معالجات AI في الهواتف الذكية

بعد أن بدأنا نشعر أن عالم الهواتف الذكية يتجه نحو الركود النسبي في مجال الأمور الثورية وأن الهواتف الجديدة تأتي فقط بتحسينات في الأداء والكاميرا والتصميم جاء عام 2017 ليكشف عن توجه جديد حيث بدات الشركات في الكشف عما تسميه “معالجات AI لدعم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة” ولكل شركة طريقتها المختلفة في استخدام وتطوير هذا المعالج لكن ما هى هذه المعالجات التي تتفاخر الشركات بها؟

أعلنت شركة هواوي في معرض IFA 2017 بالعاصمة الألمانية برلين عن إطلاقها للمعالج الجديد Kirin 970 والذي استخدمته في جهازها Mate 10، واصفة إياه بالمعالج الأول من نوعه حيث زود بوحدة معالجة عصبية تسمى “NPU” أو Network Processor Unit ووصفته أيضا ” بالذكاء الاصطناعي الحقيقي” وهذا المعالج قادر على المعالجة المتوازية والفورية في الوقت الحقيقي، والقادر أيضا على إدراك المهام المعرفية مثل الفهم والتنبؤ والتعلم والقدرة على فرز البيانات وتحليلها، وتصنيفها وغير ذلك الكثير أشبه ما يكون بالعقل البشري، وتستخدم هذه المعالجات طاقة منخفضة عن المعالجات الأخرى.

ثم أعلنت آبل عن معالج A11 المزود بمحرك عصبي Neural engine في أجهزتها آي-فون 8 وآي-فون 8 بلس وآي-فون X، وقالت الشركة عنه أنه مصمم خصيصا “للتعلم الآلي” بالإضافة أيضا الى استخدامات أخرى كثيرة.

ومنذ أيام قليلة مضت أعلنت كوالكوم عن معالج Snapdragon 845 والحقيقة هو معالج قوي ويركز بشكل كبير على التصوير الفوتوغرافي وجعله أكثر واقعية اذ يضم بين طياته معالج رسوميات Adreno 630، ومزود أيضا بمعالج إشارات الصور Spectra 280 والذي يسمح بتصوير فيديو “Ultra HD premium” بمعدل 60 إطار في الثانية، وفاق هذا المعالج درجة 100 في تقييم DxOMark .

ما هو معالج AI

في مستقبل الأيام ستسمع مصطلح معالج AI كثيرا كما كنت تسمع في الماضي علن معالج CPU. اذ يشير معالج AI إلى الحوسبة متعددة الخواص والتي تشير بدورها إلى الأنظمة التي تستخدم أنواع متعددة من المعالجات لكل منها وظائف محددة والتي تهدف إلى أداء قوي وتوفير للطاقة، والحقيقة أن هذه الفكرة ليست جديدة فكثير من الشرائح الموجودة الآن قائمة على هذا النظام.

في الثلاثة اعوام الماضية اعتمدت معالجات CPU في الهواتف الذكية على تقنية ARM’s big.LITTLE . ولمن لا يعرف تقنية big.LITTLE هي عبارة عن تقنية وفرتها شركة ARM لتوفير الطاقة بينما تحافظ على قوة أداء المعالج عن طريق تبديل عملية قيادة المهام بين أنوية المعالج، بمعنى أن المعالج سوف يكون مقسم الى قسمين، القسم الأول سيكون مخصص للمهام القوية، والقسم الثاني سوف يكون للمهام التي لا تحتاج إلى معالج قوي لأدائها. واستخدمت هذه التقنية قديماً في معالجات هواتف Samsung Galaxy S4 و Huawei’s Mate 8 و Honor 6.

في هذا العام أخذت معالجات AI المفهوم السابق خطوة أبعد من ذلك بكثير وذلك عن طريق إضافة عنصر مخصص لتنفيذ مهام التعلم الآلي. على سبيل المثال فان معالج Snapdragon 845 يمكنه الاستفادة من معالج الإشارات الرقمية (DSP) لمعالجة المهام التي تتطلب وقتا طويلاً وتتطلب عمليات حسابية متكررة، مثل الاستماع إلى الكلمات المهمة مثل “يا سيري” في الآي-فون، أو “OK Google” في أجهزة الأندرويد.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد ذكر Gary Brotman مدير إدارة منتجات شركة كوالكم ورئيس إدارة قسم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في نفس الشركة “أن أنشطة كثيرة منها التعرف على الصور تدار بشكل أفضل من خلال معالج الرسوميات المدمج مع معالجات كوالكم الجديدة”.

وفي الوقت نفسه، فإن معالج A11 الخاص بشركة آبل يستخدم محرك عصبي مدمج في معالج الرسوميات الخاص به ليزيد من سرعة التعرف اللحظي على الوجه والأنيموجي وبعض تطبيقات الطرف الثالث.

وهذا يعني عندما تقوم باستخدام الأشياء السابقة على آي-فون X  فإن معالج A11 يعطي الإشارة إلى المحرك العصبي لإجراء العمليات الحسابية اللازمة ورسم خريطة للوجه للتحقق منك أو للتعرف على تعابير وجهك المختلفة اثناء استخدام الأنيموجي أو تطبيقات أخرى.

وفي معالج Kirin 970، فإن من ضمن ما تقوم به وحدة المعالجة العصبية الخاصة به هو المسح الضوئي للصورة وترجمة الكلمات الموجودة بها من خلال تطبيق مترجم مايكروسوفت، وهو التطبيق الأمثل للقيام بمثل هذه الأمور.

وقالت هواوي إن تركيبة الحوسبة غير المتجانسة أو متعددة الخواص في معالج AI تزيد من أداء باقي المكونات على شرائحها، لذلك فان مهام هذا المعالج تتخطى بكثير كونه وحدة معالجة عصبية مخصصة لمهام معينة فقط.

من مميزات معالج AI

◉ إن البنية الجديدة لهذا المعالج والتي تعني في المقام الأول التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، والتي كانت تعتمد من قبل على الحوسبة السحابية، فيمكن الآن أن تنفذ على الجهاز على نحو أكثر كفاءة.

◉ ومن المميزات، عندما تقوم بتطوير تطبيقات أو برامج تعتمد على الذكاء الاصطناعي، فسيكون من السهل التطوير والاختبار على الهاتف نفسه دون الحاجة لاستخدام خدمات خارجية عبر الإنترنت.

◉ وباستخدام هذه المعالجات على هاتفك يمكنك فعل أكثر من شيء في وقت واحد، مثل الترجمة الفورية عن طريق مسح النصوص بكاميرا هاتفك بدلا من إرسالها إلى الإنترنت.

هذه المزايا تعد أفضل من ناحية الخصوصية مما يعني أنّه من الممكن ولو بنسبة ضئيلة أن يتم اختراق هذه البيانات خلال عمليات الإرسال والاستقبال، ولكن مع هذه الشرائح يمكنك القيام بهذه العمليات دون الحاجة لإرسال واستقبال أية بيانات عبر الإنترنت.

◉ ومن المميزات أيضا: توفير الطاقة، فكلنا نحذر أشد الحذر عند استخدام التطبيقات فتجد أكثرنا ينظر كل لحظة الى علامة البطارية وإلي كم وصلت النسبة المئوية، ويزداد الأمر سوءا إذا كنت على سفر ولم تأخذ الشاحن معك، إذا عليك أن تفعل نمط الطاقة المنخفض وتقوم بإغلاق بيانات الهاتف والواي فاي والبلوتوث وتجعل إضاءة الهاتف إلى أقل من النصف ولو تتطلب الامر أن تغلق الهاتف لتوفير الطاقة لفعلت. فمن حقنا أن نستخدم كل إمكانيات الهاتف بدون تعطيل أي خاصية فلماذا نجبر على تعطيلها لتوفير البطارية؟

يبدو أن الأمر مختلف هذه المرة كما يقولون فمع تطوير هذه المعالجات الجديدة التطوير الأمثل، ودعمها في الانظمة والتطبيقات، فان الاستخدام المكثف لن يحتاج الى جهد كبير من معالج AI على عكس المعالجات الاخرى المستخدمة بكثرة اليوم فإنها تبذل قصارى جهدها لتشغيل التطبيقات مما يستهلك كثيرا من طاقة البطارية.

توضيح هام

ولنكون واضحين أكثر، فان هذه التقنية ما زالت في مراحلها الأولى ولم نرى لها فوائد ملحوظة في العالم الحقيقي بعد. كذلك لم يتم دعم هذه التقنية من قبل المطورين بشكل كامل وربما السبب أنها غير مدعومة بشكل واسع في الهواتف فهى فقط في الآي فون 8/X وهاتف هواوي ميت 10 وتنتظر الشركات الأخرى مثل سامسونج و HTC وسوني وغيرهم معالج سناب دراجون 845 كي يدعموه.

وحتى في الشركات التي تستخدم هذه التقنية لم تستخدمها إلا في حالات محددة فقط مثل أبل في بصمة الوجه Face ID والأنيموجي. وما علينا إلا الانتظار حتى نرى نتيجة السباقات بين الشركات ويتم الافراج عن الفوائد الحقيقية لهذه المعالجات.

المصدر:

engadget