في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، قدمت شركة OpenAI، صاحبة ChatGPT، مجموعة من التوصيات إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تركز على ضرورة تخفيف القيود القانونية ومنح الشركات الأمريكية حرية استخدام المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وذلك لضمان بقاء الولايات المتحدة في صدارة السباق التكنولوجي مع الصين. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل هذه المقترحات، وتأثيرها المحتمل على صناعة الذكاء الاصطناعي، وردود الفعل المثيرة للجدل.
هل تساءلت يومًا كيف تتعلم برامج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT الكتابة أو إنشاء الصور؟ الإجابة تكمن في البيانات التي يتم تدريبها عليها، والتي تشمل ملايين النصوص، الصور، والمقالات من الإنترنت. لكن ماذا لو كانت هذه البيانات محمية بحقوق الطبع والنشر؟ هنا تبدأ المشكلة التي تحاول OpenAI حلها. الشركة ترى أن القوانين الحالية تعيق الابتكار وتضع الشركات الأمريكية في موقف ضعف مقارنة بالدول الأخرى مثل الصين. فلماذا تطالب OpenAI بهذا التغيير، وما هي التحديات التي قد تواجهها، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على حياتنا اليومية.
ما الذي تقترحه OpenAI؟
تعتقد OpenAI أن القوانين الأمريكية الحالية، التي تختلف من ولاية لأخرى، تشكل عائقًا كبيرًا أمام تطوير الذكاء الاصطناعي. فقد تم تقديم أكثر من 781 مشروع قانون متعلق بالذكاء الاصطناعي في الولايات المختلفة، مما يفرض قيودًا صارمة على الشركات المحلية. هذه القوانين، بحسب الشركة، تجعل من السهل تطبيق الرقابة على الشركات الأمريكية مقارنة بنظيراتها الدولية، مما يقلل من جودة البيانات المتاحة للتدريب. لذلك، تدعو OpenAI الحكومة إلى تقديم “تخفيف خاص” لهذه القيود لدعم رواد الأعمال.
استراتيجية حقوق الطبع والنشر
تقترح OpenAI إعادة النظر في قوانين حقوق الطبع والنشر للسماح باستخدام المواد المحمية في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بحرية، مستندة إلى مبدأ “الاستخدام العادل Fair Use”. وتؤكد الشركة أن هذه النماذج لا تعيد إنتاج الأعمال الأصلية للاستخدام العام، بل تستخدمها فقط للتعلم والتحسين. وتشير إلى أن الاتحاد الأوروبي، بقوانينه الصارمة، قد أعاق الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يجب على الولايات المتحدة تجنبه للحفاظ على تفوقها التكنولوجي.
ولتجنب تسرب التكنولوجيا إلى منافسين مثل الصين، تقترح OpenAI نظامًا هرميًا لمشاركة بيانات الذكاء الاصطناعي. في هذا النظام، ستُتاح التكنولوجيا للدول التي تتبنى “مبادئ ديمقراطية” في استخدام الذكاء الاصطناعي، بينما يتم حظر الصين تمامًا وتقييد الوصول لبعض الدول الأخرى التي قد تشكل خطرًا.
وتقول OpenAI إنه بدون الوصول الحر إلى البيانات المحمية، فإن “السباق نحو الذكاء الاصطناعي قد انتهى فعليًا”، وستخسر أمريكا مكانتها كرائدة في هذا المجال. الشركة ترى أن الصين، التي لا تلتزم بنفس القيود القانونية، ستتفوق بسرعة إذا لم تتحرك الولايات المتحدة. على سبيل المثال، إذا لم تتمكن الشركات من تدريب نماذجها على أحدث الأخبار أو الأعمال الفنية، فستصبح أدوات الذكاء الاصطناعي أقل كفاءة وتنافسية.
ردود الفعل
لكن هذه المقترحات لم تمر دون جدل. فالفنانون، والصحفيون، والكتاب يرون أن استخدام أعمالهم دون إذن أو تعويض يشكل تهديدًا مباشرًا لسبل عيشهم. على سبيل المثال، رفعت صحيفة “نيويورك تايمز” دعوى قضائية ضد OpenAI ومايكروسوفت بسبب استخدام مقالاتها في تدريب النماذج، متهمة إياهم بتقليل عدد الزوار لموقعها الإلكتروني من خلال تقديم ملخصات غير دقيقة أحيانًا.
كذلك أدوات مثل Dall-E وMidjourney، التي تعتمد على ملايين الصور المأخوذة من الإنترنت، أثارت غضب الفنانين أيضًا. هذه الأدوات يمكنها إنشاء صور مذهلة، لكنها تعتمد على أعمال فنانين لم يوافقوا على استخدامها، مما أدى إلى دعاوى قضائية ومطالبات بتعويضات.
كيف يمكن أن يؤثر ذلك على حياتنا؟
إذا نجحت OpenAI في اقتراحاتها، فقد نشهد تطورًا هائلاً في أدوات الذكاء الاصطناعي. تخيل أن تطبيقًا مثل ChatGPT يصبح قادرًا على تقديم إجابات أكثر دقة وحداثة، أو أن آي-فون الخاص بك من أبل يدمج تقنيات ذكاء اصطناعي متطورة تجعل حياتك اليومية أسهل.
على الجانب الآخر، قد يؤدي ذلك إلى تقليص الإبداع البشري، وإذا أصبح كل شيء متاحًا للذكاء الاصطناعي، فقد نفقد قيمة الإبداع البشري يوماً ما!
لكن السؤال الأكبر هنا هو: كيف يمكن للحكومة الأمريكية أن توازن بين دعم الابتكار وحماية حقوق المبدعين؟ شركة OpenAI ترى أن الحل يكمن في إعطاء الأولوية للتقدم التكنولوجي، لكن الجدل مستمر حول ما إذا كان هذا سيأتي على حساب قيم إخرى مثل العدالة والإنصاف والابتكار البشري.
في النهاية، يبدو أن مقترحات OpenAI قد تشكل نقطة تحول في صناعة الذكاء الاصطناعي. سواء اتفقنا مع رؤيتها أم لا، فإن القرار النهائي سيعود إلى الحكومة الأمريكية وكيفية تعاملها مع هذا التوتر بين الابتكار وحقوق الملكية الفكرية.
المصدر: