كل سنة يأتي مؤتمر أبل مع شيئين مؤكدين، أولها أن أبل سوف تقوم بعرض عملاق لأي منتج مهما كان، ثانيها صنبور الشكوى بشأن كم كان المؤتمر مملاً أو أن المنتجات لم تأت بالمزيد أو الجديد. فلماذا لا تأتي أبل بالجديد أبداً؟

لن أتحدث كالمعتاد عن التحديثات التي يغفلها الناس أو أن أبل تحتاج وقتاً لكي تستطيع مصانع مورديها إنتاج التقنيات بالأعداد الكبيرة والمواصفات المطلوبة، بل أتطرق للعوامل المؤثرة على إحساسنا النفسي بالحدث.

لهاذا السبب لم يأت الآي-فون 13 بالجديد


آمال محبي التقنية

لهاذا السبب لم يأت الآي-فون 13 بالجديد

هناك فارق كبير بين المستخدم العادي والمستخدم المحب للتقنية، المستخدم العادي يود شراء هاتف رائع ذو مزايا جيدة ليعتمد عليه في حياته اليومية ولمدة سنين، ثم يأتي موعد التجديد عند خرابه ليشتري آخر بنفس الجودة أو أفضل. أنا وأنت يا (صديقي) كمتابعي تقنية دائماً نريد تغييراً يرضي فضولنا لأننا نستمتع بالجديد والمثير.

تخيل في هذا السيناريو مالكاً للآي-فون 7 (والذي ما زال يعمل بكفاءة حتى الآن) لكنه مل من هاتفه ويريد التغيير أو أن استخدامه ثقيل وقد قضى على الهاتف، سوف ينظر للآي-فون الأحدث بداية من 13 ميني ويجد التغيير الجذري في المواصفات والسرعة والشاشة إلى آخره، هذا تغيير بالنسبة له عملاق، فالآي-فون الجديد كل سنة ليس مخصصاً لإغراء من يمتلك هاتف السنة السابقة.

فلماذا تتم دائماً المقارنات مع جهاز السنة السابقة بعنف؟ ببساطة لأن التقنية أصبحت مثل التلفاز أو مسلسل نتابعه. دائماً نريد المزيد من التشويق.


مادة رائعة للإعلام

فعنوان مثل “هذا كان أكثر مؤتمر ممل من أبل” أو “لماذا لا تأتي أبل بالجديد” هو عنوان شيق وسوف يضغط عليه كثير من الناس. لذا تمتلئ المواقع التقنية بهذه العناوين سنة بعد الأخرى.


أبل شركة بطيئة

يعتبر الجميع أن أبل كانت دائماً تلك الشركة السباقة بكل شيء مبدعة التقنيات الجديدة من العدم، كل هذا بسبب أنها أول من قام بطرح الهاتف الذكي بشكله الذي نعرفه ونظام iOS، لكن في الحقيقة أبل شركة جد بطيئة، دائماً تنتظر وتطور بهدوء قبل طرح ميزة ما. مثلاً شاشة 120 هيرتز التي تم طرحها في الآي-فون الجديد كانت لتعتبر ثورية من قبل المتابعين (كما حدث عند إعلانها في الآي-باد) إن كانت أبل أول شركة تطلقها، لكن لا نشعر بأنه تحديث كاف لأننا كمتابعين قد رأيناه في عدة أجهزة قبل الآي-فون. وليس هذا بالجديد فهذه طبيعة أبل منذ الأزل.

مثال آخر هو شاشات OLED التي تبنتها سامسونج منذ الأزل مع ألوانها الفاقعة ومشاكل الاحتراق. بينما لم تأت أبل بشاشة من نوع OLED حتى الآي-فون X.


أولويات المشتري الحقيقية

عند مقارنة الشركات، تجد كل واحدة تستهدف فئة أو عدة فئات من المستخدمين. فتجد هواتف للمستخدم الساعي خلف أفضل أداء وأقل الثمن، مثل معظم هواتف شركات شاومي. كما تجد هواتف تستهدف محب الجديد مع المغامرة مثل هواتف سامسونج جالاكسي Fold القابلة للطي.

أما أبل فلديها جمهور محدد، مكون في غالبيته من محبي نظام iOS البسيط والسلس ومتجر البرامج المليء بتطبيقات عالية الجودة والكاميرا التي تنتج صوراً وفيديو يمكنه الوثوق بها دون تطبيق معقد وأخيراً أجهزة ذات مظهر أيقوني وجودة بناء عالية مع إكسسوارات منتشرة في كل مكان.

هذا ينطبق على 85-90% من مستخدمي الآي-فون. هم فقط يريدون أفضل آي-فون متاح. أما مستخدم شاومي فيمكنه التبديل لسامسونج بسهولة إن وجد ميزة واحدة تعجبه أكثر هناك. فليس هناك مجموعة من الأسباب تربطه بشدة بجهاز آندرويد معين.


وهذا يعطي أبل وقتها في التحديث

لهذا ليس على أبل أن تسارع في الركض خلف المستخدمين ومسابقة الجميع في إصدار الجديد والمزايا الاختبارية غير الجاهزة مثل الشاشات القابلة للطي كي تتمكن من صيد المشتري.

ترى هذا في جهاز الآي-فون SE. فدائماً ترى الأجهزة من فئة 400 دولار تحاول جذب المستخدم بميزة واحدة كبيرة، مثل أن تكون الجهاز الرخيص ذو الشاشة 120 هيرتز/ 90 هيرتز وبطارية عملاقة مثل جهاز Oneplus Nord، أو الجهاز الرخيص ذو الكاميرا الفائقة مثل بيكسل 4A.

أما الآي-فون SE فنقطة بيعه ليست الشاشة الأفضل، أو الكاميرا الأفضل من غيره بمراحل، أو البطارية الجبارة. بل هي أنه الآي-فون الذي يكلف 399 دولار. وهذا يكفي لمشتريه.


استراتيجية أبل

تتكون استراتيجية الآي-فون من جزئين:

ضمان جودة الأساسيات: فهناك أشياء يفترضها مشتري أبل وتلك غير قابلة للنقاش. وهي الأداء الأفضل في السوق، ولذلك تهتم أبل بتطوير المعالج كل سنة والحفاظ على سلاسة iOS. والكاميرا الممتازة، وهذا تحديث معتاد سنوياً. وجودة الصناعة.

تطويرات صغيرة ومزايا حصرية: وهذه التي تجعل هاتف أبل “ينضج” أكثر مع كل سنة في التفاصيل وتشعر المستخدم بإحساس جيد دون أن يعرف لماذا. مثل:

  • ميزات Haptic touch واللمس ثلاثي الأبعاد مع أن الأخيرة تم إزالتها ويجري إعادة هندستها.
  • شبكة find my التي تم تطويرها على مدى السنوات وتعمل الآن بدون انترنت حتى للعثور على هاتفك أو جهاز الماك بوك أو Air Tag أو حتى السكوتر الخاص بك إن كان يدعمها.
  • جودة الاهتزازات في الجهاز.
  • ميزات مثل التكامل بين أجهزة أبل و continuity التي تسمح باستكمال عملك على أي جهاز أبل.
  • أشياء صغيرة في التصميم مثل الحواف موحدة السمك على حواف الجهاز جميعها في حين أن معظم الأجهزة الأخرى تحتوي على “ذقن” في أسفل الجهاز أكثر سمكاً من باقي الحواف.
  • مزايا وأدوات للمطورين وقواعد تصميم حتى تحافظ على تفوق متجر التطبيقات دائماً.

التسريبات

وأخيراً، تلعب التسريبات دوراً كبيراً في قلة الحماس بعد المؤتمرات. فنحن نعلم معظم مزايا الأجهزة الجديدة وتصميمها قبل صدورها وأحياناً بسنوات. ما يتركنا فاقدين للحماس عند اعتلاء تيم كوك للمسرح.


هل شعرت بأن الآي-فون 13 ممل؟ ماذا عن الآي-فون 11؟ وما هو آخر آي-فون شعرت أنه مثير؟ شاركنا برأيك هنا👇

مقالات ذات صلة