تطرقنا لهذا الخبر في أخبار على الهامش السابقة، وهنا نتناوله بشيء من التفصيل، تعلم أن الضوء الأزرق يمكن أن يكون له تأثير سلبي على نومك، طبقا لدراسات أجريت على مدار العشر سنوات الماضية قدمتها جامعة هارفارد الطبية وجامعة تورنتو وغيرهما، كانت هذه الدراسات هي السبب الذي دفع أبل إلى تقديم وضع Night Shift منذ عدة سنوات بداية من نظام iOS 9.3، ثم تباعا تم اعتماده من قبل العديد من أجهزة الأندرويد. وكما يوحي الاسم، كان الهدف من وضع Night Shift أو التحول الليلي أو الوضع الليلي أيا كانت التسمية، هو تغيير لون شاشة الآي-فون وجعلها أكثر دفئا، وتقليل كمية الضوء الأزرق الذي يؤثر سلبا بشكل أو بآخر على النوم.
هل يفيد وضع Night Shift؟
على عكس الادعاءات المتعلقة بالتعرض للضوء الأزرق التي تم إجراؤها في الدراسات الأصلية، والتي اعتمدت في الغالب على قياس مستويات الميلاتونين والعوامل الطبية الحيوية الأخرى، قررت جامعة جامعة بريغام يونغ BYU، اتباع نهج عملي أكثر وليس الاقتصار على النظري، لقياس مدى جودة نوم الأشخاص بعد استخدام هواتفهم الذكية.
كما أشار باحثو هذه الجامعة، فإن الادعاءات التي قدمتها الفرق في جامعة هارفارد، وأماكن أخرى، كانت نظرية إلى حد كبير، لذلك قرروا أن الوقت قد حان لاختبار النظرية عمليا من خلال إجراء تجربة فعليه.
لذا، انضم أستاذ علم النفس في جامعة بريغهام يونغ، تشاد جنسن، إلى باحثين من المركز الطبي لمستشفى الأطفال في سينسيناتي “مدينة كبيرة في ولاية أوهايو الأمريكية” لمقارنة نتائج نوم الأفراد ليس فقط في فئتين، ولكن في ثلاث فئات مختلفة:
◉ الأشخاص الذين استخدموا هواتفهم في الليل مع تشغيل وظيفة Night Shift.
◉ الأشخاص الذين استخدموا هواتفهم في الليل بدون Night Shift.
◉ الأشخاص الذين لم يستخدموا الهاتف الذكي قبل النوم على الإطلاق.
تكونت الدراسة من 167 فردا تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا ممن يستخدمون الهواتف المحمولة يوميًا، وكانت النتائج مفاجئة، حيث أظهرت أن Night Shift ليست ذات صلة بموضوع التأثير على النوم إلى حد كبير.
بل في المجمل، لم تكن هناك اختلافات بين المجموعات الثلاث. لم يكن هناك فرق بين تفعيل Night Shift على الهاتف أو عدم تفعيله أو حتى عدم استخدام الهاتف على الإطلاق.
بالنسبة للدراسة، طُلب من المشاركين قضاء ثماني ساعات على الأقل في السرير كل ليلة، وارتداء مقياس التسارع على معصمهم لتسجيل نشاط نومهم. الأشخاص الذين تم تكليفهم باستخدام هاتف ذكي لديهم أيضًا تطبيق مثبت يراقب أنماط استخدامهم.
لم يقيس الباحثون مدة النوم الإجمالية فحسب، بل قاسوا أيضًا نوعية النوم، والوقت المستغرق للدخول في النوم، ومتى استيقظ المشاركون.
مع عدم إظهار النتائج لأي اختلافات قابلة للقياس بين مستخدمي الهواتف الذكية وغير الذكية، قرر الفريق إجراء تجربة متابعة، وتقسيم المشاركين إلى مجموعتين منفصلتين، واحدة بمعدل سبع ساعات من النوم في الليلة، والأخرى تنام أقل أي ست ساعات فقط.
في هذه الجولة الثانية هذه، كان هناك اختلاف طفيف بين أعضاء المجموعة الذين حصلوا على سبع ساعات من النوم، حيث حصل أولئك الذين لم يستخدموا الهاتف الذكي قبل النوم على الإطلاق على نوم أفضل من أولئك الذين استخدموا الهاتف الذكي. وكذلك لم يحدث وضع Night Shift أي فرق يذكر، فقد تسبب استخدام الهاتف قبل النوم في قلة نومهم.
وكذلك، لم تظهر المجموعة التي مدتها ست ساعات أي اختلافات على الإطلاق، وهي النتيجة التي أوضحها جنسن بأنها تشير إلى أنه “عندما تكون متعبًا للغاية، فإنك تغفو بغض النظر عما تفعله قبل النوم مباشرة”.
في حين أن هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن الضوء الأزرق يزيد من اليقظة ويجعل النوم أكثر صعوبة، فمن المهم التفكير في محفزات أخرى مثل المحفزات المعرفية والنفسية.
يقترح جنسن أيضًا أن بعض الأدلة التي تم استخدامها سابقًا لاستنتاج أن الضوء الأزرق يسبب مشاكل في النوم ربما يكون قد أخطأ في جوانب أخرى لاستخدام الهاتف الذكي قبل النوم والتي تجاوزت الضوء الأزرق، خاصة وأن معظم هذه الدراسات أجريت قبل اختراع ميزة “Night Shift”.
بعبارة أخرى، ربما خلط الباحثون في الدراسات المبكرة بين تأثيرات الضوء الأزرق، التي لها بالتأكيد تأثير بيولوجي قابل للقياس على الجسم، مع المجهود الإدراكي الطبيعي المتمثل في استخدام الهاتف الذكي قبل النوم، بدلاً من الانخراط في فترة أهدأ مع عدد أقل من المحفزات قبل النوم، لفهم تلك النقطة تابع الفقرة التالية.
بالتركيز على النقطة الأخيرة وهي اعتبار تشغيل وضع Night Shift مع وجود بعض المحفزات الأخرى مثل الانتباه إلى ما تشاهده على شاشة الهاتف، وكيف أن المحتوى يجذبك لمتابعته ولو قضيت بعض الوقت في ذلك، فربما تكون الميزة تعمل بالفعل ولا تشعر بوجودها أصلا، فنعتقد أنه لن يكون هناك تأثير يذكر، وستسقط في النوم فقط إذا قل انتباهك للمحتوى الذي تتابعه، ومع كون جسمك في وضع الراحة أصلا بالإضافة إلى سكون الليل من حولك، أضف إلى ذلك المجهود والتعب الذي قضيته طوال يومك، عندها فقط ستسقط في النوم لا محاله، وربما يسقط الهاتف على وجهك وأنت لا تدري إذا حل بك النوم، حدثت معي شخصيا فكنت أحمل آي-فون 4 “كله معدن وثقيل” فغفوت فسقط على أنفي وكانت ليلة عصيبة😂، ولم يكن وضع Night Shift اخترع بعد، والآن ومع وجود آي-فون 12 وباستخدام الميزة، لا زلت أنام وأنا أستخدمه أيضا قبل النوم فيسقط بجانبي، أصبحت حذرا هذه المرة، ولا أراه إلا عندما استيقظ مرة أخرى. فالوضع لم يتغير على الأقل بالنسبة لي، أنا استخدمها فقط لإراحة العين على كل حال، وربما يحدث الأمر فارقا عند أشخاص آخرون. فأنت ستنام إن لم يكن هناك ثمة ما يسترعي انتباهك، وإلا فستنام رغما عنك.
المصدر: