منذ عامين تقريباً ونحن نرى صراع متواصل بين أبل وكوالكم وحرب قضائية بين الشركتين. وتحدثنا عن هذا الصراع عدة مرات مثل شرح بداية –هذا الرابط– وكذلك التطورات الخاصة به وكيف أننا الخاسر الحقيقي في هذا الصراع –هذا الرابط-. لكن ومع حسم عدة قضايا واقتراب قضايا أخرى من مراحلها النهائية كان علينا أن نعيد التفكير سوياً في كل الصراع ونتساءل. من المذنب الحقيقي في صراع أبل كوالكم؟


توضيح هام

هذا المقال سوف ينقسم إلى 3 أقسام الأول هو شرح أخطاء أبل التي تجعلك تؤيد وجهة نظر كوالكم والثاني أخطاء كوالكم التي تجعلك تقف في صف أبل ثم توضيح وكلمة أخيرة من آي-فون إسلام بشأن هذا الصراع. لذا فلابد من متابعة كل المقال لتكوين وجهة نظر كاملة وسليمة عن الصراع.


أبل الشرير المتعدي

بدأت أبل الحرب القضائية ضد كوالكم لأسباب سبق تكرارها عدة مرات وسنفصلها في الفقرة التالية مثل “رسوم الترخيص”. لكن بالأمس تسربت محادثات بالبريد بين رئيس كوالكم مع نائب رئيس أبل جيف وليامز وفيه ظهر بوضوح أن “جيف” يسعى لتجاهل القضايا واستعراض أهمية التعاون التجاري بين الشركتين وأنهم يريدون أن تزودهم كوالكم بشرائح الاتصال لهواتفهم القادمة “المحادثة في 2017 أي الهواتف القادمة هي 8/X” وهنا رد رئيس شركة كوالكم مفاجأة أيضاً بأنه هو كذلك تجاهل القضايا وعبر عن أن هناك قلق ومشكلة لديهم وهو أن هناك تسريب لـ “برمجيات” خاصة بشركة كوالكم تحدث من أبل لصالح شركات منافسه “يقصد أن أبل تنقل تقنيات كوالكم إلى منافسها إنتل” وعلق جيف على هذا بأنه أظهر تعجبه وقال أنه مستعد لتوفير جدار ناري Firewall “يقصد بتعزيز الأمان وأن هذه التسريبات إن وجدت فهي بسبب تجسس واختراقات وليست من أبل”. وأوضح بأنه مع هذا الجدار الناري لن يتسرب أي شيء؛ وهنا علق رئيس كوالكم بأنه في هذه الحالة فشركته موافقة على تزويد أبل بشرائح الاتصال. أي لم يذكر أي شيء بخصوص رسوم الترخيص ومنبع الخلاف. مما يوضح أن المشكلة الأساسية لدى كوالكم هي أنه ترى أبل تسرق تقنياتها وتنقلها إلى إنتل وغيرها من الشركات من أجل أن يتطوروا وبعدها تترك كوالكم وتنتقل إليهم.

إذا كانت هذه الرسائل قد تسربت قبل أشهر فكان يمكننا قول إن هذه الشكوك من كوالكم هي مجرد اتهامات فقط. لكن بالنظر قبل شهرين نجد أن أبل حصلت على حكم قضائي ضدها في الصين بسبب انتهاك برمجيات خاصة بكوالكم وبراءات اختراع واستخدامها في نظام iOS وكان رد أبل ماذا؟ قالت أن هذه الإدعائات موجودة في تقنيات تم التخلي عنها في iOS 12 الذي صدر بعد رفع كوالكم القضية. أي أن أبل كانت تعلم وقررت تعديل في iOS 12 لتسبق الحكم وتؤمن نفسها. وبالفعل قامت أبل بتحديث إضافي للصين فقط عدل بعض الأمور لتنقذ نفسها وهذا التحديث الإضافي جاء بعد أيام قليلة من الحكم وهو يعني أن الشركة كانت تعمل عليه؛ فهل يعقل أن أبل ابتكرت فجأة بعض الأمور وأضافتها في أيام؟

ولنترك الصين وننظر إلى ألمانيا حيث تم الحكم على أبل بمنع بيع الآي فون 7 والآي فون 8 بتهمة انتهاك براءات اختراع لكوالكم وقالت المحكمة أنه ليس أبل نفسها من ينتهكها بل شركات تصنع عتاد للأجهزة حصلت على تقنيات خاصة بكوالكم واستخدمتها في تطوير عتاد باعته لأبل. صدفة غريبة أن تجد رئيس كوالكم يقول أن أبل تسرب تقنياتها للشركات وبعد عام تجد حكم قضائي يقول أن شركات منافسه لكوالكم تستخدم تقنيات خاصة بها لتصنيع عتاد للآي فون.

أبل ربما هي الشرير الذي يسرق تقنيات كوالكم ويسربها لمنافسيها وكوالكم كانت تدافع عن حقها


كوالكم المستغل الجشع

جانب آخر كشفت عنه القضايا وهو مدى جشع كوالكم. فكوالكم شنت قضايا ضد أبل في الاتحاد الأوروبي وأثناء فحص الاتحاد الأوروبي للقضايا وجد أن كوالكم بالفعل متفوقه بشدة عن منافسيها وبالبحث وراء الأسباب وجد أنها كانت تعقد انتهاكات احتكارية ففي الماضي اتفقت كوالكم مع الشركات الكبرى وعلى رأسها أبل أن تقدم لها التقنيات بأسعار مخفضة للغاية لا يمكن لمنافسها تقديمها وفي مقابل ذلك تحتكر هي التوريد لعدة سنوات. مما جعل المنافس لا يجد من يبيع له وبالتالي يحقق خسائر فيقل إنفاقه على التطوير لأنه لا يوجد دخل؛ وفي المقابل تضمن كوالكم تدفق مالي ثابت لاحتكار التوريد لسنوات ومن هنا انفقت بإطمئنان على الأبحاث وتطورت وتفوقت. مما جعل الاتحاد الأوروبي يغرم كوالكم 1 مليار يورو (1.2 مليار دولار).

مرة أخرى نعود لنفس المحادثة السابقة ونجد أن رئيس كوالكم بعد أن طمئنه جيف وليامز بأنه لن يحدث تسريب للتقنيات قال أنه موافق أن تبيع كوالكم لأبل الشرائح بشرط أن تتعاقد أبل معها لمدة عامين على الأقل وأن تكون نسب الشراء لا تقل عن 50% من عدد الآي فون المباع. أي كوالكم تريد سد الطريق أمام المنافسين فحتى لو تمكن أحدهم من تطوير شريحة أفضل منها لن تشتري أبل منه سوى 50% بحد أقصى.

نعود للقضية الأوروبية ونرى ما حدث بعد احتكار كوالكم؛ مرت سنوات وتخلف المنافسين وعلى رأسهم إنتل وأصبحت كوالكم هي الأفضل في الأسواق بلا منافس وهنا بدأت في زيادة الأسعار حتى وصل أنها تحصل على 30 دولار من كل جهاز مبيع وخاصة أنها تطبيق سياسة الربح المزدوج فعليك شراء شريحة اتصال وكذلك دفع رسوم استخدام للشريحة. أي لا يحق للشركات استخدام الشريحة التي اشتروها بدون دفع رسوم الاستخدام. تخيل معي أن أبل تقول لك اشتري الآي فون ثم ادفع رسوم إضافية لأسمح لك باستخدام الهاتف.

أسلوب الشريحة ورسوم الترخيص هذا مطبق منذ القدم وأبل كانت تدفع بالفعل لكن لأنها كانت تحصل على أسعار مميزة فكان المجموع معقول بالنسبة لها. لكن بعد الاحتكار من كوالكم ورفع الأسعار رفضت أبل هذه المبالغ ورفعت القضايا.

الجدير بالذكر أن كوالكم عقدت اتفاقيات مشابهه مع كل الشركات الكبرى. لكن ربما تكون شركة “سامسونج” حصلت على اتفاقية مختلفة ففي البداية بدأت سامسونج في مقاضاة كوالكم بسبب الرسوم المرتفعة وهنا اختلف أسلوب تعامل كوالكم مع القضية لأن سامسونج شركة متطورة في مجال شرائح الاتصال والمعالجات لذا قامت كوالكم بعقد اتفاقية كبيرة على إثرها يتم تخفيض الرسوم للنصف لسامسونج وكذلك يتم التعاون مع سامسونج في مجال شبكات الجيل الخامس 5G وفي المقابل تتوسع سامسونج في استخدام تقنيات كوالكم وعلى رأسها المعالجات لذا لا تتعجب أنه دائماً ما تصدر هواتف الفئة العليا “S و نوت” من سامسونج بمعالجها Exynos لكن النسخة العالمية تأتي بمعالج كوالكم سناب دراجون الشهير SD على الرغم أنه أحياناً يكون معالج سامسونج أسرع. وكذلك قامت سامسونج بالحصول على موافقة كوالكم لإعادة تقديم تقنية الشحن QC 2.0 باسم جديد خاص بسامسونج وهو Adaptive Charging

كوالكم قامت بممارسات احتكارية لقتل المنافسة ومن ثم بدأت تطلب مبالغ ضخمة وابتزاز الشركات لا ترخيص لا شرائح


تعليق آي-فون إسلام

أعلم أن البعض ينتظر منا أن نذكر من المخطئ ومن المحق أو ربما يتوقع أن ندافع عن أبل كما يتوهم البعض أننا نفعل دائماً. لكن الحقيقة هي “لا تعليق”. الأمر ليس خلاف بين 2 من الأصدقاء فنبحث من المحق؛ هذا صراع تجاري بين الشركات وسعت كل شركة للاستغلال؛ فأبل وافقت على عقد اتفاقية احتكارية مع كوالكم أضعفت بها إنتل ثم الآن تدفع الثمن. وكوالكم بالغت في الرسوم والشروط والقيود مما جعل الشركات تبحث عن بديل بأي ثمن حتى وإن كان غير قانوني. انظر للأحكام التي صدرت سواء في الصين أو ألمانيا أو أوروبا أو شرق أسيا وستجد أن أبل تخسر قضايا “انتهاك براءات الاختراع” وكوالكم تخسر في قضايا “الاحتكار”.

الشركات لا يحسم قرارها الصواب والخطأ بل المصالح والأرباح

من تراه الشرير في صراع كوالكم وأبل؟ أم تتفق معنا أنه دائماً لغة المصالح تحسم القرارات؟ شاركنا رأيك في التعليقات

المصادر:

NYT | Reuters | MacRumors

مقالات ذات صلة