر، سوف تُحدث طفرة في كل شيء لأنها لا يعوّل عليها في السيارات الكهربائية فقط، بل ستكون في كل شيء بدءا من الأجهزة الطبية والهواتف الذكية وحتى مركبات الفضاء.
المصدر: