منذ أكثر من عامين ومبيعات أبل للآي باد تتراجع بشكل متواصل بلا توقف. قدمت أبل نسخ جديدة منه وحتى الآي باد برو بلا فائدة. حللنا عدة مرات هذا الأمر لكنني كنت أفاجئ كل مرة بأن أبل لا تزال أكثر شركة تبيع أجهزة لوحية منذ إطلاقها للآي باد الأول وحتى اليوم. فما السر؟ ولماذا لا تهتم سامسونج المعروفة بتقديم مئات الأجهزة أن تمنحنا أجهزة لوحية بإمكانيات تكافئ هواتفها S و نوت الجديدة؟ وكانت إجابتي لهذا أن السر هو نهاية عصر الجيل الثاني للأجهزة اللوحية.

لماذا انتهى عصر الجيل الثاني للأجهزة اللوحية؟


الجيل الأول للأجهزة اللوحية

ربما لاحظت أنني أكرر عبارة “الجيل الثاني” للأجهزة اللوحية في الجملة السابقة وكذلك العنوان. فما هو هذا الجيل الثاني ومتى ظهر وأين الجيل الأول؟

في فترة التسعينات انتشر جهاز ذكي يدعى PDA وكان أشبه بمفكرة تستطيع تسجيل ملاحظاتك فيها وقدمت أبل وقتها جهازها “نيوتن”. إلى أن جاءت مايكروسوفت في عام 2000 لتقدم للعالم مفهوم الأجهزة اللوحية الحقيقي مع جهاز Pocket PC والذي عمل بنظام ويندوز CE 3.0 وبعدها بعامين قدمت لما ما يسمى “مايكروسوفت تابلت PC” وكان عبارة عن جهاز لوحي حقيقي ويعمل بنسخة معدلة من نظام ويندوز XP الشهير.

Tablet PC

لكن بقيت هذه الأجهزة محدودة الاستخدام والقدرات ولم تحقق مبيعات وذلك لخطأ الشركة وقتها بأنها لم تقدم مفهوم كامل للأجهزة اللوحية بل كانت فقط تقدم جهاز جديد بالإضافة إلى أن التقنية وقتها كانت متأخرة (هذا ما ذكره بيل جيتس بنفسه كرد على سؤال بأنه من المفترض مؤسس الأجهزة اللوحية الحقيقي). لكن هذه الأجهزة وإن كانت لم تجذب نظر ملايين المستخدمين لكنها جذبت نظر واهتمام شخص. هذا الشخص هو ستيف جوبز والذي وجد فيها ضالته المنشوده لمستقبل أبل.


الجيل الثاني

اشتهر جوبز بعبارة أن العباقرة “يسرقون”. لكن يمكننا القول أن جوبز كان سارق -كما وصف نفسه ولسنا نسبه- متطور فهو يلقط الأفكار المميزة ويطورها بمهارته الشهيرة. لذا لم تكن محاولات بل جيتس ثم ستيف بالمر قادة مايكروسوفت في ترويج الأجهزة اللوحية يمكن أن تمر أمام جوبز دون أن يستفاد منها. لذا اجتمع مع قادة شركته وطالبهم بصناعة جهاز لوحي لأبل. وبالفعل قاموا بهذا الأمر وجاءوا له بنسخة من الجهاز اللوحي. فهنا تظهر عبقرية جوبز حيث أخذ منهم الجهاز ووضعه بجواره وقالهم لهم “رائع لكن الناس يحتاجون مثل هذا الشيء لكن هاتف، هيا ابدئوا مشروع هاتف يعمل باللمس.” وكانت النتيجة الآي فون في 2007 وبدأ في تحقيق نجاح عالمي في 2008 وهنا استدعى جوبز الفريق مرة أخرى وقال لهم حان وقت إحياء مشروع جهازنا اللوحي، أريدكم أن تستلهموا كل ما استفدناه من الآي فون لتقدموا لي الآي باد”. وفي بداية 2010 كشف جوبز عن الآي باد. وهنا بدأ الجيل الثاني.

Apple-iPad-Steve-Jobs


السيطرة المستمرة من أبل

عندما اطلقت أبل الآي باد اكتسح مبيعات الأجهزة اللوحية وحقق شعبية غير مسبوقة وجعل كل الشركات تقدم نسخ لوحية سواء مايكروسوفت نفسها أو منافسيها بنظام الأندرويد. لكن ظل الآي باد متفوق وفي بعض الأحيان كانت أبل تبيع ما يفوق كل الشركات فالعالم معاً. والآن وبعد مرور 6 سنوات نجد أن أبل بالرغم من أن أجهزتها معروفة بسعرها المرتفع للغاية فإن أرقام مبيعات الربع الثاني (أبريل-مايو-يونيو) ترينا أن أبل حصتها 25.8% وتساوي تقريباً مجموع مبيعات كل الأجهزة اللوحية من شركات سامسونج ولينوفو وأمازون معاً. لكن إن نظرت للأرقام ستجد أن إجمالي المبيعات تقل فلماذا ماتت؟

Tablet Q2 2016


المزايا التي جعلته ينهار

هل تذكر في أعلى عندما تحدثت أن جوبز أخبر فريقه بأنه يريد أن يقدموا جهاز لوحي ويستفادوا منه بما تعلموه من الآي فون. إذا فيمكننا القول أن الآي باد ما هو إلا “سوبر” آي-فون. أي جهاز آي فون كبير الحجم. ولأن العصر الحالي للأجهزة اللوحية تقوده أبل من البداية فكان المثل من كل الشركات بأن الجهاز اللوحي لهم هو نسخة مكبرة من هواتفهم. لكن مع مرور الأيام بدأت الهواتف تزاد حجماً وحتى أبل أجبرت أن تطلق الآي فون بلس ذو الحجم 5.5 بوصة ومبيعاته تزداد مع الوقت.

iPhone-6-Plus

ومع زيادة حجم الهواتف بدأت وظائف من الصعب القيام بها على الآي فون القديم 3.5 بوصة (الآي فون قبل 5) أصبحت ممكنة مع بلس والذي أصبح بمثابة آي باد ميني ميني أي “آي باد ميني” لكن مصغر. وفي الأندرويد ظهرت وانتشرت فئة الفابلت بل تجد شركات أقوى هواتفها يكون فابلت مثل هواوي في أجهزة Mate وسامسونج في هاتف نوت. ولمن لا يعرف بإن الأجهزة حتى حجم شاشة 5.1 بوصة تسمى هاتف. ما بين 5.11 تابلت حتى 6.99 تابلت تسمى فابلت (أي هجين بين هاتف وتابلت) والأجهزة من 7 بوصة تسمى تابلت. في 2012 باعت الفابلت 25.6 مليون جهاز وقفز الرقم إلى 50.4 في 2013 مع إطلاق الآي فون بلس. ويتوقع أن يصل الرقم إلى 146 مليون هذا العام أي تضاعفت المبيعات 600% في 4 سنوات. لذا لا تستغرب أن تتجاهل الشركات تقديم أجهزة لوحية. فمثلاً سامسونج لديها 356 جهاز تحت اسم “جالاكسي” بالنظر إلى أحدث 70 جهاز منهم تجد هناك 3 تابلت فقط.


الجيل الثالث من الأجهزة اللوحية

الآن وما حدث مع مايكروسوفت وعهدها في العقد الماضي يتكرر في عصر أبل 2010- بأن تتراجع مبيعات التابلت. لكن التقنية علمتنا دائماً أنه لا يوجد شيء يموت. لذا ندعوكم للنقاش في التعليقات عن مستقبل الأجهزة اللوحية. وكيف يمكن تطويرها لتقديم الجيل الثالث. وسوف نفرد مقال جديد بعد أيام لتخيل مستقبل الآي باد ونستعين فيه بما تذكرونه.

هل تتفق معنا أن عصر الجيل الثاني للأجهزة اللوحية قد انتهى وحان تجديدة؟ ومن أين تتوقع الثورة الجديدة؟

المصادر:

Wiki | Wikipedia | IDC

مقالات ذات صلة