من تَبِعات التقنية ووسائل التواصل قلة التركيز وسرعة التشتت، حتى إنك عزيزي القارئ سيشق عليك أن تصل إلى ما بعد هذه الفقرة، وأحسنكم حالًا سيمر سريعًا على أسطر المقال. لنعقد صفقة؛ مني الإيجاز ومنك التركيز ❤️

كثيراً مما يتمحور حول شبكات التواصل الاجتماعي خاطئ

التسمية خاطئة:

يُفترض بمواقع التواصل الاجتماعي أن تحقق ما تدعيه تسميتها. اسأل نفسك هل تُراك حققت تواصلًا مجديًا من خلال هذه الشبكات؟ لعلك استخدمتها للاتصال بشخص يبعدك مسافةً، ولكن على الأرجح أُلفة التواصل غير حاضرة. إذًا الاسم الأكثر دقة هو: شبكات/وسائل الاتصال (وليس التواصل).

الاستخدام خاطئ:

نشأت هذه الشبكات على أساس تسهيل التواصل والمشاركة بين الشخص ومعارفه بالمبدأ الأول، ولربما تكوين علاقات جديدة ضمن نطاق محدود. ما الهدف الذي تتصفح لأجله مواقع التواصل الآن؟ وكم يشغل اهتمامك بمستجدات معارفك؛ مقارنةً بتتبعك فلان الذي لا يُدرك وجودك على الكوكب؟ ما معدل نشرك لمكتوبك ومرئياتك ومنتجك مقارنة بالاقتباسات وإعادة النشر؟ هذه الشبكات تحتاج لإعادة توصيف حتى يدرك مستخدمها ما هو مقبل عليه، ولا تضلله غاياتها القديمة.

البرمجة خاطئة:

متى ما سمعت شركة تجارية تحدثك عن قيمٍ وأخلاقيات فأسِرَّ في نفسك ضحكة ثم أبدها لهم. لو تيقنت تلك الشركات أن خرابك سيزيد مردودهم لجعلت من ذلك قيمتها الأسمى. مواقع التواصل مبرمجة بحيث تبقيك في صفحاتهم لأطول مدة ممكنة لتستهلك تركيزك ووقتك ومشاعرك ونفسيتك وجيبك وخصوصياتك، ألا ترى أنك تمرر صفحاتها للأسفل لعلك ترى قاعًا؟ أصدمك؟ لن تجد لها قاعًا، بل تنحدر بمدمنيها إنهاكًا وإفسادًا بلا نهاية.

التطور خاطئ:

الحالة المثالية للتواصل بين البشر هي اللقاء المباشر واستخدام كافة الحواس لإيصال المضمون والمشاعر، بدأنا بالمكالمات التي حرمتنا المواجهة، ثم المحادثات المكتوبة التي أفقدتنا التواصل الصوتي، ثم وثم وثم .. حتى سلبنا الواقع الافتراضي/المعزز قدر ما استطاع من حواسنا. أيتها التفاحة: استعراض أعيننا على شاشة خارجية لن يغني عن عقد حاجب، ولا بريق عين، ولا جمال أهداب.

أما بعد:

فإتباعًا لمقالي السابق عن توحش فيسبوك وسيطرتها على مجال شبكات التواصل الاجتماعي؛ فقد تممت شركة ميتا بسط نفوذها على ما تبقى من تطبيقات/شبكات التواصل، ومعها بسطت نفوذها على أدمغتنا وعلاقاتنا لتشكل طريقة تفاعلنا. نشهد الآن صراعًا بين تويتر وذراعًا صغيرًا لأخطبوط التواصل (ثريدز)، وهو صراع لا يُفضي للمستخدم النهائي إلا مزيدًا من نشوة التكاثر في المتابعين، وتهافت المتسابقون للحصول على أولوية الانتساب.
تطور التقنية الاستهلاكية يتسارع بمعدل يفوق وعي الإنسان بسلوكيات الاستخدام السليمة. متى زاحمتك منشورات وتفاهات التواصل الاجتماعي احرص على أن تجعل الغرفة المسكونة في رأسك هادئة ومرتبة، أفرش بها سجادة واحجز ركنًا لعلم رصين وزاوية أخرى لتمارين العقل، وللأحداث المزعجة اترك سلة مهملات عند مخرجها.

كاتب المقال:البراء أبو الحمايل

ما رأيك في استمرار توحش فيسبوك؟

مقالات ذات صلة