انا لا اهتم بك، ولكن اريدك ان تظن اني اهتم بك. هذا ما أشعر به عندما تصلني آلاف الرسائل التي تهنئ بالعيد عبر الواتس آب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي… رسالة واحدة لآلاف الناس، ماذا تظن اني اشعر بعد هذه الرسالة؟ لا شيء. حرفياً لا شيء. لم اشعر بتواصل أو اجتماعي، لم أشعر أنني مميز بالنسبة لك، فأنت لم تذكر اسمي حتى في الرسالة، والرسالة نفسها لم تكن من كلامك فانا اعرفك جيداً وانت لا تسرد الشعر ولا تقول هذا الكلام المقفى.
ان كنت فعلاً مهم بالنسبة لك، لماذا لا تمسك هاتفك وتتصل بي؟ لماذا لا تأتي لزيارتي؟ اذا كنت تهتم بي حقاً ولا تملك من الوقت ما يجعلك تأتي للزيارة او لا تملك من المال ما يجعلك تتحدث صوتياً معي، ارسل لي رسالة حقيقية لي وحدي، وأخبرني فيها بشكل شخصي بكلامك الشخصي انك تهنئني وتتمنى لي عيد سعيد واسئل عن اولادي واذكر لي اسمائهم، اجعلني اشعر انني بشري ولست مجرد اسم في قائمة العائلة او الاصدقاء لديك. وان كانت معرفتنا سطحية، فلا داعي من هذه الرسالة لانها لم تزد من علاقتنا ولم تجعلنا اكثر قرباً، فكلنا نعلم كيف ارسلتها وربما لا تعلم انني في القائمة التي ارسلت لها اصلاً.
هل تعلمون ما الذي اشعر به؟ اشعر انه كلما زادت التقنية توغلاً في حياتنا كلما قلت بشريتنا واصبحنا اقل تواصلاُ واكثر عنفاً وشراً. اتذكر الماضي وانا امسك بيد جدي ونذهب الى فرد فرد من العائلة لنجلس معه فقط خمس او عشر دقائق للننتقل الى التالي سريعاً فقط لنهنئهم بالعيد. كان هذا هو التواصل الإجتماعي بحق. ولذلك حين يكون هناك ضائقة ترى الجميع مجتمعين حولك في الشدة كما اجتمعت معهم في الفرح. هذا هو التواصل الاجتماعي، وليس الواتس آب.
هذا هو التواصل الاجتماعي، وليس الواتس آب.