كل سنة تقوم آبل بإصدار جهاز آي-فون جديد تقوم بإصدار معالج جديد معه وقد اعتدنا على تفوق معالجات آبل على معالجات المنافسين وبشدة وفوارق كبيرة مع أن المنافسين يستعملون معالجات كوالكوم وهي من أكبر الشركات ولديها موارد تمكنها من تطوير معالجات ممتازة أيضاً، فلماذا تتفوق دائماً آبل برغم أنها ليست شركة متخصصة في صناعة المعالجات؟

ما الأسباب وراء تفوق معالجات آبل بشدة؟


نظرة على معالجات آبل و A11 Bionic

تقدم آبل معالجات بمعمار 64 بت باستخدام تصميم ARM الأساسي ولكن أحد الفوارق بين آبل والشركات الأخرى هو أن آبل لديها رخصة من ARM تسمح لها بتصميم معالجاتها بشكل كامل من الصفر واستعمال المعمارية دون التقيد بتصميم المعالجات الأصلي من الشركة الأم. أما بالنسبة لمعالج A11 فهو يحتوي على ست أنوية حيث هناك نواتان (عاليتا الأداء) وأربعة “عالية الفعالية” بمعنى أنها موفرة للطاقة وتستخدم للظروف حيث لا يحتاج الجهاز أداءاً قوياً، وقد امتلك معالج A10 بناءً مشابهاً إلى حد ما ولكن الفرق أن معالج A11 قادر على استخدام الأنوية الستة معاً للحصول على طاقة أكبر بعكس معالج السنة الماضية الذي يستطيع فقط إما استخدام الأنوية الأسرع أو الأنوية الموفرة للطاقة، وأخيراً نذكر أن معالج أبل الجديد يحمل تصميم ترانزيستور بحجم 10 نانومتر ويشاركه معالج سناب دراجون الأحدث في هذا وفي العديد من الأشياء الأخرى، ولكن أداء النواة المفردة في معالج آبل الأحدث هو أكثر من ضعف أداء معالج سناب دراجون.


السبق لآبل

 

في عام 2013 قامت آبل بإصدار الآي-فون 5s والذي كان أول جهاز يحمل معالجاً بمعمارية 64 بت في السوق ولكن المفاجأة أن آبل لم تكن أول من قدمه في هاتف فقط بل أول من أكمل المعالج أساساً حيث أن شركة ARM التي وضعت أساسات التقنية لم تكن قد أصدرت أول معالج لها بعد بتقنية 64 بت وبالطبع كان على سناب دراجون اللحاق بها في السنة التالية لذا حاولت أن تصنع معالجاً بنفس المعمارية على عجل لأن الانتظار كان يعني الخروج من المنافسة تماماً وبفارق شاسع، ومع السنين حتى اليوم ظلت سناب دراجون تتأرجح ما بين تصميماتها الخاصة وتصميمات ARM بينما كانت آبل بالفعل تملك تصميمها الأساسي وظلت تطور فيه لعدة أجيال بثبات وتحاول سناب دراجون اللحاق بها بشتى الوسائل ولكنها ما زالت في الخلف.


التخصص

كما نعرف فآبل تملك ميزة تنافسية مهمة وهي صنع كل شيء لديها بمعنى أن آبل تقوم بتصميم الهاتف وتقرر ماذا تضع به وتصمم المعالج خصيصاً له وحتى النظام يتم تصميمه خصيصاً لأجهزة و معالجات آبل وهذا قد يوفر على آبل أسابيع من التطوير قد تحتاجها الشركات الأخرى وأيضاً يعطي آبل الإمكانية في التحكم فيما تريد تماماً من المعالج أن يفعل، ولكن شركات أخرى مثل سناب دراجون و ARM تصنع المعالجات لبيعها لجمهور كبير من الشركات فربما تستخدم تلك الشركات المعالجات في أجهزة هواتف ذكية، ربما في أجهزة تابلت، ربما في تلفاز أو حتى ثلاجة ذكية. كل هذا يعني أن المعالج لا يتم تصميمه لهاتف معين ولا حتى للهواتف فقط بل يجب على الشركات وضع جميع الزبائن المحتملين في الحسبان، كما أن هذه الشركات تقوم بتصنيع خطوط كاملة من المعالجات لمختلف الأغراض ولذا لا تستطيع التركيز على عمل معالج واحد مثل آبل التي يقوم فريق العمل الخاص بها بتطوير معالج واحد فقط يستخدم في جهاز واحد.


مزيد من السيليكون، سرعة أفضل

هذا يعود أيضاً لعمل آبل على منتج واحد، فتجد أن حجم معالج آبل فعلياً هو ضعف حجم أي معالج آخر من سناب دراجون. هذا يعني أن آبل تضع المزيد والمزيد من السيليكون في المعالجات. هل تسأل لماذا لا تقوم الشركات الأخرى بفعل ذلك؟ الإجابة تكمن في المال، فالسيليكون ليس رخيص الثمن، بل هو غال الثمن حتى أن بعض شركات صنع المعالجات الصغيرة يمكن أن يكون الفارق بين الربح والخسارة لديها هو إضافة أو إزالة نصف مللي متر مربع من السيليكون. لذا دعنا ندرس حالة معالجات آندرويد، غالباً يبدأ التصميم الأساسي في شركة ARM والتي تقوم بإكمال التصميم وإرساله لشركة كوالكوم التي عليها التعديل فيه ليناسب رؤيتها وإضافة ما تريد وتصنيعه ثم عليها إرساله إلى سامسونغ مثلاً والتي عليها أن تقوم بوضعها في الهواتف وبيعها. نجد أن كل درجة من هذه الدرجات المذكورة تقوم بزيادة السعر ولدينا العديد من الشركات التي لديها خطط بحثية ومؤسسات وموظفون وإنفاق ويجب على كل شركة منها الحصول على الربح من ذات المعالج لذا تجد أن التقليل في استخدام السيليكون يعتبر حلاً مثالياً، أما في حالة آبل فهي تقوم بتصميم المعالج بشكل كامل ولجهازها هي فيمكنها وضع المال حيث تريد، فمثلاً تقوم الشركة بالإنفاق على المعالج وتقليل الإنفاق على أجزاء أخرى في الهاتف مثل بعض أشباه الموصلات أو اللوحات أو الحساسات أو أجزاء من الشاشة إلى آخره. فتملك آبل تحكماً كاملاً في كيفية الإنفاق على تصنيع الهواتف.


الكاش

جزء كبير من استخدام السيليكون الزائد الذي تضعه آبل يذهب في تصنيع الكاش وللشرح السريع يمكن القول أن الفارق بين السرعة التي يؤدي بها المعالج والسرعة التي تؤدي بها الذاكرة المؤقتة RAM من نوع LPDDR4 المستخدمة حالياً كبير بمعنى أن الرام أبطأ بكثير من المعالج فكيف يتم حل هذه المشكلة؟ يتم هذا عبر ذاكرة عالية السرعة يتم دمجها مع المعالج وتكون سعتها عدة ميجابايتات وهي تقوم بتخزين ونقل الملفات عشوائياً بسرعة فائقة ومع زيادة هذه الذاكرة أو تحسينها يتحسن أداء المعالج بشكل كبير. للمقارنة فقد كانت تستخدم آبل 1 ميجابايت من الكاش نوع L2 وأربعة من نوع L3 في الآي-فون 5s بينما لم يتم دعم الكاش من نوع L3 في معالجات آندرويد حتى الآن وسيتم دعمها مع معمارية Cortex-A75 والتي لم تصدر بعد، كما أنها ستكون بحد أقصى 4 ميجابايت. أي أن آبل كانت تستخدم كمية من الكاش في الآي-فون 5s أكبر من الكاش في أجهزة آندرويد للسنة القادمة أو حتى التالية. أما آبل على الناحية الأخرى لعدة سنين كانت تستخدم ذاكرة من نوع L3 كما أيضاً تستخدم معها ذاكرة من نوع L2 بحجم كبير فمعالج الآي-فون 8 و10 يملك 8 ميجابايت من ذاكرة L2 وهذا كم عملاق بالفعل من الكاش أما بالنسبة لمعالج سناب دراجون 835 المستخدم في أجهزة جالاكسي S8 المباعة في أمريكا وجميع أجهزة آندرويد من الفئة العليا فهو يحتوي على 3 ميجابايت من نوع L2. فارق كبير أليس كذلك؟


الخلاصة

تتعدد أسباب نجاح آبل في تخطي الجميع في مجال المعالجات وسرعة الأجهزة فهي بدايةً متقدمة بجيلين عن أي مصنع آخر وذلك بسبب البداية المبكرة، آبل تركز في صنع منتج واحد، وتنفق المزيد من المال على المعالج للحصول على أحجام كبيرة للمعالج وذاكرة كاش أكبر. كل هذه العوامل مدعومة بمنظومة كبيرة للبحوث والتطوير حيث أن ممثلاً لشركة آبل صرح أن شريحة A11 كانت قيد التطوير منذ 2014 أي عند إصدار الآي-فون 6.


هل تعتقد أن أجهزة آندرويد ستسبق آبل يوماً ما؟

المصدر:

Android Authority

مقالات ذات صلة