قبل أيام ذكرنا في مقال تحليلي عن وصول أبل للترليون دولار أن من أسرار نمو أبل القوي أن هناك قطاع سحري في أبل يسمى قطاع الخدمات وأن هذا القطاع قارب أن يصل لجميع عائدات أبل من كل مبيعاتها من أجهزة أبل وأجهزة ماك معاً. فما هذا القطاع ولماذا نعتبره قطاع سحري أو دجاجة تبيض لأبل ذهباً.


ما هو قطاع الخدمات في أبل؟

إذا سألت أي شخص عما تبيع أبل وتحصل على أموالها فسيكون الرد هو الآي فون والآي باد وحواسب وسماعات وشواحن وكابلات. لكن في الواقع مبيعاتها من السماعات والشواحن وساعتها وأجهزة ماك وكل منتجات Beats أقل من عائداتها من الخدمات.

الخدمات باختصار هي منتجات أبل الغير ملموسة مثل عائدات الشركة من أبل باي وخدمة الضمان المميز AppleCare والتراخيص والرسوم المختلفة ومتجر البرامج ومتجر الكتب والموسيقى والأفلام. باختصار كل عائدات أبل من أمور غير ملموسة لكنها تحقق عائد مادي.


لماذا يعتبر قطاع مثالي وقوي؟

من أين تنبع عائدات جوجل؟ عائدات فيسبوك؟ مايكروسوفت؟ أوراكل؟ غالبية عائدات هذه الشركات تكون من الخدمات. هذه القطاع ميزته الأساسية أنه لا يتأثر بالمواسم. فعندما تعلن أبل عن الآي فون في شهر سبتمبر فإن مبيعاته ترتفع بشدة وتصل للذروة في الربع الأخير الفعلي من العام (الفعلي) ثم تبدأ في الانخفاض تدريجياً. الأمر نفسه يحدث مع أي جهاز ومن أي شركة. لكن الخدمات الأمر يختلف تماماً فأنت تشتري لعبة طوال الوقت وتشاهد الأفلام وتدفع في المتاجر المختلفة وغيرها من الخدمات طوال الوقت. ربما يزيد الوضع قليلاً في وقت الأعياد كمشاهدة الأفلام وشراء الألعاب لكن تأثير المواسم في المبيعات لا يقارن بما يحدث في الأجهزة.

التالي هو عائدات أبل من هذا القطاع منذ بداية 2016 وحتى الآن وشاهد نمو هذا القطاع (الأرقام 6 أشهر للعام الفعلي وليس المالي):

◉ النصف الأول 2016 عائدات 11.967 مليار دولار

◉ النصف الثاني 2016 عائدات 13.496 مليار دولار

◉ النصف الأول 2017 عائدات 14.307 مليار دولار

◉ النصف الثاني 2017 عائدات 16.972 مليار دولار

◉ النصف الأول 2018 عائدات 18.738 مليار دولار

كما يظهر في الأرقام بعاليه فإن هذا القطاع ينمو بشكل سريع ومستمر ولا يتأثر بالمواسم فعائدات النصف الثاني تكون أكبر من النصف الأول السابق ثم يأتي النصف الأول التالي ليتفوق على النصف الثاني السابق له وهكذا.

إذا قمت بمقارنة أي منتج لدي أبل مع الخدمات فسيكون النتيجة عكسية فأول 6 أشهر بعد الصدور تبيع أبل أكثر وربما الضعف.


منافسة أقل ومنتجات دائمة

من نقاط القوة الأساسية في قطاع الخدمات لدى أبل أن المنافسه فيه أقل بكثير. فمجال الهواتف مثلاً به منافسه شديدة. نعم أبل تتفوق في فئة الهواتف العليا وتبيع أكثر مما يبيع كل منافسيها مجتمعين. لكن المنافسه صعبة فعلى أبل أن تطور هاتفها بشكل مستمر وتقدم أجهزة جديدة وتنفق مليارات في الأبحاث. لكن في قطاع الخدمات المنافسه أقل بكثير من ناحية العدد وكذلك يوجد منتجات دائمة. فمثلاً تتعاقد أبل على شراء آلاف الأفلام مثلاً وتعرضها أبل في الآي تيونز وانتهى الأمر فهذا الفيلم لا يحتاج تحديثات وتغيرات فهو معروض للأبد. نفس الأمر في أمور أخرى مثل الموسيقى والأغاني. في مجالات أخرى مثل الدفع Apple Pay فهنا سيكون هناك أبحاث وتطوير ومجهود لكنه يقصد به تطوير التشفير مثلاً وكذلك التفاوض مع المزيد من المتاجر والدول لدعم خدمتهم. لكن مع الوقت تلقائياً سيواصل المستخدم الشراء بواسطة أجهزة أبل؛ أبل لا تحتاج للقيام بمجهود إضافي فأنت تشتري. كل ما عليها فقط هو أن تنشر الخدمة لكي تجدها في كل مكان.

مركز Juniper قام بدراسة منظومة الدفع وقال أنه بحلول 2020 سوف يصل عدد مستخدمي الدفع بالهواتف إلى 450 مليون شخص وستحصل أبل على نصف العمليات أي ما يوازي وقتها 150 مليار دولار.


العملاء الأثرياء لدى أبل

قطاع الخدمات يعتمد أن المستخدم سوف يشترك أو يدفع مبلغ في نقطة ترفيهية مثل اشتراك أفلام وموسيقى ويسخدم هاتفه للشراء من المتاجر الفاخرة؛ تنفق المال في اقتناء الكتب والتطبيقات. هذه الأمور “ترفيهية” أي تحتاج لشخص لديه “رفاهية” مادية ولا يعاني من الأولويات واقتناءها. وهنا تأتي نقطة قوة أبل. عميل يدفع 1000 دولار لشراء هاتف وآخر يدفع 2-10 آلاف دولار لشراء ماك وكذلك يدفع مئات الدولارات لشراء سماعة. لذا فحصول أبل على عائدات من الخدمات أمر مستمر وبسيط. فمثلاً في لعبة بوكيمون جو قال نتنتندو أن ثلثي العائدات تأتي من أبل. فمن غير عملاء أبل قادر على الإنفاق على هذه الخدمات. وهذه نقطة قوة أبل أن لديها قاعدة عملاء لديهم قوة مادية مرتفعة وبالتالي تسويق أبل لخدماتها أسهل. بينما منافسيها لديهم 2 تحدي حيث عليهم قبل تسويق المنتج والخدمة أن يقوموا أولاً بجذب عملاء هذه الفئة لهم.


المنتج موجود بسهولة

من الأمور المميزة في الخدمات أنها يمكن أن تتوفر في لحظة؛ فتوفير تطبيق أو فيلم أو أغنية أو كتاب يمكن في لحظة أن يتوفر لنصف مليار إنسان في ثوان. ولن تعاني أبل من مشكلة تصنيع في فوكسكون تعطلها أو فيروس يضرب مصنع المعالجات TSMC أو تجبر على شراء شاشات من منافسها سامسونج. عليها فقط أن تبني خوادم قوية وتكون فريق ضخم من المطورين لتأمين الخدمات وكذلك فريق آخر للتعامل مع البنوك والدول لتوفير الخدمات بها. لكن إن تم الاتفاق انتهى الأمر؛ لا معاناه في الشحن ولا مشاكل جمركية ولا عوائق فعليه.


كلمة أخيرة

لا يعني أبداً هذا المقال ان العمل في قطاع الخدمات بأبل سهل ولا يحتاج مجهود فبالطبع لا يوجد عائدات بدون مجهود لكن الخدمات لديها ميزة رائعة أنها تحتاج مجهود أقل ومنافسة أقل وكذلك لا تتأثر بالمواسم ويمكن أن تنمو في أي وقت.

ما رأيك في قطاع الخدمات في أبل؟ وهل تتوقع أن يستمر في النمو القوي والمستمر؟

المصادر:

techcrunch | appleworld | Apple

مقالات ذات صلة