لسنوات كان يتم استخدام تتبع الاتصال التقليدي لإبطاء انتشار الأوبئة، فعندما تسمع الجهات المسئولة عن شخص مصاب، يتم التواصل معه لمعرفة مكان وجوده ومن قد يكون اتصلوا به ثم يقوم المسئولين بتعقب هؤلاء الأشخاص واخضاعهم لفحص أو عزل أنفسهم اجتماعيا، ومع تفشي فيروس كورونا المستجد، تحولت الحكومات إلى التتبع الرقمي من خلال الهواتف الذكية للمساعدة في تتبع وإبطاء انتشار الفيروس التاجي دون الحاجة إلى توظيف عدد هائل من الأشخاص لتتبع المصابين ومن خالطوهم لأن الهاتف الذكي يضم تقنيات متنوعة يمكن استغلالها في تحديد مكان صاحبه والهواتف الأخرى القريبة منه، وكانت سنغافورة من أوائل البلدان التي لجأت لإستخدام تتبع جهات الاتصال المبكر من خلال إشارة البلوتوث بالهاتف والتي يبلغ مداها 30 قدما، لمعرفة ما إذا كان هناك هاتفين بالقرب من بعضهما، حيث تشير الإشارات القوية إلى أن الشخصين كانا قريبين جدا بينما الإشارات الضعيفة يعني أنهما كانا بعيدين وبالتالي لم يتعرضا للإصابة.
مشروع Bubble
ومع ذلك كان هناك مشكلة في تلك الطريقة أنها تنتهك خصوصية المستخدمين وهذا ما شعر به Myoung Cha المسئول عن المبادرات الإستراتيجية الصحية بشركة أبل والذي كان يعمل بالفعل مع فريق صغير من موظفي الشركة المتخصصين في خدمات الموقع والخصوصية بشكل تطوعي، لاستكشاف طرق لإستخدام الهواتف الذكية من أجل البحث عن جهات الاتصال وتم تسمية المشروع وقتها بإسم فقاعة أو Bubble.
بعد فترة حصل المشروع على الضوء الأخضر من قبل إثنين من المديرين التنفيذيين الرئيسيين وهما مدير هندسة الأنظمة Craig Federighi و مدير قسم العمليات Jeff Williams وفي غضون أسابيع كان هناك عشرات الموظفين في أبل يعملون بشكل قوي على مشروع الفقاعة.
وتتمثل فكرة مشروع فقاعة أبل في استخدام البلوتوث لتتبع قرب الهواتف بدون بيانات الموقع التفصيلية مثل طريقة تطبيق سنغافورة ولكن بطريقة لا تحتاج لتشغيل التطبيقات طوال الوقت، كما أراد موظفي أبل طريقة لا مركزية من خلالها يقوم هاتف الشخص الذي كان اختباره ايجابيا في ارسال اخطارات سريعة ومباشرة ومجهولة المصدر للهواتف الأخرى التي كانت قريبة منه بدلا من بناء قاعدة بيانات تضم معلومات تفصيلية عن المستخدمين، كما رأى فريق أبل أن المستخدمين بحاجة للموافقة على مشاركة المعلومات مع الهواتف الأخرى أولا، حيث أرادت أبل ضمان أعلى مستوى من الخصوصية.
مشروع Apollo
في الوقت نفسه ومن قبيل المصادفة السعيدة، كانت مجموعة من موظفي جوجل الذين يعملون في الخصوصية والاتصال بالبلوتوث وعلى رأسهم Yul Kwon أحد كبار مديري جوجل والمسئول سابقا عن قسم الخصوصية بالشبكة الإجتماعية فيسبوك، يعملون على نفس الفكرة في مشروع أطلق عليه إسم أبولو Apollo، وحصلوا على الضوء الأخضر من قبل Dave Burke المسئول عن قسم هندسة نظام الأندرويد بجوجل.
تعاون الغريمين التقليدين
لم يعتقد أي شخص أن الغريمين التقليديين قد يتعاونا، فقد كان ستيف جوبز مؤسس أبل مقتنعا بأن نظام الأندرويد قد تم تصميمه لتقليد نظام الآيفون وكان للشركتين تاريخ طويل من المعارك القضائية والمنافسة المريرة عندما يتعلق الأمر بالهواتف الذكية وعلى الرغم من أنهما يتعايشان بسلام إلا أنهما لا يزالان متنافسين قويين مع منصتين مهيمنين على الهواتف الذكية في العالم.
ومع ذلك، كانا على علم بأن عليهما أن يتعاونا سويا وإلا سيفشل الأمر ولهذا حصل المشروعين على الضوء الأخضر من مديريهما التنفيذيين، حيث قام تيم كوك وساندر بيتشاي بإجراء اجتماع فيديو عبر الإنترنت قبل عدة أيام من الإعلان الرسمي عن المشروع في العاشر من شهر أبريل حيث كانت هناك بعض الصعوبات والفجوات التي تواجه تنفيذ طريقتهما مثل وجود اتصال بين الهواتف التي تعمل على أنظمة تشغيل مختلفة ولهذا تعتزم الشركتين السماح للهواتف الذكية العاملة بنظام أندرويد و IOS الاتصال ببعضها البعض من خلال تمرير أكواد أو رموز معينة عندما تكون في نطاق قريب وبعدها يمكن تتبع تلك الرموز ومعرفة حالة كل مستخدم بشكل دقيق.
أخيرا، تعتزم جوجل وأبل اطلاق واجهة برمجة التطبيقات في شهر مايو حيث ستعمل تلك الواجهة على التأكد من أن تطبيقات الآيفون والأندرويد قادرة على تتبع المستخدمين مهما كان نظام التشغيل الذي يستخدمونه وسوف يقتصر عمل واجهة البرمجة على تطبيقات معينة تابعة لجهات ومؤسسات صحية مشاركة في المشروع.
تطور المشروع
بالفعل قامت آبل بإصدار نسخة تجريبية من حزمة التطوير الخاصة بها وقد تكلمنا عنها في مقال (إنذار لمخالطي حالات فيروس كورونا وتخطي بصمة الوجه في iOS 13.5) وجوجل أيضاً تعمل على إصدارها التجريبي، والآن على الحكومات استغلال هذه الواجهات البرمجية لعمل تطبيقات تستخدم تقنيات آبل وجوجل، دون هذه التطبيقات لن يكون هناك فائدة من المشروع، وهناك اخبار ان بعض الدول مثل ألمانيا تعمل بالفعل على تطبيقها الخاص وعن طريقه سوف تتمكن الهيئة المعينة من الإبلاغ عن إصابة صاحب هذا الجهاز بالفيروس أو لا ودور الحزمة البرمجية الخاصة بجوجل وآبل هو تنبيه من يقترب من هذا الجهاز ان هناك شخص قريب حامل للفيروس دون الإشارة له أو تعريفه.
المصدر: