يمكننا القول بأن آبل قد تخلت عن بصمة الإصبع بشكل نهائي حيث ذكر أكثر من تقرير أنها ستعتمد بصمة الوجه Face ID في جميع أجهزتها القادمة و الآي-فون X كان البداية فقط.

الآي-فون X

واستخدمت آبل تكنولوجيا معقدة جدا في الآي-فون X وخاصة الأجهزة والمستشعرات المستخدمة لأخذ بصمة الوجه، والتي قدمتها بطريقة أسكتت من دونها من الشركات الأخرى حتى قال محللون أن ابل باستخدامها لهذه التقنيات تقدمت سنوات عن كثير من الشركات المنافسة لها.


تحليل تكنولوجيا Face ID

ذكر بيير كامبو Pierre Cambou “خبير التصوير وأجهزة الاستشعار في شركة يول للتنمية Yole Développement والمتخصصة في تحليل التكنولوجيا” ذكر أن آبل عملت على وضع واجهة المستخدم في موضعها الصحيح، كما أنها تعمل على تجديد تجربة المستخدم بالكامل مع الهاتف الذكي.

وللعلم بالشيء، فإن واجهة المستخدم أو ما يعرف بواجهة الإنسان-آلة: هي الجزء من الآلة المسؤول عن التفاعل بين الإنسان والآلة أو ما يطلق عليه “المستشعرات أو الحساسات” مثل شاشات اللمس والتي تعتبر مثالا حيا على الجزء الفيزيائي المرئي لواجهة إنسان-آلة والتي يمكن أن نراها ونلمسها.

وفي الأنظمة المعقدة تكون هذه الحساسات عبارة عن منظومة من البرمجيات التي تتحكم بأجزاء فيزيائية تستخدم لتفاعل الإنسان مع الآلة، ومثالا على ذلك حساسات بصمة الوجه Face ID في الآي-فون X.

فمن خلال بصمة الوجه، ينظر الانسان ببساطة الى الآي-فون فيفتح، ومن خلالها أيضا يمكنك تحويل الإيموجي الى رسوم متحركة. ويمكن لأجهزة الاستشعار التقاط وتحليل أكثر من 50 حركة مختلفة لعضلات الوجه المختلفة ثم تعكس هذه التعبيرات والحركات على Animoji مختلفة فيقوم بعرض كل حركة تفعلها بوجهك في نفس اللحظة. كذلك يوجد أقنعة تحول المستخدم الى شخص آخر أو الى شيء آخر، كل هذا وأكثر بفضل وجود أكثر من جهاز استشعار في الآي-فون.


الآي-فون X مزدحم بأجهزة الاستشعار

وضعت آبل مجموعة من المستشعرات في مساحة صغيرة جدا في الجزء الامامي العلوي من شاشة الآي-فون X هي:

◉ كاميرا الأشعة تحت الحمراء Infrared Camera

◉ مستشعر الضوء عالي الكثافة أو Flood Illuminator

◉ مستشعر التقريب.

◉ مستشعر الضوء المحيط.

◉ كاميرا أمامية.

◉ مستشعر Dot Projector أو عارض النقاط

◉ مكبر الصوت

◉ الميكروفون

واعترف كثير من الخبراء أن بناء هذه المستشعرات في هذه المساحة الضيقة داخل آي-فون X شيء أكثر تعقيدا. حيث استطاعت أبل أن تدمج مع كاميرا العمق TrueDepth هذه المستشعرات بدقة كبيرة.

وقال كامبو Cambou ” أن آبل تمكنت من ضم فريق كبير من التقنيين للحصول على هذه النتائج العالية حيث توجب عليهم أن يجعلوا هذه المستشعرات مترابطة ومتناسقة مع بعضها البعض بدرجة كبيرة جدا. وهذا ما تم بالفعل فهم كانوا قادرين على القيام بتجميع هذه المكونات المعقدة بهذه الصورة العجيبة.

ويعتقد الخبراء أن شركة STMicroelectronics “شركة إيطالية فرنسية لصناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات تأسست سنة 1957 مقرها في جنيف – سويسرا” هي من قامت بتوريد كاميرات الأشعة تحت الحمراء ومستشعرات القرب. وقامت آبل أيضا باستيراد الكاميرات الأمامية وعارض النقاط Dot Projector من شركة AMS.


كيف تعمل تقنية Face ID

ان جهاز استشعار 3D في آي-فون X يبدأ من مستشعر TOF أو Time-of-flight الذي يتضمن وحدات استشعار عن بعد ورسم خريطة المسافة بدقة شديدة جدا وهذا المستشعر يستخدم في مجالات كثيرة جدا منها: تكنولوجيا استشعار العمق وتكنولوجيا التصوير 3D، والواقع المعزز وتتبع الاجسام والتعرف على الايماءات والكشف عن الكائنات وقياس المسافات وأكثر من ذلك بكثير. وهذه الحساسات هي الأفضل في فئتها لسرعتها الفائقة كما أنها تعمل على تناسق الضوء في الخلفية والعجيب أن حجمه لا يتعدى حجم سن قلم رصاص.

ومجرد أن يلتقط هذا المستشعر الحركة تبدأ المستشعرات الأخرى بالعمل ثم يأتي بعد ذلك ضوء منظم يحسب العمق ومعلومات سطحية عن الكائنات في المشهد.

ويقوم حساسDot Projector بإسقاط نقاط الاشعة تحت الحمراء على الوجه، فبعد تحديد مكان الوجه يقوم هذا الحساس النقطي بإرسال ما يزيد عن 30 ألف نقطة إلى وجهك للحصول على صورة منتظمة ودقيقة جدا.

أما حساس الضوء عالي الكثافة أو Flood Illuminator فوظيفته اصدار إضاءة غير مرئية تقوم برصد مكان وجهك وتحديده حتى في الظلام.

وكل ما سبق يتم لحظيا بمجرد نظرة خاطفة الى هاتفك.


الدقة والأمان

اتفق المحللون على ان أبل استخدمت تقنيات أكثر تقدما وكذلك استخدمت تكنولوجيا استشعار 3D أكثر تقدما من خلال جلب الكثير من المستشعرات المختلفة بحيث يمكن لتقنية بصمة الوجه أن تميز الفرق بين الوجه الحقيقي والصورة.

بخلاف سامسونج التي استخدمت كاميرا واحدة وماسح القزحية للتعرف على الوجه في هاتف سامسونج S8، وبالرغم من ذلك استطاع بعض مستخدمي الهاتف من فتحه بسهولة من خلال صورة ثنائية الأبعاد وذات جودة منخفضة.

وذكر نائب رئيس شركة آبل Phil Schiller ان نظام كاميرا TrueDepth في جهاز آي-فون X يضم عدة أجهزة استشعار تقوم كل هذه الاجهزة برسم 30 ألف نقطة غير مرئية تنشر على الوجه بسرعة فائقة وتقوم بإعداد خريطة دقيقة ومفصّلة للوجه، ثم تغذي هذه المعلومات الشبكة العصبية في آي-فون X والمتمثلة في معالج A 11 Bionic مع المحرك العصبي ويقوم بإنشاء نموذجا حسابيا لوجه المستخدم.

في الصورة التالية تم تصوير نقاط “الأشعة تحت الحمراء” المنتشرة على الوجه

وأيضا تقوم كاميرا TrueDepth على نحو ذكي بدعم ميزات الحساسية لمصدر الانتباه، مثل تعتيم الشاشة عند عدم نظرك إلى iPhone أو خفض مستوى صوت التنبيهات عند عدم نظرك إلى الجهاز. على سبيل المثال، عند استخدام Safari، سيتحقق الجهاز لمعرفة ما إذا كنت تنظر إليه أم لا، وسيقوم بتعطيل الشاشة إذا لم تكن تنظر إليه، وإذا كنت لا تريد استخدام هذه الميزات، فيمكنك فتح “الإعدادات” > “‏Face ID ورمز الدخول” وتعطيل “الميزات المتتبعة للانتباه”.

وقال أيضا: “أن تقنية بصمة الوجه في الآي-فون تتعلم وجهك” حيث تعمل تلقائيًا بالتكيف مع التغيرات في الشكل، مثل وضع مستحضرات تجميل أو نمو شعر في الوجه. وإذا حدث تغير كبير في الشكل، مثل حلق اللحية بالكامل، فستتعرّف تكنولوجيا Face ID على هويتك باستخدام رمز الدخول قبل تحديث بيانات وجهك. تم تصميم Face ID بحيث تستوعب القبعات والوشاحات والنظارات والعدسات اللاصقة والعديد من النظارات الشمسية. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تصميمها للعمل في الأماكن المغلقة والمفتوحة، بل وفي الأماكن المعتمة تمامًا.

وقد عملت آبل مع متخصصين في هوليوود لاختبار الأقنعة المصنعة طبقا للأصل لنجوم هوليوود، وذكرت أبل أن احتمالية إمكانية نظر شخص آخر غير صاحب الجهاز إلى iPhone X وفتح قفله باستخدام Face ID نسبة واحد في المليون مقابل واحد في خمسين ألف لميزة بصمة الاصبع Touch ID.

واعترف Phil Schiller بأن التوأم المتطابق أو الاقارب المتشابهين جدا من الممكن أن يتغلبوا على بصمة الوجه.

وأكد أيضا أنه يتم تشفير بيانات Face ID أو بصمة الاصبع بما في ذلك التمثيلات الحسابية للوجه، كما تتم حمايتها باستخدام Secure Enclave (المنطقة الآمنة) ولا يمكن الاطلاع عليها من شركة أبل نفسها ولا من خلال أي تطبيق يعمل على الجهاز الا اذا سمح صاحب الجهاز بذلك.


مستقبل تكنولوجيا نظام كاميرا TrueDepth

نشر فنان المؤثرات البصرية Elisha Hung فيديو يوضح فيه أنه يمكن استخدام نظام كاميرا TrueDepth الخاصة بالآي-فون X في صنع شخصيات 3D كالمستخدمة في أفلام الأنيميشن، فقام بصنع تطبيق واقع معزز ثم قام بتسجيل تعبيرات مختلفة لوجهه، ثم استخدم خريطة العمق لتحريك نموذج ثنائي الأبعاد من وجهه.

وكذلك يمكن استخدامها في تقنية أفلام CGI أو الصور السينمائية التي يصنعها الكمبيوتر والتي تعتبر أهم عنصر في صناعة الفيلم لدرجة أنه يتم استخدامها في كل الأفلام الآن. ويتم استخدام هذه التقنية في أشياء صغيرة مثل إضافة أو إزالة أشياء في خلفية المشهد، أو تبديل الممثلين بشكل كامل، أو تغيير شكله، أو وضع مشهد كامل، وربما في الفيلم بأكمله. وعندما يتم تنفيذها بشكل صحيح، فأن صور الكمبيوتر يمكن أن تنقل المشاهدين إلى أماكن لا يمكن أن يذهبوا إليها في العادة.

انظر الى الصورة الآتية من فيلم “قراصنة الكاريبي” أليس من الممكن استخدام مثل هذه الأقنعة في آي-فون X بفضل وجود نظام كاميرا TrueDepth؟

فلو أن أن أبل سمحت للمطورين باستخدام هذه التقنية ودعمها في تطبيقات تحرير 3D على الآي-فون فسنرى بالتأكيد اعمالا فنية رائعة.

كما يمكن تطبيق هذه التقنية المستخدمة في نظام TrueDepth مع تطبيقات طرف ثالث على شخصيات مشهورة أو مع الإنسان بصفة عامة بدلا من تطبيقها على المخلوقات والحيوانات والرموز التعبيرية المختلفة.

واحقاقا للحق، قد لا تكون دقة نظام TrueDepth مثل المعدات والأجهزة المستخدمة في هوليوود، ولكنها يمكن أن تفتح سبيلا جديدا لهواة الفيديو والرسوم المتحركة.

وأعتقد أن أبل بذلك تلفت الانظار الى تقنية جديدة يمكن من خلالها توفير مئات الآلاف من الدولارات لشراء معدات التقاط الحركة الخاصة بتقنية CGI.

وباختصار، فان العديد من أجهزة الاستشعار المنتشرة في آي-فون X موجودة في المقام الأول لاستخدامها في التعرف على بصمة الوجه، ثم أضافت أبل طرقا أخرى لاستخدامها سواء من باب المرح والتسلية أو للاستفادة منها مثل الأنيموجي وتطبيقات الواقع المعزز فقط .

ويعتقد كامبو Cambou أن هذا التنوع في استخدام هذه المستشعرات وعدم اقتصارها على عمل واحد إنما هو عبقرية من آبل حيث قال ” انهم يهتمون بجمهورهم جيدا”، ونحن نأمل أن تتوسع أبل فهذا التنوع.


مزيد من التحسينات عى بصمة الوجه Face ID

من الواضح أن آبل طورت تقنية استشعار ثلاثية الأبعاد بطريقة مدروسة جيدا لأجهزة الآي-فون X، وما زالت هذه التقنية في بداياتها وبالتأكيد ستكون هناك تحسينات ضخمة لها في المستقبل مثل التعامل مع أشعة الشمس الساطعة فنادرا ما تتأثر بصمة الوجه بأشعة الشمس وذلك ربما يكون بسبب وجود تعارض بينها وبين الأشعة تحت الحمراء.

ولا شك أن ما قدمته أبل من مجهود واضح في تكنولوجيا Face ID بهذا الشكل المعقد ونجاحها في التنسيق بين هذه المستشعرات دليل واضح على أنها لا تدخر جهدا في تقديم كل جديد بأسلوبها الخاص الذي عهدناه من الآي-فون الأول.


ما رأيك فيما قدمته آبل في تقنية بصمة الوجه؟ وإذا كنت تملك آي-فون X اخبرنا عن تجربتك مع بصمة الوجه؟ وما اقتراحاتك لجعل هذه التقنية مفيدة أكثر؟ أخبرنا في التعليقات.

المصدر:

dronezon|9to5mac|eetimes

مقالات ذات صلة