عندما تعلن أبل عن تقنية جديدة فإنها تتعرض لهجوم واتهامات بالتقليد، لكن حدث أمر غريب عند إطلاق الآي-فون X وهو أن ميزته الأساسية “بصمة الوجه” لم تتعرض للإنتقاد من شركات التقنية. لماذا لم تظهر سامسونج كعادتها وتقول آبل سرقة منا التقنية؟ ولماذا لم نرى جوجل ترفع الأمر للمحاكم لأن آبل قلدتها؟ فما سر هذا الأمر ولماذا سكتت الشركات الشهيرة عن انتقاد أبل أو اتهامها هذه المرة؟ ربما تعلم أن بصمة الوجه ليست تقنية عادية وربما تعلم أن بصمة الوجه ليست كأي تقنية موجودة حالياً. وحان الوقت لتعلم انت ايضاً هذا.
يتميز الأندرويد بأنه منذ سنوات يقدم وسائل متعددة لفتح الهاتف منها الوجه حيث تستطيع استخدام وجهك كبديل لرقم المرور. لذا عندما أعلنت أبل عن ميزة Face ID أو كما نطلق عليها عربياً “بصمة الوجه” تعرضت لسخرية وهجوم من مستخدمي الأندرويد الذين قالوا ما مفاده “لدي هاتف بـ 1500 جنية يقدم نفس ميزة الآي فون ذو الـ 20000 جنية”. لكن الغريب أن شركته التي صنعت له هذا الهاتف وكل الشركات صمتت تماماً ولم تسخر مثله.
بصمة الوجه وليس صورة الوجه
عندما اخترنا المصطلح العربي “بصمة الوجه” وليس الترجمة الحرفية للميزة “هوية الوجه” تعمدنا هذا الأمر لأن الميزة تعمل كبصمة للوجه أما ميزة الأندرويد فهي “صورة” للوجه يقوم الهاتف بالتقاطها لوجهك ثم مقارنة صورتك الحالية بتلك المسجلة لديه ومن ثم يقرر فتح الهاتف لك أو لا. لذلك يسهل خداع هذه التقنية وايضاً اذا تغير شكلك أو وضعت نظارة او كانت الإضاءة غير مناسبة، تفقد هذه الميزة قدرتها على التعرف عليك، ولنفس هذه الأسباب لا نعرف أحد من مستخمدي أندرويد فعل ميزة صورة الوجه، لأنها ببساطة غير عملية.
لكن هذا ليس ما تقوم به أبل وحتى نعرف كيف تعمل ميزة بصمة الوجه بدقة علينا التعرف على المنظومة الثلاثية التي تعتمد عليها أبل.
◉ إضاءة عالية الكثافة “Flood Illuminator”: وهى نوع من الإضاءة غير المرئية تقوم برصد مكان وجهك وتحديده حتى في الظلام.
◉ عارض النقاط “Dot Projector”: بعد تحديد مكان الوجه يقوم الحساس النقطي بإرسال ما يزيد عن 30 ألف نقطة إلى وجهك.
◉ كاميرا تصوير حراري “Infrared Camera”: هى كاميرا تعمل بالآشعة تحت الحمراء لكنها لا تلتقط صور شخصية بل تقوم بالتقاط الـ “30 ألف نقطة” الذي قام الحساس النقطي بنشرها على وجهك.
بواسطة الثلاث نقاط السابقة تقوم أبل برسم خريطة لوجهك وليس صورة له فتعلم شكل وجهك وأبعاده وحجم الفم والعين والنتوءات وهذا يساعد أبل في تأمينك بشكل كبير:
◉ خداع الصور: الصورة هى ثنائية الأبعاد 2D أما الخريطة التي ترسمها أبل لوجهك ثلاثية الأبعاد 3D أي يكون فمك أقرب للكاميرا من الأذن مثلاً، ولذلك لا يمكن خداع تقنية أبل عن طريق الصور الفوتوغرافية.
◉ الأقنعة: وسيلة الخداع التقليدية هى تصميم قناع يشبه وجهك (أو تمثال) لكن تخيل أن وجهك الحالي مقسم إلى 30 ألف نقطة وهنا على مصمم القناع أن يكون دقيقاً بشكل فائق لخداع هذه التفاصيل. لذلك حتى الأقنعة عالية الدقة لن تنجح في خداع تقنية أبل.
ذكرت أبل عدة مرات في المؤتمر أن الميزة “تتعلم” وجهك وهذا الرد على السؤال المتكرر ماذا إن أطلت ذقني أو فقدت وزني فصغر وجهي؟ وجهك يتعلمك فأنت تستخدمه الهاتف كل ساعة تقريباً وفي كل مرة يرصد وجهك ويحلله ويتعرف على التغيرات وبالتالي يفهم وجهك نفسه ويعرف كيف شكله إذا استمر الذقن في الزيادة أو اختفى وإن قمت بارتداء نظارة. هذا بجوار أن حجم فمك لن يتغير إن قمت بإطالة ذقنك وكذلك البعد بين عينيك وتفاصيل وجهك الدقيقة. أي الهاتف يتعرف عليك بخريطة الوجه وكذلك يفهم التغيرات كيف ستؤثر على هذه الخريطة.
ميزة أخرى هامة وهى أن الميزة تعمل في أي ظرف وأي وقت بشكل مباشر أو بزاوية أو في الليل أو بالنهار. أي وضع سيجعلها تعمل ولست مجبراً على أن تطابق تماماً الصورة.
الذكاء الإصطناعي
الأن ان تعرف الفرق بين بصمة الوجه وصورة الوجه، لكن ليس هذا فقط، تقنية آبل للتعرف على بصمة وجهك ذكية وقد تم وضع معالج خاص للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتعرف المتغيرات الظرفية التي قد تطرأ عليك، مثلاً اذا لبست فتاة الحجاب أو كانت بدون حجاب، إذا أصابك جرح أو ظهر عليك آثار حب الشباب، هذا الأمر مختلف عن التغيرات اليومية التي تحدث لك هذا تغير ظرفي، وقد تم تمرين جهازك لحساب هذه التغيرات وتعلم من الاف الوجوه لرصد تلك التغيرات وعدم التأثر بها. وهذا حقاً هو ما يميز تقنية بصمة الوجه وسوف يصعب كثيراً على الشركات الأخرى تقليده بنفس الكفاءة.
الخلاصة
الشركات المختلفة سواء سامسونج وهواوي وكذلك جوجل يعلمون أن هذه الميزة تعد تقنية جديدة مختلفة. العوام يرونها نفس الميزة لكن هذا ليس الأمر والمحترفون والمتخصصون يعلمون هذا الأمر ولم يقارنوا بينها وبين ميزة الأندرويد العتيقة بل المقارنة الوحيدة كانت مع ميزة سامسونج Iris في هواتف نوت و S8. والسؤال الذي نوقش بين المتخصصين هو هل هذه الميزة أكثر تأميناً من البصمة أم مثلها أم أسوء وهل نحن في خطر؟ هذا ما سنتحدث عنه في مقال لاحق.
هل حان الوقت لتخبر اصدقائك بهذه التقنية الجديدة وتشرحها لهم؟
المصدر: