كثيرا ما نشعر بأن هواتفنا الذكية تتجسس علينا وتستمع لما نقوله وربما ترى ما نفعله، فهل هذا ممكن؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، نود أن نُخبرك أن مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج أثناء نشره صورة على صفحته بالشبكة الإجتماعية، اكتشف المستخدمين أنه يضع شريطاً لاصقاً على كلاً من الكاميرا والمايكروفون بجهاز اللابتوب الخاص به، أما مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي فقد اعترف بأنه يُغطي كاميرا جهازه المحمول واصفا الأمر بأنه تدبير أمني يجب القيام به، وهناك العديد من الأشخاص الذين يغطون كاميرات أجهزتهم دون سبب واضح، هل أصبح الجميع يشعر بجنون الإرتياب أو البارانويا جراء الخصوصية وهل فعلا الحكومات تتجسس على الأشخاص العاديين من خلال الأجهزة والهواتف الذكية؟

الإجابة تكمن في المعلومات التي كشف عنها ادوارد سنودن الموظف السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية خلال مقابلة أُجريت معه مؤخرا حيث أشار إلى أن الحكومات بدأت الإنتقال لنهج جديد في المراقبة والتجسس عبر استخدام الهواتف الذكية الخاصة بالأشخاص بسبب إنتشار تلك الأجهزة والهواتف بشكل كبير وبات كل شخص سواء كبير أو صغير لديه هاتف ذكي، ووفقا لسنودن فإن الهواتف الذكية أصبحت وسيلة مهمة وحيوية للحكومات وحتى شركات التقنية وجهات أخرى سيادية للتطفل عليك ورصد كل ما تفعله، ولكن كيف يحدث هذا؟


من هو ادوارد سنودن

ادوارد سنودين اللاجيء الحالي بروسيا (منذ 2013) وموظف سابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي وأصبح أشهر جاسوس خلال السنوات الأخيرة بعدما قام بتسريب تفاصيل حساسة وخطيرة ووثائق سرية حول ما تفعله الحكومة الأمريكية للتجسس ليس فقط على الأمريكيين ولكن على أي شخص من أي مكان بالعالم وهو على قائمة أكثر الأسماء المطلوب القبض عليها من قبل الحكومة الأمريكية.


كيف تتجسس علينا الهواتف الذكية؟

قال سنودن أن عملية التجسس والمراقبة تغيرت منذ عام 2013 بعدما زاد عدد مستخدمي الهواتف الذكية وأصبح كل شخص في العالم لديه هاتف ذكي يحمله في جيبه، ووفقا لأحدث تقرير فإن هناك 5.11 مليار مستخدم للهواتف الذكية في العالم حاليا من إجمالي 7.7 مليار شخص يعيشون على هذا الكوكب.

وأضاف سنودن أن شركات المحمول والإتصالات أصبحت قادرة على تتبع الهواتف الذكية بل وتحديد هوية مستخدميها من خلال شريحة الإتصال وأرقام التعريف الفريدة والخاصة بتلك الهواتف مثل IMEI (رمز خاص وغير مكرر يعطى لكل هاتف) و IMSI ( عبارة عن 15 رقم ويضم عدة أكواد تشير إلى البلد التي يعمل بها الهاتف و إسم مزود الخدمة ورقم مخصص لمستخدم الهاتف).

وهكذا عندما يتم تشغيل هاتفك الذكي، يقوم مزود الخدمة بتسجيل حركتك وتحديد موقعك بدقة عبر الأبراج الخلوية حيث تعمل شركات الإتصال على تحليل المسافة بين برجي الإشارة التي قام هاتفك بالإقتراب منهما وهكذا تحصل تلك الشركات على سجل كامل بتحركاتك اليومية ويعتقد سنودن أن شركات الإتصال في السابق لم تكن تهتم لتلك المعلومات وتعتبرها غير مهمة ولكن الآن باتت تحتفظ بها وتقوم بتخزينها بإعتبارها معلومات حيوية وقيمّة.

ويضيف سنودن أن كل تلك البيانات المخزنة عنك ليست سوء جزء من موضوع أكبر وهو عملية مراقبة جماعية لكافة مستخدمي الهواتف الذكية حيث تستخدم الحكومات تلك المعلومات المهمة لكي تراقب تحركاتك وتتجسس على ما تفعله حتى لو لم ترتكب أي شيء خاطيء وهذا يعني أن كل شخص في العالم لديه هاتف ذكي هو جزء من عملية المراقبة الجماعية التي تستخدمها الحكومات وشركات التقنية للتطفل على المستخدمين العاديين.


ماذا أيضا؟

هناك مشكلة أخرى كشف عنها سنودن، وهي أن المستخدم العادي لا يعرف مالذي يفعله هاتفه الذكي وما الذي يتصل به وهذا الأمر يبدو خطيرا جدا، وأوضح أن جوجل وأبل يمكنهما المساعدة (لكنهم لا يفعلون) في حماية خصوصية المستخدمين إذا أرادوا ذلك من خلال توفير المزيد من القيود حول الموقع و الإعلانات والتطبيقات والعمليات الأخرى التي تحدث في الخلفية إلى جانب جلب العديد من ميزات التحكم التي تسمح للمستخدم بمعرفة كل ما يحدث من حوله ومنع أي محاولة لمراقبته ومعرفة ما يفعله.


هل ايقاف تشغيل الهاتف هو الحل

يقول سنودن أن حتى محاولة إيقاف تشغيل هاتفك الذكي لا يعني أنك غير مراقب أو لا يمكن التجسس عليك، لأن هاتفك المغلق يعمل بطريقة ما ويمكن الوصول إليك ولكن كيف ستعرف أن هاتفك الذكي الحديث والمغلق بالفعل مغلق ولا يمكن التجسس عليك فمع تطور تلك الهواتف المحمولة بات بالإمكان الوصول لكاميرا الهاتف وتفعيلها عن بعد إلى جانب المايكروفون فضلا عن التطبيقات التي لديها أذونات تجعلها قادر على التصنت ومعرفة كل شيء حولك وكل هذا يصب في جُعبة الوكالات والحكومات التي ترغب في التجسس عليك.


إذا ما الحل

الإجابة تكمن في التكنولوجيا القديمة والعودة للهواتف التي عفا عليها الزمن والتي مازال يستخدمها تجار المخدرات وأصحاب العمليات المشبوهة وحتى سنودن قال أن عملاء وكالة الاستخبارات الأمريكية مازالوا يعتمدون على تلك الهواتف القديمة مثل الخاصة بـ نوكيا و إل جي وبلاك بيري وغيرها من الهواتف التي إندثرت، ولكن لماذا الحل في الهواتف القديمة وليست الحديثة.

لأن الهواتف القديمة يمكن وصفها بأنها هواتف غبية وليست مثل الهواتف الحالية الذكية حيث لا يمكن لأي شخص أو جهة تفعيل الكاميرا الخاصة بها عن بعد كما يمكن إيقافها عن العمل عن طريق اخراج البطارية القابلة للإزالة بعكس معظم الهواتف الحديثة التي تضم بطارية غير قابلة للإزالة.

أيضا توفر الهواتف الغبية ميزات وقدرات لن تجدها في الهواتف الذكية مثل إمكانية إيقاف تشغيل الجي بي إس وحتى الإتصال بشبكة المحمول كما تستطيع شركات التقنية مثل جوجل وأبل جمع بياناتك ومشاركتها مع الجهات الحكومية بكل سهولة ولكن مع الهواتف الغبية القديمة لا يمكن جمع بياناتك لأن التكنولوجيا التي تستخدمها تلك النوعية من الهواتف غير قادرة على ذلك لأنها ليست بمستوى التطور الحالي إلى جانب وجود خدمات تشفير معقدة ولهذا نسمع كثيرا عن عمليات اختراق وقرصنة لهواتف الأندرويد حتى أجهزة الآي-فون على الرغم من قوتها تم قرصنتها من قبل طرف ثالث ولكن الهواتف القديمة صعبة الإختراق لأنها هوافت غبية لا تعتمد على التكنولوجيا الحديثة.


الوضع الحالي

على مدار السنوات القليلة الماضية، ظهرت العديد من الفضائح الخاصة بإنتهاك خصوصية المستخدمين من قبل شركات التقنية العملاقة، والإجراءات الحالية ليست كافية لحماية المستخدم العادي لذا من وجهة نظري أعتقد أن أفضل طريقة للحفاظ على خصوصياتك هو إبقاء بصمتك الرقمية في الحد الأدنى.

مارأيك بكلام ادوارد سنودن وهل تعتقد أن شركات الإتصال ومصنعي الهواتف والحكومات تتجسس عليك ويراقبون ما تفعله؟

المصدر:

 fossbytes

مقالات ذات صلة