يعتقد الكثيرون منا أن إشعاع الهواتف من مسببات السرطان؛ مما يجعل في أنفسنا شيء من عدم الشعور بالراحة والطمأنينة لهذه الهواتف. فنجد بعضنا حريص كل الحرص بأن يُبقى الهاتف بعيداً عنه قدر الإمكان خاصة عند النوم. ولكن سرعان ما ننسى هذه المخاطر ونحتضن هواتفنا طوال الوقت حتى عند النوم. ولا شك أن ذلك خلق هاجسا عند الكثيرين، بأنه لابد من وجود نوع من أنواع المخاطر الصحية والمجتمعية تسببه هذه التكنولوجيا. فهل هذا حقيقي؟
بالتأكيد قليل منا يعرف ما هو الإشعاع وما هي أنواعه، وكيف يعمل. وأكثرنا ينتابه الرعب والقلق من مجرد سماع كلمة إشعاع. فهل كل أنواع الإشعاع ضارة وتسبب هذه الأمراض الفتاكة؟ وهل توصلت الأبحاث والدراسات إلى ما يفيد بأن الهواتف تسبب السرطان فعلا؟ بالتأكيد الأمر فيه تفصيل.
الهواتف موجودة معنا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. وخلال هذه السنوات قام باحثون كُثُر بدراسة تأثير الهواتف على صحة الانسان، وهل هي مسببة للسرطان أم لا؟ ومن المفروض أن نحصل على إجابة شافية مؤكدة ومحددة تثبت أو تنفي بالدليل القاطع حدوث ذلك الأمر. إلا أن الدراسات والأبحاث حول هذا الموضوع عاكفة على فهم ودراسة هذه الموجات الإشعاعية. وتوصلت تلك الدراسات إلى أن فهمنا الحالي لموجات الراديو يعطينا دلالات على أن الهواتف لا تسبب السرطان! ولكن هذا الأمر لا زال قيد البحث في إثبات أو نفي تلك النتائج.
صورة توضح أقل الهواتف التي تصدر آشعة أثناء إجراء مكالمة “الأقل خطورة إن وجدت”
من هذه الدراسات دراسة دنماركية عام 2004 والتي طبقت على مدى عشرة أعوام، ولم يتم إيجاد أي صلة بين إشعاع الهواتف والإصابة بالسرطان. تبع ذلك دراسة سويدية عام 2005 والتي خلصت إلى أنه لا علاقة بين استخدام الهواتف المحمولة وزيادة خطر الإصابة بالأمراض السرطانية.
ثم بعد ذلك دراسة بريطانية وسويدية وألمانية كلها تثبت أنهم لم يلاحظوا زيادة في خطر الإصابة بتلك الأمراض. وذلك لا يمنع من وجود بعض الدراسات الأخرى التي تثبت وجود خطر من تلك الإشعاعات ولكن على المدى البعيد، مثل استخدام الهاتف لأكثر من عشر سنوات أو أكثر، وجدوا أن له ارتباط بزيادة خطر الإصابة بالأورام السرطانية وخاصة في العصب السمعي، وهو من الأنواع الحميدة التي تصيب المخ. ولكن في النهاية كل ما سبق يحتاج إلى دراسات نهائية تؤكد أو تنفي حدوث مثل تلك الإصابات، وذلك لم يحدث إلى الآن.
الإشعاع المنبعث من الهاتف لا يشبه أبدا ذلك الإشعاع النووي بأي حال من الأحوال. لأن الإشعاع النووي يعرف بالإشعاع “المؤيّن”. ويكفيك أن تعرف أن له طاقة عالية قادرة على تدمير الحمض النووي الخاص بالإنسان. وأجمع الباحثون أنه مسبب للسرطان دون شك.
أما الهواتف فإن الإشعاع الصادر منها هو إشعاع “غير مؤيّن” ليس له ضرر على صحة الانسان كالإشعاع الصادر من الراديو أو الميكروويف. ولكن يبقى السؤال هل التعرض لتلك الإشعاعات والتفاعل معها لوقت طويل له تأثير بطريقة أو بأخرى على أجسامنا؟
وللإجابة على هذا السؤال، قال: “جوناثان ساميت” – عميد كلية كولورادو للصحة العامة وخبير في الاشعاع الهاتفي – والذي قاد مجموعة باحثين من منظمة الصحة العالمية حول موضوع تأثير الإشعاع الهاتفي وتسببه في السرطان. واعتبر هؤلاء الباحثون أن إشعاع الهواتف من المحتمل أن يكون مادة مسرطنة، غير مؤكدين تأكيدا قاطعا بنعم أو لا. وبعد ست سنوات من تلك الدراسة، قال دكتور “ساميت” أن الأدلة ما زالت مختلطة، ولكن هناك بعض المؤشرات تفيد بأن هناك مخاطر من تلك الإشعاعات.
صورة توضح أكثر الهواتف إصداراً للآشعة أثناء المكالمات “الأكثر خطورة إن وجدت”
وما زالت تلك الدراسات قائمة، منهم يجد أن هناك صلة بين إشعاع الهواتف والاصابة بالسرطان ومنهم من لا يجد هناك صلة. وردا على ذلك، صرحت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بأن تلك الاختلافات تعطينا الثقة بأن حدود السلامة الحالية لإشعاعات الهواتف تظل مقبولة في تأثيرها على الصحة العامة.
الخلاصة
كلنا يعلم أنه محاط بإشارات الهواتف، والواي فاي، والراديو، وشبكات الهواتف الخلوية، وجميع أنواع الاشعاعات اللاسلكية ومعرض لها طوال اليوم والليلية، ولا مفر منها ولا مهرب. ولا يزال كل ذلك أقل خطورة من خطر الإصابة بالسرطان الذي يسببه الافراط في تناول اللحوم الحمراء! ولذلك لا ينبغي عليك أن تنزعج أو تقلق حتى تتبين لك نتائج الأبحاث.
هل لديك رأي آخر حول تأثير إشعاع الهواتف على صحة الانسان؟ أخبرنا في التعليقات.
المصادر: