في السنوات الأخيرة شهد عالم الأجهزة المحمولة تطوراً كبيراً، حيث زادت أحجام الشاشات ودقتها وتضاعف سرعة المعالج والسعة التخزينية، الأمر الذي جعلنا نشاهد هاتف مثل S4 يمتلك معالج يقارب أو يزيد عن معالجات بعض الحواسب الشخصية، كما أصبح وضوح وجودة شاشات الهواتف تفوق الحاسبات، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه “ماذا بعد؟”، ما هى الخطوة التالية؟ وهل وصلنا إلى قمة التطور حالياً أم سيكون هناك تطوراً من نوع آخر؟
سنسعى في السطور القادمة إلى استعراض كل جزء من مكونات الهواتف وإظهار إلى أين وصل؟ وكيف سيكون شكله في المستقبل؟، مع مراعاة أنه ربما تقدم أحد الشركات مفاجئات تقنية تقلب المعادلات الحالية، لكننا سنستعرض ما هو مبني على المعطيات الحالية من الشركات المختلفة.
الشاشات
بصدور الأجهزة الثلاث الأخيرة -إكسبيريا زد، إتش تي سي وان، جالاكسي إس 4- فهذا إشعار بوصول حجم الشاشات إلى Full HD والتي تعني 1920×1080، ووصلت كثافة الألوان في البوصة الواحدة في جهاز HTC إلى 469ppi، وهى كثافة عالية جداً وأكثر من قدرة العين البشري التي لا تفرق بعد 287ppi (عند مسافة 30 سم)، لذا فالوصول إلى هذه الجودة والكثافة الفائقة يجعلنا نتوقع ألا يحصل زيادة مستقبلية في حجم الشاشات لأنها عمليا بلا فائدة لأن العين لن تلاحظها، وستعمل الشركات على تغيير حدة وتباين الألوان وتعديل سطوع الشاشة وغيرها من الأمور التي تجعل الصور أكثر جمالاً ووضوحاً وحيوية، وربما هذا ما كانت تقصده أبل في شاشة الآي فون 5 حيث حافظت على كثافة البيكسل لكن زادت من تباين الألوان 40%.
الخلاصة: ستحافظ الشاشات على الحجم الحالي Full HD، لكن ستعمل كل شركة على تحسين الألوان وتغيير الإضاءة وغيرها من العوامل التي تقرب الصورة من الحقيقة.
المعالجات
صدر جهاز سامسونج الأخير S4 بأقوى معالج في العالم ويتوقع أن يظل الأقوى لأشهر مستقبلاً، معالج ثماني النواة أو معالجين رباعي كما شرحنا في مقالنا عن الهاتف، فهل سنرى معالجات أكثر قوة؟ ربما تكون الإجابة المنطقية هى نعم، لكن لماذا نرى معالجات أكثر قوة؟ طاقة معالج سامسونج رهيبة بالفعل لكن المعالج يحتاج نظام تشغيل ليستغلها بالشكل الأمثل وإلا ستكون قوة كبيرة بدون استغلال أمثل، وهذا ما فعلته أبل حيث وفرت معالج ثنائي 1.2 جيجا لكنه فاق الكثير من المعالجات الرباعية النواة وهذا بسبب التوافق الكبير بين المعالج والنظام. لذا فزيادة تطور المعالجات دون تطوير النظام يعتبر اهداراً لطاقة الجهاز ويمكن لشهور الاستمرار في تقديم نفس المعالجات الحالية لكن بتطوير نظام التشغيل وستصبح في النهاية الهواتف أكثر سرعة. فهل ستعمل الشركات على زيادة فاعلية وكفائة النظام في الاستفادة من طاقة المعالج؟ أم ستواصل زيادته بعيداً عن النظام وتتحمل تبعات ذلك من زيادة استهلاك البطارية؟
الشق الآخر من المعالجات وهو الألعاب فنتوقع أن يحصل على تطور كبير مستقبلاً وخاصة بعد كشف نيفيديا عن المعالج تيجرا 4 والذي يأتي بـ 72 نواة للـ GPU الخاص بالرسوميات والألعاب، وقدم بالفعل المعالج أداء مذهل في الاختبارات وأيضاً استهلاك بطارية رائع بالمقارنة مع الأداء.
الخلاصة: لا يتوقع أن تواصل الشركات تقديم قفزات في المعالجات (سيحدث زيادة وليس تضاعف مثل السابق)، وستعمل الشركات على تغيير التقنية لتقليل استهلاك الطاقة وأيضاً العمل على حسن إدارة الموارد الغير مستغلة بسبب نظام التشغيل. وفي محرك الجرافيكس يتوقع الاهتمام به مستقبلاً بحيث تصبح الألعاب ذات أداء أفضل.
الكاميرات
“عدد الميجا بيكسل يعني حجم الصورة وليس جودتها”، هذه هى القاعدة الذهبية في عالم كاميرات الهواتف، في البداية زادت الميجا بيكسل بشكل كبير حتى وصلت إلى 8 ميجا بيكسل ورغم صدور 12 ميجا قبل ثلاثة أعوام لكن ظلت كاميرا 8 ميجا هى الأشهر طوال عامي 2011-2012 وظهر انتقل مؤخراً في هذا العام لتصبح 13 ميجا، لكن تسعى الشركات لتطوير الكاميرا نفسها، فنجد HTC قررت استخدام تقنية ألترا بيكسل وقدمت كاميرا بحجم 4 ميجا بيكسل حيث ذكرت أن الاهتمام بجعل البيكسل أكبر أهم من زيادته عدده وهو نفس ما قامت به نوكيا في هاتف بيور فيو الـ 41 ميجا بيكسل، أما أبل فزادت عدد العدسات وزادت فتحة الكاميرا لجلب أكبر قدر من الضوء وجعل الصور أكثر وضوحاً وجودةً.
الخلاصة: لا نتوقع زيادة عدد الميجا بيكسل عن الحد الحالي (13 ميجا) لكن سيتم إدارة وتطوير الكاميرا لمعالج التصوير في الظلام والألوان لتقدم صور أفضل وأكثر جودة.
البطاريات
مشكلة الهواتف الذكية هى البطاريات، فسرعة تطورها بطيئة بالمقارنة مع الهواتف، فنجد الآي فون يصدر ببطارية 1440 ملي أمبير وهذا في عام 2012 رغم أن هناك هواتف صدرت عام 2000 ببطارية 1000 ملي أمبير. ففي الفترة الزمنية التي ارتفعت فيها سرعة الأجهزة 50 أو 100 ضعف وكذلك الشاشات وجودتها، تجد البطاريات في المتوسط وصلت إلى 2000 ملي أمبير وبعض الهواتف المعدودة وصلت ل 3000 ملي أمبير، أي أن خلال 13 سنة زاد الضعف فقط مع مراعاة أن الزيادة جاءت عن طريق تكبير الجهاز نفسه وليس التقنية، حيث أصبحت الشركات لكي تزيد سعة البطارية فهي تقوم إما بتكبير حجم الجهاز أو زيادة وزنه وسمكه. وإلى أن تتطور تقنية البطاريات فعلى الشركات أن تجعل شاشاتها والمعالجات وشريحة الجيل الرابع تستهلك طاقة أقل ما يمكن.
الخلاصة: لا يتوقع حدوث طفرات في البطاريات وسعتها التخزينية، لذا ستعمل الشركات على تقليل استهلاك الطاقة قدر المستطاع بحسن إدارة موارد الجهاز.
الذاكرة والسعة التخزينية
ربما هذه هى النقطة الوحيدة تقريباً التي ستواصل الزيادة والتطور بلا عقبات تذكر، حيث وصلت الذاكرة الآن في الهواتف إلى 2 جيجا كما ارتفعت السعة التخزينية إلى 128 جيجا في الأجهزة اللوحية مثل سيرفس والآي باد. وكشف عملاق أشباه الموصلات “سامسونج” عن تطويرها كارت ذاكرة عشوائية 4 جيجا وستكون متوفرة ربما العام القادم في هاتف S5 أو نوت 4. وزيادة الذاكرة لا يواجه عقبات لأنه لا يستهلك بطارية أو يأخذ من سرعة الجهاز لذا فيمكن التوسع فيها قدر المستطاع مع مراعاة الأسعار، ومؤخراً تتطورت أقراص الـ SSD بشكل كبير وكذلك انخفض سعرها لذا يمكن أن نرى هواتف ذات سعة تخزينية 128 جيجا مثل التابلت خلال أشهر قليلة.
الخلاصة: ستواصل الذاكرة والسعة التخزينية النمو بشكل مضاعف وذلك لعدم وجود عقبات تذكر عدا الأسعار.
تطورات متفرقة:
شبكات الجيل الرابع: أصبحت عامل أساسي في أي جهاز جديد، لكنها تختلف من دولة لأخرى، لذا ستسعى الشركات إلى تقديم هواتف تدعم أكبر عدد ممكن من الدول وكلما كان الهاتف يدعم دول أكثر، حقق انتشاراً أكبر.
الأنظمة الصوتية: بعد زيادة أحجام الشاشات ودعمها لجودة فائقة، جاء دور تطوير أنظمة صوتية لتوفر مؤثرات صوتية عالية الجودة، وتتفوق HTC بالتعاون مع بيت “Beat” على منافسيها في الهواتف، وأمازون بالتعاون مع دولبي “Dolby” على الأجهزة اللوحية الأخرى في هذا المجال، لكن لا تزال شركات مثل أبل تقدم سماعة أحادية (عدا في الآي باد ميني).
المصادر | wsj | wikipedia | eetimes | wiki | nvidia