في عالم اليوم انتشرت الوسائل التكنولوجية وأساليب التواصل، لكن بقيت هناك نقطة هامة وهى أنك إذا تتصفح الإنترنت فتعلم الشركات ماذا تفضل زيارته وعن ماذا تبحث، إذا استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي فستعلم الشركات روابطك العائلية وصورك وكل شيء عنك، إذا استخدمت تطبيقات المحادثة فسوف يحصلون على كل أرقامك. دائماً خصوصيتك منتهكة وأسرارك يعلمها الجميع، ولكن… ولكن… ولكن هل يهتم أحد حقاً بالخصوصية؟


الجميع يخترق خصوصيتك

قبل عامين نشرنا مقالاً يتحدث عن أنه لا يوجد شيء مجاني، فحتى الثغرات التي يكتشفها الهاكرز في الأنظمة تباع -راجع مقال الهاكرز وتجارة الثغرات الأمنية– الخلاصة أنه في زمننا الحالي هناك قاعدة “إذا لم تدفع ثمن السلعة فاعلم أنك أنت أصبحت السلعة والثمن”. في هذا الزمن أغلى سلعة هى معلوماتك أنت والتي ستسخدم في الدعايا للخدمات المختلفة، أنت تعلم هذا بالطبع وإلا فكيف تحقق شركات مثل فيسبوك وجوجل وتويتر وواتس أب وغيرهم مليارات الدولارات؛ هذه المليارات قادمة من الإعلانات التي تعتمد على بياناتك أنت.

في مؤتمر جوجل الأخير عندما أرادت الشركة أن تتفاخر بقوة نظام الأندرويد ذكرت أنه:

  • مستخدموا الأندرويد يفحصون جهازهم 100 مليار مرة يومياً.
  • مستخدموا أندرويد يتحركون 1.5 ترليون خطوة يومياً.
  • مستخدموا أندرويد يرسلون 20 مليار رسالة قصيرة SMS يومياً.
  • يتم التقاط 93 مليون صورة “سيلفي” بكاميرات أجهزة أندرويد يومياً.

جوجل تعلم كم خطوة مشيت وأين ذهبت وكم مرة ضغطت على زر الهاتف لتضيء شاشته وكم رسالة نصية أرسلتها وحتى كم صورة بالكاميرا الأمامية التقطتها.

أذكر أنه أثناء فحص مديرنا المهندس طارق منصور لنظارة جوجل -راجع هذه المقالات– قام بالتقاط صورة كتجربة، وفوجئ بالنظارة تقول له جاري رفع الصورة على جوجل + هكذا بدون استئذان، بالطبع يوجد خيار خفي في النظام يمكنك من إيقاف رفع الصور لكن كم شخص يعلم هذا؟ أو كم شخص يعلم أن صوره ترفع على جوجل بلاس. إنني أتوقع أن هناك ملايين من الصور لأشخاص تم رفعها على جوجل بلاس بدون أن يعلم أصحابها حتى الآن أن هناك صور مرفوعة. وبالمناسبة إذا جاء سيرة النقاط الخفية جاءت شركتنا التفاحة المقضومة :D .

عندما تشتري هاتف جديد أو تحمل نظام iOS نظيف فإن أبل تفعل بشكل افتراضي خيار يدعى “المواقع المتكررة” وهو خيار يمكن نظام iOS وأبل من مراقبة كل موقع تذهب إليه وكم بقيت فيه، يشبه تماماً ما تفعله جوجل وذكرناه في أعلى -راجع هذا المقال لتعلم كيف تغلقه-. وبالطبع إذا انتقلنا للحديث عن فيسبوك فربما نتساءل ماذا تعني الخصوصية أصلاً!

الجدير بالذكر أن الشركات لا تحصل على بياناتك لها فقط، فهناك دائماً بند في اتفاقية المستخدم والتي ربما لم يقرأها بشري واحد يقول هذا البند أنه يحق للشركات مشاركة أي محتوى مع أي جهة أو شركة بهدف تحسين الخدمات المقدمة للمستخدم، هكذا بند غير واضح ومطاطي وقابل لأن تفعل به ما تشاء. وهذا ليس كلامنا نحن بل اتهام المفوضية الأوروبية لشركة جوجل لأنها لا تخبرهم ماذا تفعل بالبيانات التي تحصل عليها وهل تقوم بحذف البيانات القديمة أم لا، وصدر ضد جوجل أحكام بأن عليها حذف كل نسخ البيانات القديمة لديها.

وبعيداً عن الشركات فنحن نعلم أن الأجهزة الأمنية تخترق جميع الشركات حتى أن رئيس شركة هواوي الصينية قال أنه غير متفاجئ من تقارير تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA على شركته. وحتى الدول التي لا تمتلك أجهزة مراقبة عملاقة مثل أمريكا فتستطيع ببساطة تقديم طلب لأي شركة بالكشف عن البيانات الخاصة بأي مستخدم، وتصدر فيسبوك ولينكد إن وتويتر وأبل ومايكروسوفت وغيرهم بيانات منتظمة بعدد الطلبات التي قدمت لها من الحكومات وهل تمت الموافقة عليها أم لا، والقوائم تضم كل دول العالم، من دول كبرى مثل أمريكا إلى دول نراها لطيفة مثل “اليابان وسينغافورة” ومروراً بالدول العربية.


ومن يهتم أساساً بالخصوصية

عندما نتحدث عن الخصوصية وأن شركة كذا تنتهك الخصوصية فنجد بعض التعليقات مثل:

  • لا يفرق الأمر معي كثيراً ولا يهمني ماذا سيأخذون.
  • لا يوجد مانع من أن يعلموا اهتماماتي ويتم بيعها لشركات الإعلانات، فهم دائماً سيضعون إعلانات فعلى الأقل ستكون الإعلان من أمور اهتم بها حقاً.
  • منذ سنوات وأنا خصوصيتي وبياناتي مخترقة لكن لم أواجهه أي مشكلة
  • لا يمكنني دفع الأموال نظير الخدمات، باختراقهم خصوصيتي فإنهم يمنحونها لي مجاناً وأنا موافق.

في كل مقالاتنا التي تهتم بالخصوصية تكون هذه هى التعليقات، وهى ليست في وطننا العربي فقط، فتستطيع البحث في جوجل وستجد مقالات في كبرى الصحف العالمية تحت عناوين “هل يهتم الشباب بالخصوصية”، “هل يهتم الأمريكان/الإنجليز/الفرنسيين/ … بالخصوصية” الأمر أصبح عالمياً وليس في بلادنا فقط.

في كل مقالتنا نحن نطرح مشكلة ما ثم نطرح الحل، لكن هذه المرة نحن نفكر سوياً، خصوصيتك هى أسرار، حياتك، علاقتك بغيرك، بموافقتك على انتهاك خصوصيتك فأنت أيضاً تعطي معلومات عن من حولك، إذا لم يكن لديك مشكلة في منح الشركات رقم هاتفك فهناك من لديه مشكلة في ذلك وأنت ببساطة منحت واتس أب وTrue Caller وفايبر وكل العالم رقمه، أخبرت العالم أنه يأكل في مطعم كذا معك، وأنه سافر إلى مكان كذا ويعمل في شركة كذا. فكر فقط معنا في ما تمنح الشركات من معلومات سواء عنك أو عن من حولك، الخصوصية ليست رفاهية بل أمر أساسي في حياتنا.

هل أنت ممن يهتمون بالخصوصية؟ وما هى الشركة التي تراها الأكثر موثوقية في الخصوصية؟ وهل تستحق بعض الخدمات أن تضحي ببياناتك؟ شاركنا رأيك

مقالات ذات صلة